عجوز تائهة، يعتريها الخوف وتحيط بها الهموم، ولا تفارق عينيها الدموع، تبكي ولا تعلم على من؟ على ابن بات طريح الفراش إلى الأبد، أم على أحفاد فقدوا عائلهم الوحيد وينظرون إلى المستقبل بتوجس. سيطرت الأحزان على أم عبدالله الدوسري، بعد تعرض ابنها إلى حادثة مرورية، نتج عنها إصابته بشلل رباعي، ما أربك حياتها ومشاعرها، إذ تمضي يومها بين الحسرة والخوف تارة، والحزم مع أطفال غاب والدهم وفي حاجة ماسة لمن يستندون عليه للمضي في حياتهم تارة أخرى. تقول أم عبدالله: «يرقد ابني في قسم العناية المركزة في مستشفى الملك خالد منذ عامين»، موضحة بأنه لا يستطيع الأكل أو الشرب، وإنما يتغذى من طريق المحاليل المغذية. وتضيف وقد اغرورقت عيناها بالدموع: «لن أنسى يوم الحادثة أبداً، وهو عالق في ذاكرتي بكل تفاصيله، فقد انقلبت السيارة بعبدالله أثناء عودته إلى تبوك، وتعرض لضربة قوية في الحبل الشكوي أدت إلى إصابته بشلل رباعي». سكتت قليلاً لالتقاط أنفاسها، وتابعت أم عبدالله: «لا أعلم أين يمكن علاجه، بعثت الكثير من البرقيات أطالب فيها بنقله إلى مستشفى متخصص، ولكن لم يرد أحد عليّ، ما اضطرني إلى إخراجه من المستشفى ونقله إلى المنزل»، لافتة إلى أنه بقي في المنزل فترة ليست طويلة قبل أن يعود مرة أخرى إلى المستشفى. وتوضح بصوت مبحوح: «الله وحده يعلم كم أعاني من أجله وأجل أبنائه، فقد عاش معظم حياته يتيم الأب، وهو الآن يبلغ من العمر 48 عاماً، وكان المعيل لي ولزوجته وأبنائه الستة (أربعة أولاد وفتاتان)». لا تخفي أم عبدالله الدوسري أنهم يعيشون أوضاعاً مادية سيئة للغاية، «توقفت بنا الحال وصرنا نعيش على الكفاف وأقل من ذلك، نتظاهر أمام الآخرين بأن أحوالنا جيدة، ولكن ظروفنا تزداد سوءاً يوماً بعد الآخر، إلى درجة أنني أصبحت أخاف على مستقبل أحفادي، ولذا أولاً وقبل كل شيء أتمنى من المسؤولين في وزارة الصحة العمل على نقل ابني إلى مستشفى متخصص يراعي وضعه الصحي، على الأقل حتى أصبح مطمئنة عليه، وإلا فكلنا يعلم أنه سيظل معوقاً إلى أن يشمله الله بمنه وكرمه». تأمل أم عبدالله من فاعلي الخير التكفل بمصاريف ابنها في حال لم ينقل إلى مستشفى آخر، كما تتمنى مساعدتها ومساعدة أسرة ابنها وتأمين مستقبلهم حتى يصبحوا رجالاً ويعتمدون على أنفسهم.