هجرها زوجها وتلقفت مسؤولية أبنائها التسعة، تعيش في صراع مستمر ومرير مع الحياة، حائرة وحزينة وخائفة، ولكن التشرد والمبيت في الشارع هو ما يؤرقها ويحوّل ليلها جحيماً. تحاول أم محمد منذ زمن بعيد الخروج من الدائرة المغلقة التي تحيط بها من كل صوب، فقد تكالبت على أبنائها الأمراض والفاقة، ولكنها لم تستطع الخروج من تلك الدائرة، وكلما حاولت عادت إلى نقطة الصفر بسبب تراكم الديون، حتى أتى ما يزيد أحزانها ويؤكد مخاوفها، ألا وهو الإنذار بإخلاء المنزل في مده لا تتجاوز الشهرين. وتقول أم محمد: «لا أستطيع تحمل أعباء الحياة، فقد أصبحت أعيش الأمرّين بسبب معاناتنا التي لا تطاق»، موضحة أن آخر مصائبها هي انقطاع مساعدة الضمان الاجتماعي، إذ تم إيقافه منذ نحو ثلاثة أشهر، ولم يعد لديها خيار سوى الاقتراض للصرف على أبنائها التسعة (3 أبناء و6 فتيات). وتضيف والدموع لا تفارقها: «كان ابني الذي لم يتجاوز 18 عاماً يعاني من السرطان ويعالج بالكيماوي، وبعد آخر زيارة إلى المستشفى منذ نحو أسبوع أكدت الفحوص الطبية أن المرض انتشر مرة أخرى في جميع أجزاء جسده، وقرر الأطباء زيادة الجرعات له، وفي حال عدم شفائه لا سمح الله، ستجرى له جراحة زراعة النخاع»، مشيرة إلى أنها باتت مكبلة اليدين ما بين ابنها في المستشفى، ومصير أبنائها الآخرين داخل المنزل، ومن بينهم فتاة مصابة بداء السكر إلى درجة أنه لا ينفع لعلاجه سوى الحقن. ولا تنحصر معاناة أم محمد في مرض ثلاثة من أبنائها، فقد وصلها قبل أيام عدة إنذاراً بإخلاء المنزل بسبب عدم قدرتها على الإيفاء بالإيجار، «أنظر إلى عيون أبنائي فأرى الانكسار والخوف. طوال حديثها لم تتوقف أم محمد عن ذرف الدموع، وأحياناً لم تكن تستطيع مواصلة حديثها، «لا نريد شيئاً سوى منزل يضمني أنا وأبنائي التسعة بعد أن هجرنا زوجي من سنوات عدة وليس لدي معيل أبداً، ولا أعرف أين أتجه بهم في هذه الظروف»، متمنية من فاعلي الخير والباحثين عن الأجر والمثوبة من الله العمل على مساعدتها في هذه الظروف الخانقة التي حولت حياتها وحياة أبنائها إلى جحيم لا يطاق. قلق ... ونوبات «هلع» شديدة