قال مصدر ديبلوماسي أميركي ل«الحياة»، إن «علينا وعلى المجتمع الدولي القيام بجهد قوي من أجل عزل لبنان عن الأزمة السورية ومنع امتدادها إليه». وأضاف: «ندين بقوة الخروق السورية للحدود مع لبنان، ولا نعتقد أن التهديدات السورية التي أُطلقت في اليومين الماضيين تساعد في تهدئة الأمور على الحدود». وأكد المصدر الديبلوماسي أن الولاياتالمتحدة الأميركية أبلغت من يجب قلقَها من انعكاسات ما يحصل في سورية على لبنان. وتوقف المصدر عند البيان الصادر عن مجلس الأمن الخميس الماضي، للقول إن الدول الأعضاء الخمس عشرة فيه تشاطر الولاياتالمتحدة الأميركية هذا القلق. وأضاف: «إن دعوة البيان الذي صدر عن أعضاء مجلس الأمن إلى حفظ الاستقرار في لبنان وإبداء القلق من الخروق السورية على الحدود وحض الأطراف اللبنانيين على إجراء الانتخابات وفقاً للدستور، هو موقف مهم في نظرنا. وكما هو معروف، نحن مختلفون مع روسيا والصين على الأزمة السورية، لكن هذا البيان يدل إلى توافق الدول ال15 على حفظ الاستقرار في لبنان، وإلى أنها تريده مثلما نريده نحن، وهو صدر بعد المشاورات في المجلس حول التقرير المتعلق بتطبيق القرار 1701». ونفى المصدر التقارير عن أن الجانب الأميركي ناقش مع رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي مسألة ذهاب حكومته، وقال: «نحن سمعنا أنه صرح بأنه يريد قيام حكومة حيادية أو حكومة وحدة وطنية تشرف على الانتخابات، ونحن نفهم ذلك، لكننا لم نناقش معه هذا الموضوع أو مع آخرين». وحين قيل للمصدر الديبلوماسي الأميركي إن واشنطن تصر على إجراء الانتخابات النيابية في لبنان، لأنها باتت تعتبر أنه بالانتخابات تذهب هذه الحكومة التي باتت تراها خاضعة ل «حزب الله»، قال المصدر: «نحن ناقشنا موضوع الانتخابات معه مثلما فعلنا مع غيره، وموقفنا واضح في هذا الشأن. ندعم إجراء الانتخابات في موعدها. أما هل تحتاج هذه الحكومة إلى تغيير أو إلى إنعاش، فسواء كانت تحتاج ذلك أم لا فإن لبنان يحتاج إلى إجراء الانتخابات، والدستور يقول إنه بحصولها هناك حكومة جديدة. هذه هي الآلية الطبيعية والعملية السياسية والدستورية التي يجب تطبيقها». وتابع المصدر:«بالنسبة إلينا، من المهم التركيز على الانتخابات. إنها مهمة في نظرنا لتجديد التفويض للبرلمان وفسح المجال أمام اللبنانيين ليعبّروا عن رأيهم في عملية تجديد البرلمان، وأيضاً قيام حكومة جديدة». إشارة سيئة إلى الخارج ورداً على سؤال آخر حول تغيير الحكومة وقول سفراء الدول الأجنبية إنها لم تعد راضية عنها، نظراً إلى خرق طرف أساسي فيها هو «حزب الله» سياسةَ النأي بالنفس، واعتبار بعضها أن للاستقرار أولوية إذا كانت الانتخابات ستهدده، اعتبر المصدر أن الجانب الأميركي لم «يبحث هذا الأمر مع السفراء الغربيين، ولا نعرف عن ذلك، لكن من الواضح أن هناك عدم رضا في البلد (عن الحكومة)، والقطاع العام يتذمر، والقضايا الداخلية صعبة، لكن لا موقف لنا منها. وهذا سبب لنعتقد أنه إذا لم تجر انتخابات فإن هذا يبعث إشارة سيئة إلى الخارج. وإذا اعتبر لبنان أن هناك عدم استقرار إذا جرت الانتخابات، فما هي الرسالة التي يبعث بها للمستثمرين الأجانب وللمغتربين؟ إنها إشارة سيئة. لقد درج لبنان على إجراء الانتخابات في الوقت المحدد. وعدم حصولها هذه المرة سيكون محبطاً». وأكد المصدر أن الموقف الأميركي هو الذي عبَّر عنه وزير الخارجية جون كيري في بيانه الخميس الماضي، والذي دعا فيه إلى أن تجري الانتخابات وفقاً للدستور». وعن التباين الذي ظهر بين السفيرة الأميركية مورا كونيللي وبين رئيس البرلمان نبيه بري حين اجتمعت به، وأنها ذهبت إلى إجراء الانتخابات وفق القانون الحالي (قانون الستين، المرفوض من بري ومن قوى أخرى)، قال المصدر إن «البعض قال إن السفيرة مع قانون الستين، في النهاية مَن يقرر أيَّ قانون انتخابي هم اللبنانيون، ويجب أن تجري الانتخابات في موعدها، لكن عليهم أن يقرروا ماذا يريدون، إنما إذا لم يكن هناك اتفاق على القانون فيجب إيجاد طريقة ما. يحكى عن تأجيل تقني، والبعض الآخر يرفض التأجيل. في رأينا أن كل هذا النقاش لا يشكل تبريراً لعدم إجراء الانتخابات، استناداً إلى الواقع على الأرض. نكرر من منظارنا كدول أجنبية، أن عدم إجراء الانتخابات