اختار رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال ولاية ورقلة في جنوب البلاد لبدء جولة على الولايات سوّقت بطابع تنموي، إلا أن أعضاء في الحكومة لم يخفوا «دوافع سياسية» وراء توجه سلال إلى الجنوب في ضوء مخاوف من تفجر الأوضاع في مالي وتأثير ذلك في حال «الإجماع الداخلي» في ما يخص ملف الطوارق. وزار سلال ولاية ورقلة في الجنوب الشرقي مساء أول أمس وتفقد أنشطة زراعية وسكنية، لكنه خص ممثلين عن المجتمع المحلي وأعيان المنطقة بلقاء مطول كثرت فيه الانتقادات لسياسة الحكومة للتشغيل في الجنوب. ويحتج عاطلون من العمل منذ شهور أمام مقر الولاية التي تحتضن كبرى محطات ضخ النفط والغاز. ولم ينف وزير الداخلية دحو ولد قابلية «الطابع السياسي» لبعض جوانب الزيارة. وقال إن «الحكومة تعمل على إعادة تأهيل الجنوب الكبير لإحداث تغيير جذري في حياة سكانه». وأوضح لأعيان المدينة وممثلي المجتمع المدني أن «الحكومة ستقوم بإعادة تأهيل الجنوب الكبير لتفادي وجود أي فوارق بين المناطق... ستتم ترقية كوادر من المناطق الجنوبية في مناصب رؤساء الدوائر وولاة والقائمة التي حضرت لهذا الغرض قيد الدراسة». وقرأ مراقبون زيارة رئيس الوزراء بصحبة عدد من كبار المسؤولين في إطار الحراك المتسارع في منطقة الساحل الأفريقي. وتحاول الحكومة أن ترتب موقفها من مالي بعناية بالغة في شكل لا يؤثر في علاقتها بالطوارق الذين يشكلون غالبية سكان الجنوب، لذلك يبدو الحذر كبيراً في تطورات موقف الجزائر من ملف التدخل العسكري في منطقة الساحل وحرصها على تحييد الحركات الإسلامية الطارقية من أي استهداف دولي محتمل. وفي هذا السياق، كلف الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة وزير الشؤون الأفريقية والمغاربية عبدالقادر مساهل بتمثيله في قمة قادة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا «ايكواس» التي عقدت أمس في العاصمة النيجيرية أبوجا. وذكرت وزارة الخارجية أن مساهل ينقل رسالة من بوتفليقة إلى كل من الرئيس الإيفواري حسن واتار والرئيس النيجيري جوناثان غودلاك في شان الأزمة في مالي. وتقول مصادر عسكرية مالية إن الخطة المطروحة للبحث الآن «تقضي بأن يقوم الجيش المالي بالعمليات العسكرية الميدانية وأن تقتصر المشاركة الأجنبية على الدعم الجوي و اللوجستي» لإنهاء سيطرة الجماعات المسلحة على شمال البلاد. كما ستحدد الخطة حجم القوة ومستوى مشاركة دول «ايكواس» فيها والتمويل والوسائل العسكرية التي ستكون لديها. ومن المنتظر أن تفصل قمة أبوجا في خطة تنقل قبل الخميس المقبل عبر الاتحاد الأفريقي إلى مجلس الأمن الدولي الذي صادق في 12 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي على قرار يمهل مجموعة «ايكواس» 45 يوماً لتحديد مخططاتها لاستعادة شمال مالي. على صعيد آخر، كشفت مجلة «دير شبيغل» الألمانية الأسبوعية في عددها الصادر اليوم أن صفقات الأسلحة بين الجزائر وألمانيا «أكبر مما كان معتقداً». وقالت في خبر نشرته إلى جانب صورة لدبابة «فوكس» الألمانية الصنع إن برلين تتوقع تصنيع 1200 دبابة من هذا الطراز للجزائر خلال السنوات العشر المقبلة. ويسير هذا الطراز من الدبابات على دواليب لا على جنازير ويتلاءم أكثر مع طبيعة البلدان الصحراوية. وتابعت المجلة نقلاً عن مصادر لم تشر إليها أن الحكومة الألمانية سبق أن وافقت منذ مطلع العام الماضي على بيع 54 دبابة «فوكس» إلى الحكومة الجزائرية بكلفة تبلغ 195 مليون يورو، كما باعتها مركبات وشاحنات عسكرية عدة بقيمة 286 مليون يورو. وأثار هذا التطور انتباه المراقبين، خصوصاً أن قيمة صفقات بيع السلاح بين البلدين لم تتجاوز 19.8 مليون يورو العام 2010.