أثارت دعوات إلى مسيرة مليونية للعاطلين من العمل في ورقلة عاصمة النفط في الجنوبالجزائري، مخاوف حكومية عبرت عنها أحزاب في الموالاة اتهمت «مغامرين سياسيين» بمحاولة «التلاعب بالمطالب المشروعة للعاطلين» في ولايات جنوب البلاد حيث ينشط تنظيم «مطلبي» للتعبئة للمسيرة المقررة الخميس المقبل. ودعت «لجنة الدفاع عن حقوق البطالين (العاطلين من العمل)» إلى تنظيم مسيرة مليونية في ورقلة، في أعقاب اعتصامات تكاد تكون أسبوعية لكنها «لم تجد»، وفق اللجنة. وزار الوزير الأول عبدالمالك سلال المدينة قبل أسابيع في زيارة أثيرت فيها إشكالية نقص الوظائف. ووعدت الحكومة بمعالجة الموقف سريعاً ثم توالت زيارات وزراء ومسؤولين لمدن جنوبية، لكن الاعتصمات الدورية للعاطلين تحولت من رفع شعارات الشغل إلى المطالبة برحيل الوزير الأول. وتشير دعوات المسيرة إلى أن تصريحات لسلال تحدث فيها عن «شرذمة بدأت تتحدث عن شمال وجنوب»، هي التي «أشعلت الغضب بسبب تفسيرات قالت إن المعنيين بوصف الشرذمة هم العاطلون من العمل». ولم ينف وزير الداخلية دحو ولد قابلية «الطابع السياسي» لبعض جوانب زيارته لولايات الجنوب الشهر الماضي، لكنه قال إن الحكومة تعمل على «إعادة تأهيل» الجنوب لإحداث «تغيير جذري» في حياة سكان مناطقه. وأضاف لأعيان ورقلة أن «الحكومة ستقوم بإعادة تأهيل الجنوب الكبير لتفادي وجود أي فوارق بين المناطق، وستتم ترقية إطارات (قيادات) من المناطق الجنوبية في مناصب رؤساء الدوائر وولاة، والقائمة التي حضرت لهذا الغرض قيد الدراسة». وقرأ مراقبون زيارة رئيس الوزراء وعدد من المسؤولين رفيعي المستوى في إطار الحراك في منطقة الساحل الأفريقي. وتحاول الحكومة أن ترتب موقفها من مالي «بعناية بالغة» في شكل لا يؤثر على علاقتها بالطوارق الذين يشكلون غالبية سكان الجنوب، لذلك يبدو الحذر كبيراً في تطورات موقف الجزائر من ملف التدخل العسكري في منطقة الساحل، وحرصها على تحييد الحركات الإسلامية الطارقية من أي استهداف دولي محتمل. وأجرى الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة الأسبوع الماضي حركة تغييرات جزئية في سلك الولاة شملت ولايات الجنوب والهضاب العليا. وفهمت الحركة على أنها محاولة حكومية للدفع بالبرامج التنموية والتخفيف من حدة الغضب إزاء بعض الولاة بسبب «فشلهم». وانتقدت «الحركة الشعبية الجزائرية» التي يقودها الوزير عمارة بن يونس «التلاعب السياسي بمطالب الشباب» في بعض ولايات الجنوب «بتحويلهم عن هدفهم وإقحامهم في مسارات غير محسوبة». ودعت في بيان إلى «الحكمة من أجل إفشال التوظيف السياسي ومواصلة الشباب للمطالبة بحقوقهم سلمياً». واتهمت الحركة «مغامرين سياسيين» بمحاولة «تحويل المطالب الاجتماعية والاقتصادية المشروعة لسكان الجنوب إلى أهداف مبيتة»، في إشارة إلى حزبيين معارضين لم تذكرهما في بيانها. وعبرت عن قلقها من «تطور الأحداث في ورقلة وفي كل مكان تقريباً في جنوب البلاد». ورأت أن المقلق في التطور أنه «يأتي أسابيع فقط بعد الهجوم على المجمع الغازي في عين أمناس حيث البلد معرض لتهديدات ومخاطر متعددة الأوجه على طول حدودها». وأضافت أنها «تدعم كل المطالب الشعبية في كل أرجاء الوطن حين تكون سلمية وتحمل مطالب مشروعة، لكنها تدين التوظيف السياسي الذي يحاول تحويل المواطنين عن هدفهم الأساس وإقحامهم في مسارات غير محسوبة قد تضع استقرار البلاد ووحدتها في خطر». وتروج أوساط حكومية أن المشاكل التي برزت فجأة في بعض مدن الجنوب «ارتداد طبيعي» للحرب في شمال مالي و «سقوط سلطة الدولة الليبية» على الحدود المتاخمة للجزائر. بيد أن القيادية اليسارية لويزة حنون التي تقود «حزب العمال» ذهبت بعيداً في وصف الحراك المطلبي في ولايات جنوبية. وتحدثت عن «منظمات غير حكومية موالية للاستخبارات الأميركية تعمل على زعزعة الاستقرار في الجزائر، مستغلة في ذلك الأوضاع الصعبة التي تعرفها مناطق الجنوبالجزائري والتي تميزت أخيراً بإطلاق شعارات غريبة تدعو إلى انفصال الجنوب عن الجزائر».