يرسل إشارة سيئة عن لبنان إلى الخارج». سيادة لبنان وأضاف المصدر: «عدم إجراء الانتخابات سيُفهم على أنه بسبب الأزمة في سورية، وهذا ليس جيداً، لأننا حين نقول إننا ندعم لبنان السيد والمستقل والمستقر، وهذا مبدأ مهم بالنسبة إلى واشنطن تستمر في التذكير به، فإن هذا التبرير لعدم إجراء الانتخابات يعني أن هناك ما يمس بالسيادة اللبنانية وأنها غير محترمة». واعتبر المصدر أنه إذا كان هناك من يربط تأجيل الاستحقاق النيابي باتضاح مصير الأزمة السورية، فهذه حجة غير مقنعة، «ويجب أن يُسأل الذين يقولون بها عما يقصدونه». وكرر المصدر القول: «نحن لم نقل للحكومة إنها لا يجب تستمر، وفي كل الأحوال لم نحضنها من البداية، وكنا متحفظين عن طريقة تشكيلها، ونظرنا في بيانها الوزاري، إنما حين نتحدث عن الأفعال، فإن تمويل الرئيس ميقاتي المحكمةَ الدولية واستقبال اللاجئين السوريين واعتماد سياسة النأي بالنفس كانت جيدة، والآن على لبنان أن ينظم عملية الالتزام بسياسة النأي بالنفس. وفي الوقت الذي لم نقل في أي مرة إن على الحكومة أن تستقيل، فإننا نعتبر سياسة النأي بالنفس مهمة لنا وللبنانيين، وهي تحتاج إلى إعادة إحيائها وتثبيتها، ولذلك بعثنا بإشارة عن قلقنا من عدم التزام النأي بالنفس». وعن التقارير التي تفيد أن واشنطن أبلغت بعض الأوساط رفضها وجود «حزب الله» في أي حكومة مقبلة، أشار المصدر إلى أنه لا يعرف من أين جاء هذا الكلام، «فلسنا في موقع مَن يحدد خطاً فاصلاً (أو أحمر)، لكن من الواضح أننا نفضل ألا يكون حزب الله في الحكومة، ولا نحب أن نراه في الحكومة، وهذا موقفنا منذ زمن. إلا أن المشكلة هي أن في الحكومة طرفاً متهماً قضائياً بعمليات إرهابية، كما هو حاصل في بلغاريا وقبرص، وهناك اشتباه بعلاقته بأعمال في تايلاند وغيرها. ومن ناحية أخرى، فإن حزب الله متورط في القتال في سورية، وهذا خرق لسياسة النأي بالنفس وعمل يهدد الاستقرار في لبنان، لأنه يتسبب برد فعل في الداخل اللبناني». تورط «حزب الله» في سورية وعن تدخل فرقاء آخرين إلى جانب المعارضة السورية، قال المصدر إن «وجود خطأين لا يعني أن هذا صواب». وزاد المصدر عن مدى تورط «حزب الله» في القتال في سورية: «هو ليس مقتصراً على الحدود، بل في أمكنة عدة، ويقدمون مساعدة مهمة للنظام». وأضاف المصدر: «ربما استنتج البعض من حديثنا عن تورط حزب الله في عمليات إرهابية وتدخله في سورية، أننا ندعو إلى تغيير الحكومة وعدم تمثيل حزب الله». وذكّر المصدر بأنه حين طلبت المعارضة بعد اغتيال اللواء وسام الحسن استقالة الحكومة، «كان موقفنا أن من الأفضل للشعب اللبناني أن تكون هناك حكومة تعبر عن تطلعاته أكثر، ونحن نرحب بحكومة كهذه، لكن هذا يقرره اللبنانيون. هناك تأويلات كثيرة عن أننا نريد رحيل الحكومة، وهي غير دقيقة». وعاد المصدر إلى تأكيد احترام موعد الانتخابات النيابية: «عندما نقول بأن تجري بعدالة، فهذا يشمل أن تتم في موعد معروف سلفاً». وسأل: «توقيت إجراء الانتخابات لم يكن موضع تساؤل في السابق، فلماذا يحصل الآن؟ المشكلة أنهم بدأوا مناقشة تأجيلها قبل أن يصبح الخلاف على القانون مشكلة. عدم إجراء الانتخابات لا يتناسب مع التقاليد اللبنانية. ونحن دعمنا موقف الرئيسين ميشال سليمان ونجيب ميقاتي باتخاذ إجراءات تنظيم الانتخابات، وقلنا إن الفشل في الاتفاق على القانون لا يعني عدم إجرائها. والمشكلة في لبنان أن زعماءه لا يتفقون إلا بعد أن يقترب الوقت من النفاد أو بعد نفاده. المناقشة في قانون الانتخاب ربما تطول، والرئيسان حسناً فَعَلا عندما دفعا باتجاه إجراء الانتخابات في موعدها. وهذا لا يعني أننا مع قانون الستين، لكن مع الانتخابات». و تابع: «نفهم أن النظام يقوم على التوافق، والناس لا تريد قانوناً يفاجئ أحداً. وإذا كان اللبنانيون يريدون التوصل إلى اتفاق سلة: على الانتخابات حتى تجري، وعلى ما بعدها، والحكومة المقبلة، فهذا شأن لبناني، وإذا حصل فمن سيعارض هذا الأمر؟». كما دعا المصدر الديبلوماسي الأميركي إلى «ترميم سياسة النأي بالنفس، عبر توضيح الحكومة موقفها في المنظمات الدولية والعربية، لأن صدقيتها ضُربت بسبب مواقف حكومية صدرت، وفي ظل استمرار الأزمة السورية، فإن النأي بالنفس حاجة لبنانية ليس فقط من قبل الحكومة».