أكدت المملكة العربية السعودية ودولة قطر أن التحديات التي تواجهها المنطقة تحتم تعميق نهج التشاور السياسي وتعزيز تبادل الآراء حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية بهدف الوصول لرؤية مشتركة حيال التعامل مع هذه التحديات وبما يحقق مصالح البلدين ويعود بالنفع على دول مجلس التعاون وعلى الأمتين العربية والإسلامية. جاء ذلك في اختتام أعمال مجلس التنسيق المشترك الذي عقد برئاسة ولي العهد السعودي النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبد العزيز وولي العهد القطري الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وأصدر البلدان اللذان وقعا عدداً من اتفاقات تعاون في مجالات مختلفة، امنية واقتصادية واعلامية، بياناً مشتركاً اكدا فيه ان اجتماعات مجلس التنسيق جرت «في جو سادته روح المودة والاخاء الذي يجسد العلاقات الأخوية المتميزة بين دولة قطر والمملكة العربية السعودية وشعبيهما الشقيقين، وفي ظل ما يربط بينهما من مصير مشترك ووحدة الهدف والمصالح». وأضاف البيان ان الشيخ تميم والأمير سلمان «أكدا حرص القيادتين في البلدين على تعزيز وتوطيد علاقات التعاون المشترك بينهما في كافة المجالات، وعبرا عن ارتياحهما لما تحقق من خطوات بناءة، أسهمت في تعزيز التعاون والتنسيق الثنائي بين البلدين». وأوضح انه «تم بحث أوجه التعاون الثنائي بين الجهات المعنية في البلدين في عدد من المجالات على النحو التالي: أولاً - التعاون في المجال السياسي والديبلوماسي: انطلاقاً من الأهداف والغايات التي نص عليها محضر إنشاء مجلس التنسيق القطري - السعودي بالتعاون والتنسيق السياسي في كافة القضايا ذات الاهتمام المشترك وتعزيز التعاون الديبلوماسي والقنصلي في علاقات البلدين مع الدول الاخرى. التأكيد على ان التحديات التي تواجهها المنطقة تحتم تعميق نهج التشاور السياسي وتعزيز تبادل الآراء حول مختلف القضايا الاقليمية والدولية بهدف الوصول لرؤية مشتركة حيال التعامل مع هذه التحديات، وبما يحقق مصالح بلدينا وشعبينا الشقيقين ويعود بالنفع على دول مجلس التعاون وعلى امتينا الإسلامية والعربية، والتنويه بدعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في الدورة الثانية والثلاثين للمجلس الاعلى لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في شأن الانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد. وكذلك الإشادة بمبادرته في مجال الحوار بين الأديان وافتتاح مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات في العاصمة النمسوية فيينا، وما يمثله هذا الحدث من حرص المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي والعالم الإسلامي على الحوار مع الآخر بشكل حضاري وإنساني. والترحيب بالاتفاق الذي تم التوقيع عليه في الدوحة بتاريخ 11/11/2012، والذي نتج منه كون الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية هو الممثل الشرعي للشعب السوري الشقيق. والترحيب بالتوقيع على محضر تبادل وثائق التصديق على اتفاقية التعاون الديبلوماسي والقنصلي بين البلدين وملحقها التنفيذي. ثانياً - التعاون في المجال العسكري: وأعرب الجانبان عن ارتياحهما للتعاون العسكري بين البلدين، وأكدا استمرار التعاون في هذا المجال وتعزيز تعاون المعلومات والزيارات والدورات والاستفادة من الخبرات في المجالات التخصصية. التأكيد على أن أوجه التعاون العسكري بين البلدين يتم وفق الخطط الزمنية المعدة، ويسير وفقاً لمنظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وتعززه اتفاقيات التعاون المشترك لدول المجلس التي وقعت في مملكة البحرين في 20 كانون الاول (ديسمبر) 2000، وأن التعاون في مجال التدريب والدورات والزيارات قائم ومستمر ويسير على أحسن وجه. ثالثاً - التعاون في المجال الأمني: التأكيد على تعزيز وتوثيق آليات التنسيق الأمني بين الأجهزة الأمنية في البلدين الشقيقين بما يخدم أمنهما واستقرار المنطقة في شكل عام، وتعزيز الجهود القائمة في هذا الشأن، خصوصاً في مجال مكافحة الإرهاب والاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية وغيرها من الأمور والقضايا الأمنية التي تستدعي