لا يزال الارتباك يسود المفاوضات بين الأحزاب في مصر لخوض الانتخابات البرلمانية المرتقبة، ما عزته قيادات حزبية إلى غموض يكتنف العملية الانتخابية برمتها، إذ لم يصدر بعد قانون تقسيم الدوائر الانتخابية الجديد بعد أن أقر قانون الانتخابات نظاماً جديداً لإجرائها، فضلاً عن عدم إعلان توقيتات بدء العملية الانتخابية. وكانت اللجنة القضائية المشرفة على التشريعيات أعلنت الشهر الجاري البدء في إجراءات الاستحقاق، بانتظار إصدار السيسي قانون تقسيم الدوائر الانتخابية ليتبعه إعلان توقيتات فتح باب الترشح وترتيبات الاقتراع. وبحسب قانون انتخابات البرلمان، فإن مجلس النواب يتكون من 567 عضواً، بينهم 540 بالانتخاب يُختار 420 منهم بالنظام الفردي و120 بالقوائم المغلقة المطلقة. وتُجري الأحزاب منذ أسابيع مفاوضات لخوض الانتخابات في تحالفات كبرى، تضمن لها الفوز بأكبر عدد ممكن من مقاعده، لكن تلك المفاوضات لم تثمر اتفاقاً حتى الآن. ويعكف السياسي عمرو موسى على تشكيل «تحالف الأمة المصرية» الذي يأمل أن يضم أحزاب «الوفد»، و «المصري الديموقراطي الاجتماعي»، و «التجمع»، و «المؤتمر»، و «الإصلاح والتنمية»، و «المحافظين». لكن حزب «الوفد» أعلن قبل أيام خوض الانتخابات ضمن «تحالف الوفد المصري» الذي قال إنه سيضم أحزاب «المصري الديموقراطي الاجتماعي» و «الإصلاح والتنمية» و «المحافظين»، وهي الأحزاب التي تشكل القوام الرئيس لتحالف موسى. ويسعى رئيس الوزراء السابق المقيم في دولة الإمارات أحمد شفيق إلى تشكيل «تحالف الحركة الوطنية» الذي يضم أحزاباً نشأت بعد الثورة على أيدي قيادات محسوبة على نظام الرئيس السابق حسني مبارك وحزبه المنحل «الوطني الديموقراطي». وتُجري أحزاب محسوبة على الثورة منها «مصر الحرية» و «الدستور» و «التحالف الشعبي الاشتراكي» و «الكرامة» و «التيار الشعبي» مشاورات لتشكيل تحالف آخر تغلب عليه نزعة المعارضة، كما أعلنت شخصيات عامة اعتزامها تشكيل تحالف للمستقلين. أما التيار الإسلامي، فتتجه غالبية مكوناته إلى مقاطعة الانتخابات، ضمن استراتيجيتها المعلنة بعدم الاعتراف بشرعية النظام، بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي. لكن حزب «النور» السلفي المؤيد للحكم الحالي سيخوض الانتخابات على الأرجح. وقال ل «الحياة» الأمين العام لحزب «مصر الحرية» شهير جورج، إن القوى المشاركة في نقاشات تشكيل تحالف يرفع شعارات الثورة «لم تُقرر في شكل نهائي المشاركة أو مقاطعة الاقتراع. قانون تقسيم الدوائر لم يُعلن، وعلى أساسه سنقرر إن كنا سنخوض العملية الانتخابية أم لا، ولو خضنا هل سيتم توسيع التحالف أم لا». وأوضح أن الأرجح هو خوض الانتخابات، «لكن هناك خيبة أمل جراء تجاهل اقتراحنا تعديل قانون الانتخابات»، لافتاً إلى أن «الأحزاب قدمت مذكرة للجنة التشريعية التي شكّلها الرئيس من أجل تعديل القانون، لزيادة نسبة المقاعد المخصصة لنظام القائمة على أن يعتمد القانون نظام القائمة النسبية لا المغلقة من أجل إثراء الحياة الحزبية، لكن للأسف لم نتلق أي رد بخصوص تلك المذكرة» وصدر القانون متجاهلاً الاقتراحات. وأضاف أن «غياب الترتيبات والقرارات الخاصة بالانتخابات يُسبب عدم وضوح رؤية لدى الأحزاب، لذلك لا قرار واضحاً في شأنها. وليس غريباً ألا نعرف هل سنخوض الانتخابات أم لا لأننا لا نعرف متى أو كيف ستُجرى... كل الخيارات مطروحة ولا نستبعد شيئاً». لكن الناطق باسم حزب «الدستور» خالد داوود أوضح ل «الحياة» أن نية الأحزاب المحسوبة على الثورة تتجه إلى المشاركة في الانتخابات، منتقداً غموض الإجراءات الحكومية في شأنها. وقال: «لم نصل إلى أي قرار، لأن أي اتفاق على التحالف يقتضي في البداية درس تقسيم الدوائر حتى يعرف كل حزب مناطق قوته وضعفه. لم نحسم شيئاً لأن القانون لم يصدر». وأوضح أن «جهوداً تبذل لتوسيع التحالف المدني. نسعى إلى أكبر تحالف مدني، لكن لن نتحالف مع أي أحزاب معروفة علاقتها بالحزب الوطني المنحل أو بجماعة الإخوان والتيار الديني». وأضاف أن «إجراء الانتخابات بنظام القائمة المغلقة يقتضي التحالف، ونأمل أن يضم التيار الديموقراطي أحزاب الوفد والمصريين الأحرار والمصري الديموقراطي الاجتماعي». ولفت إلى أن رئيس الحزب هالة شكر الله التقت قيادات في هذه الأحزاب في إطار «مشاورات توسيع التحالف». وقال: «نعلم أن هناك خلافات بيننا وبين هذه الأحزاب. نحن دعمنا حمدين صباحي في انتخابات الرئاسة وهم دعموا الرئيس عبدالفتاح السيسي، لكننا نسعى إلى تشكيل تحالف مدني قوي. ولو كانت هناك خلافات قوية بيننا، فإنها تظل أقل من خلافاتنا مع الفلول والتيار الديني، وهو التيار التقليدي المؤهل لحصد المقاعد الفردية لو لم يتحالف التيار المدني لتشكيل كتلة قوية تنافس التيارين». لكنه شدد على أن «أهم شيء معرفة خريطة تقسيم الدوائر».