ثلاث سنوات «عجاف» قضتها والدة الطفل حسين آل سعيد، وهي تنتظر سماع همسات ابنها الصغير، الذي توارى عن أنظارها منذ ذلك الوقت، وهي ترمق بدموعها الصامتة تارة، ملابسه الجديدة، وتارة أخرى حقيبته المدرسية التي تركها حسين أو مهدي كما يحب أن يطلق عليه، قبل أن يرحل إلى «عالم مجهول» حتى الآن، متذكرة الأيام الجميلة، التي عاشها هذا الطفل بين يديها. وجددت والدة حسين مساء أول من أمس، أحلامها «الوردية»، وقد توشحت بحلة «بهية»، لاستقبال هذا الابن «المفقود»، بعد أن تردد في مدينة صفوى (محافظة القطيف) نبأ العثور عليه، من جانب الجهات الأمنية، وسرعان ما انتشر الخبر في أرجاء المدينة، وسط تفاعل غير مسبوق من جانب الأهالي، الذين تواجدوا بكثافة أمام مركز صفوى، لاستقبال الصبي، ونقله إلى والدته «المثكولة»، بين مهلل ومكبر، وبين من اغرورقت عيونه بدموع الفرح، في انتظار أن يروا ابن بلدتهم المفقود، الذي لقيت قضية اختفائه تفاعلاً على مستوى المملكة. إلا أن تلك الأحلام التي رسمها الأهالي، وذرفوا دموع الفرح سرعان ما تلاشت، وتحولت إلى سراب، بعد أن تبين أن الطفل الذي عثرت عليه الجهات الأمنية، ما هو إلا «متسول» يرجح أن يكون تسلل مع مجموعة أطفال من إحدى الدول المجاورة. وألقت الجهات الأمنية القبض عليه في حي الثقبة في محافظة الخبر، أمام إحدى الإشارات الضوئية، واشتبه إلى حد بعيد، أن يكون «طفل صفوى»، إذ تم نقله إلى مركزها، وتم استدعاء والد الطفل حسين، لإثبات هوية هذا الصبي. ليعود الجميع أدراجهم بعدها، وسط مشاعر حزن صامت. ولتتجدد آلام أم حسين في البحث عن ابنها المفقود، بعد أن باءت كل الجهود، التي بذلها الأهالي ووالد الطفل، بالفشل. وفُقد حسين قبل ثلاث سنوات، وهو في ال14، حين كان برفقة اثنين من أصدقائه، كانوا يتجولون في إحدى المناطق الزراعية في صفوى، إذ دخل صديقاه إحدى المزارع، ليشربا الماء، فيما بقي حسين خارجاً ينتظرهما. وما أن خرج رفيقاه، حتى تفاجآ بعدم وجوده. فيما كانت دراجته الهوائية مُلقاة على الأرض، لتبدأ بعدها رحلة البحث عنه من جانب الأجهزة الأمنية ومتطوعين من الأهالي، شكلوا فرقاً ميدانية، فيما دشن آخرون حملة إلكترونية تدعو للبحث عن حسين، أسموها «أماه... سأعودُ يوماً»، أدرجوا فيها صوراً للطفل، ونقلوا معاناة والديه.