اعتبر ممثل شركة «إرنست ويونغ» المستشار المعرفي لمنتدى جدة الاقتصادي 2013 أحمد رضا، أن المملكة العربية السعودية تعيش فترة إسكانية حرجة، تتطلب تضافر الجهود من أجل تعزيز مبدأ الشراكة بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص، وذلك تماشياً مع التوجه العالمي الحديث لسياسات وخطط الإسكان، داعياً إلى النظر بجدية أكبر إلى أهمية توفير الإسكان معقول الكلفة. وسينطلق منتدى جدة الاقتصادي 2013، مساء غدٍ (السبت)، ويستمر ثلاثة أيام، بعنوان: «الإسكان.. والنمو السكاني». وأكد رضا وهو الشريك المسؤول عن مكتب «إرنست ويونغ» في جدة، أن منتدى جدة الذي يتناول موضوع «الإسكان.. والنمو السكاني»، يسعى في دورته الجديدة إلى إيجاد حلول مبتكرة، تتضمنها رؤى ودراسات وأفكار وتجارب متنوعة، يمكنها أن تسهم في حل المشكلات الموجودة حالياً في قطاع الإسكان. وقال رضا في حديثه إلى «الحياة»، إن «إرنست ويونغ» تتطلع إلى إثارة قضايا وتحديات الإسكان، والإسكان معقول الكلفة، وعلاقتها بتنافسية واقتصاد المدن في شكل أكثر واقعية وفاعلية، مع التأكيد على مبدأ الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص بهدف إنجاح خطط وسياسات الإسكان. وعن أهمية الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، قال رضا: «تؤكد دراسات عالمية متخصصة من بينها الاستراتيجية العالمية للمأوى الصادرة عن الأممالمتحدة، أن مواجهة مشكلات الإسكان يجب أن تعتمد على مبدأ الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص، خصوصاً مع فشل التجربة الإسكانية الحكومية، التي تعتبر الإسكان ضمن القطاعات الخدمية للدولة». وأضاف: «تبرز تأثيرات سلبية عدة في الدعم الحكومي لمشاريع الإسكان، تتمحور حول مقدرة شرائح من ذوي الدخل العالي والمتوسط في الاستفادة من الدعم الحكومي في غير ما خصص له، وفي ميل شرائح من ذوي الدخل المنخفض إلى تسييل الدعم لسد حاجات أكثر إلحاحاً كالطعام والعلاج والتعليم، وهذا الاتجاه عادة ما يجعل هذا الدعم تستأثر به القطاعات الاجتماعية القوية ذات القدرة على استغلال الدعم اقتصادياً». وشدد على أنه من الصعوبة أن تنجح المدن في توفير إسكان معقول الكلفة وعالي الجودة، إذا ما تُركت المهمة لسوق القطاع الخاص، ومن المهم لحكومات المنطقة التي تحتاج إلى المزيد من مشاريع الإسكان معقول الكلفة، أن تتولى مهمة توزيع الأراضي، وأن تضمن تخصيص بعض الأراضي الحضرية لذلك الغرض. وأشار رضا إلى أن العديد من مالكي الأراضي من القطاع الخاص في المنطقة يستحوذون على ممتلكات ضخمة، ما يؤدي إلى انخفاض توافر الأراضي الملائمة للإسكان معقول الكلفة، ومن الممكن زيادة مساحات الأراضي الملائمة لهذا الغرض في شكل كبير، من خلال فرض ضرائب على الأراضي. وفي شأن التغييرات والتطورات الديموغرافية على الإسكان في المنطقة، قال رضا: «تعدّ الفترة الراهنة مثالية لتطبيق السياسات في دول المنطقة، نظراً إلى دخول تلك البلدان في ما تطلق عليه الأممالمتحدة «نافذة الفرص الديموغرافية»، التي تمثّل فترة مميزة لتشكيل أسر جديدة، ويجري قياس هذه النافذة بنسبة الراشدين الذين يكسبون دخلاً أساسياً (تتراوح أعمارهم بين 16 و64 عاماً)، إلى المعالين من حيث الإسكان (الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 16 عاماً والمسنين الذين يبلغون 65 عاماً أو أكثر)». وتابع: «عندما تتمتع الدولة بارتفاع في نسب العاملين، فإنها ستشهد بسرعة تشكيل أسر جديدة، ستحتاج بدورها إلى عدد أكبر وأكثر جودة من المنازل»، مشيراً إلى أن النافذة الديموغرافية تمتد لكل دولة في المنطقة بصورة عامة إلى نحو 35 عاماً، وهو الوقت الذي ستتاح فيه الفرصة أمام دول المنطقة لتجاوز كونها مجرد أسواق ناشئة، ولتحقيق ذلك، ستحتاج هذه الدول إلى أعداد كبيرة من المنازل المتحضرة وعالية الجودة والمتوافرة بكلفة معقولة للناس، سواء للتملك أم الإيجار. ولفت إلى أن هذا الأمر يحظى بأهمية خاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حالياً، مع تزايد عدد سكانها إلى ضعفين أو ثلاثة أضعاف المعدلات العالمية، وأنه بحلول عام 2050 يُتوقع أن ينمو عدد سكان كلٌ من، السعودية والبحرين ومصر والعراق والأردن والكويت وموريتانيا وعُمان وسورية واليمن بأكثر من الضعف، وسيتركز هذا النمو الصافي بكامله في المدن، بسبب انتقال السكان من الريف إلى المدينة في هذه الدول. وأكد أن القدرة على توفير الإسكان معقول الكلفة يساعد في توفير المزيد من المنازل، والمزيد من التمويل، ويتوجب على الحكومات في المنطقة أن تتعاون مع القطاع الخاص في هذين المجالين معاً، لإيجاد الحلول المناسبة لهذه الأزمة المتنامية. وأشار إلى أن معظم مبادرات القطاع العام حتى الآن تركزت في إنشاء منازل معقولة الكلفة، إلا أن الاتجاه العلمي الحديث يبحث بصورة متنامية عن ابتكارات في مجال التمويل، لمساعدة المواطنين في إيجاد طرق لتأمين الإسكان معقول الكلفة، وخفض إدارة وتكاليف القطاع العام. ولفت رضا إلى أنه توجد حال متفاقمة في المنطقة، من اختلال التوازن الملحوظ بين تنامي تكوين الثروات من جهة، وتوفير منازل جديدة وبيئة إسكان جذابة من جهة أخرى.