أكد تقريرحديث أن حكومات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بحاجة للتعاون مع القطاع الخاص للمساعدة في إيجاد حلول مناسبة لأزمة الاسكان مشيرا الى أن المعروض من وحدات الإسكان معقول التكلفة لا يزال محدودًا جدًا بالمقارنة مع الطلب المتنامي على الرغم من الجهود الكبيرة التي قامت بها العديد من دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا حتى الآن. ويشير تقرير إرنست ويونغ الذي سيتم الكشف عنه في الدورة المقبلة من منتدى جدّة الاقتصادي 2013، إلى أن الفجوة المتنامية من الطلب الكبير على الإسكان معقول التكلفة هي دليلٌ على حاجة الأطر الحالية التي وضعتها الحكومات إلى دعمٍ أكبر خلال الأعوام المقبلة. وسيركز الموضوع الرئيسي للمنتدى بعنوان «الإسكان والنمو السكاني» على حلول قضية الإسكان والتوصيات المقدمة للهيئات الحكومية لمساعدتها في معالجة هذه القضية. ويتطلّب توفير الإسكان معقول التكلفة مساهمةً حكوميةً، إلا أن الحكومة لن تكون قادرةً على مواجهة هذا التحدّي وحدها. وبإمكان استراتيجيات توفير وطلب الإسكان تحريك القطاع الخاص وبالتالي دعم موارد الحكومة. وتكمن القدرة على توفير الإسكان معقول التكلفة في تفاعل طرفي التزويد (المزيد من المنازل) والطلب (المزيد من التمويل). وقال بسّام حاج، رئيس الأسواق لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في إرنست ويونغ: «تركزت معظم مبادرات القطاع العام حتى الآن على مجال التزويد -أي إنشاء منازل معقولة التكلفة- إلا أن المفكرين الناضجين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يبحثون بصورةٍ متنامية عن ابتكاراتٍ في مجال الطلب، لمساعدة المواطنين على إيجاد طرقٍ لتأمين الإسكان معقول التكلفة وخفض إدارة وتكاليف القطاع العام». الإسكان أبرز التحديات من جانبه، قال أحمد رضا، الشريك المسؤول عن مكتب إرنست ويونغ في جدّة: «هناك حالةٌ متفاقمة من اختلال التوازن الملحوظ بين تنامي تكوين الثروات من جهة، وتوفير منازل جديدة وبيئة إسكان جذابة من جهةٍ أخرى. ومن الضروري أن تتضافر جهود قادة القطاعين العام والخاص في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأن تتواءم استراتيجياتهم للوصول إلى حلولٍ مستدامة لهذه القضية المتنامية». وتعدّ الفترة الراهنة مثالية تمامًا لتطبيق السياسات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، نظرًا لدخول دول المنطقة فيما تطلق عليه الأممالمتحدة تسمية «نافذة الفرص الديموغرافية»، التي تمثّل فترةً متميزة لتشكيل أسرٍ جديدة. ويجري قياس هذه النافذة بنسبة الراشدين الذين يكسبون دخلًا أساسيًا (ممن تتراوح أعمارهم بين 16 و64 عام) إلى المعالين من حيث الإسكان (الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 16 عامًا والمسنين الذين يبلغون 65 عامًا أو أكثر). وعندما تتمتع الدولة بارتفاع في نسب العاملين، فإنها ستشهد بسرعة تشكيل أسرٍ جديدة ستحتاج بدورها لعدد أكبر وأكثر جودة من المنازل. وأضاف رضا : «تمتد النافذة الديمغرافية لكل دولة في الشرق الأوسط بصورة عامة إلى نحو 35 عامًا؛ وهو الوقت الذي ستتاح فيه الفرصة أمام دول المنطقة لتجاوز كونها مجرد أسواق ناشئة. ولتحقيق ذلك، ستحتاج هذه الدول لأعدادٍ كبيرة من المنازل المتحضرة وعالية الجودة والمتوفرة بتكلفة معقولة للناس، سواءٌ للتملك أو الإيجار». على الرغم من متطلبات الإسكان معقول التكلفة، مثل الدعم المالي أو المساعدات الحكومية، هناك حاجة أيضًا إلى بذل جهود كبيرة للمساعدة في خفض أسعار المنازل إلى مستويات معقولة بالنسبة للعائلات ذات الدخل المنخفض. ومن المثير للاهتمام أن هذه الجهود تندرج ضمن حدود قدرة ووصاية الحكومة، وهنالك خمس طرق رئيسة لمعالجة هذه القضية، وتتضمن: توزيع الأراضي، وتسعير ضرائب الأراضي وتنظيمها، وتسهيل الموافقات، وتحديث القوانين الناظمة للتخطيط والبناء وإدارة التوقعات. ونتيجة لأبسط مبادئ اقتصاديات استخدام الأراضي، لن تنجح المدن في توفير إسكان معقول التكلفة وعالي الجودة إذا ما تُركت المهمة لسوق القطاع الخاص. ومن المهم لحكومات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تحتاج للمزيد من مشروعات الإسكان معقول التكلفة، أن تتولى مهمة توزيع الأراضي وأن تضمن تخصيص بعض الأراضي الحضرية لذلك الغرض. إلى ذلك، يستحوذ العديد من مالكي الأراضي من القطاع الخاص في المنطقة على ممتلكاتٍ ضخمة، مما يؤدي إلى انخفاض توافر الأراضي الملائمة للإسكان معقول التكلفة. ومن الممكن زيادة مساحات الأراضي الملائمة لهذا الغرض بشكل كبير من خلال فرض ضرائب على الأراضي. فعلى سبيل المثال، أقر مجلس الأمة الكويتي في فبراير من عام 2008 قانونًا يفرض الضرائب على قطع الأرض الكبيرة غير المطوّرة، على أن يكون نافذًا في تاريخ لاحق محدّد. وغالبًا ما يفشل مطوّرو مشروعات الإسكان معقول التكلفة عندما تطلب منهم المؤسسات الحكومية المختلفة التي يتعاملون معها أشياء مختلفة. ويتطلب تسهيل وتنظيم الموافقات وضع استراتيجية حضرية وطنية جامعة مدعومة بسياسة أو بالتزامات بالموارد من أرفع المستويات الحكومية. و»يتعين على الحكومات أيضًا إدارة التوقعات. وقد تبنّت معظم هذه الدول، وخاصة في مجلس التعاون الخليجي، معايير سخيّة لتأمين الإسكان معقول التكلفة لمواطنيها، ما أدى إلى ارتفاع كبير في تكاليف المنزل الواحد. وينبغي على صانعي القرار تصحيح مفاهيم المواطنين للمعايير المقبولة للإسكان المدعوم حكوميًا. ربما يرغب الجميع بالسكن في فيلا، إلا أن المنزل أو الشقة السكنية يمكن أن تكون أقل تكلفة وأكثر صداقة للبيئة وأفضل بالنسبة للعائلات الشابّة في بداية حياتها».