التنسيق. الترحيب بالتوقيع على اتفاق في مجال تنظيم سلطات الحدود واتفاق في مجال مكافحة الجريمة بين البلدين، وكذلك التوقيع على محضر تبادل وثائق التصديق على اتفاقية التعاون في مجال الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية والسلائف الكيماوية وتهريبها بين البلدين، واستمرار الفريق المشكل من المختصين بوزارتي الداخلية في البلدين بالتباحث في شأن مشاريع اتفاقات التعاون ذات الاختصاص. رابعاً - التعاون في المجال الاقتصادي والمالي والاستثماري: استعرض الجانبان أوجه التعاون المالي والاقتصادي والاستثماري بين البلدين وما تم اتخاذه من خطوات، تعزز هذا التعاون، واتفقا على أهمية استمرار التنسيق بين الجهات المختصة في البلدين، والترحيب بالزيارات واللقاءات التي تمت بين أجهزة الضرائب والزكاة والجمارك في البلدين مما كان له بالغ الأثر في تبادل الخبرات وتوسيع آفاق التعاون كل في اختصاصه. وكذلك الترحيب بما تضمنه البيان الختامي للاجتماع الوزاري لمجموعة أصدقاء اليمن ونتائج اجتماع المجموعة الاستشارية لدول المانحين لدعم اليمن اللذين عقدا في الرياض، وذلك لمساعدة اليمن في تخطي الأزمة السياسية والاقتصادية التي يعيشها، وتلبية احتياجاته التنموية لتحقيق الاستقرار على أراضيه، ودعم جهود التنمية والإعمار في الجمهورية اليمنية الشقيقة. يوصي الجانبان بأهمية التعاون في مجال الموازنة العامة وتبادل الخبرات وتأهيل القدرات في مجال إعداد الموازنات العامة وفقاً لأحدث الأنظمة والمعايير المطبقة في هذا الشأن. كما يوصي الجانبان الجهات المعنية في البلدين باستكمال دراسة مشروع مذكرة التفاهم المقدمة من الجانب القطري والخاصة بإنشاء آلية لتنفيذ الاستثمارات المشتركة بين البلدين مع ما سبق الاتفاق عليه بين الجانبين في هذا المجال، وعرض ما يتم التوصل إليه على اللجنة التحضيرية المشتركة لمجلس التنسيق. خامساً - التعاون في المجال التجاري والصناعي: أكد الجانبان تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين والعمل على زيادة الصادرات بينهما من خلال تشجيع الغرف التجارية في البلدين والقطاع الخاص وتبادل الزيارات لما يحقق مصالحهم المشتركة. وأشادا بالنتائج الإيجابية لزيارة وفد رجال الأعمال من المملكة العربية السعودية لدولة قطر برئاسة رئيس مجلس الغرف السعودية، والالتقاء بنظرائهم القطريين، وعقد الاجتماع الثاني لمجلس الأعمال السعودي - القطري، والتأكيد على أهمية عقد لقاءات مستمرة بين رجال الأعمال في البلدين في إطار مجلس الأعمال السعودي - القطري، والعمل على تذليل الصعوبات التي قد تواجههم بهدف توفير البيئة المواتية لدعم الروابط الاقتصادية والتجارية وإقامة المشاريع المشتركة من خلال الاستفادة من اقتصادات كلا البلدين. وتأكيد أهمية عقد اجتماع تنسيقي للمختصين المعنيين بشؤون منظمة التجارة العالمية في كلا البلدين لتقريب وجهات النظر حول مواضيع المنظمة وبالأخص موضوع تيسير التجارة. وتشجيع المشاركة بإقامة المعارض والأسواق التجارية في كلا البلدين بهدف التعريف بالسلع والمنتجات المصنعة لدى كل منهما والعمل على تعزيز ومشاركة القطاعات بالبلدين كافة. وتشجيع توفير البيئة المناسبة لدعم الروابط الاقتصادية، وذلك من طريق تنفيذ مشاريع مشتركة وبخاصة من قبل مستثمري القطاع الخاص بالبلدين. وناقش الجانبان رغبة الجانب القطري باستثناء دولة قطر من قرار المملكة العربية السعودية بوقف تصدير بعض السلع التي تنتجها المملكة، وكذلك المقترح الخاص بوضع آلية للتنسيق في ما بين البلدين بخصوص أي قرارات مستقبلية في هذا الشأن، واتفق الجانبان على تشكيل فريق فني لدراسة الموضوع واقتراح الحلول المناسبة، على أن يجتمع الفريق في أقرب وقت ممكن. والترحيب بالتوقيع على محضر تبادل وثائق التصديق على مذكرة تفاهم للتعاون في المجال الصناعي بين وزارة التجارة والصناعة في المملكة العربية السعودية ووزارة الطاقة والبيئة في دولة قطر، وكذلك التوقيع على البرنامج التنفيذي لهذه المذكرة. سادساً - التعاون في المجال الثقافي والإعلامي: عبّر الجانبان عن ارتياحهما لمستوى التعاون القائم بين البلدين في مجال الثقافة والإعلام، وأكدا أهمية مواصلة متابعة وتفعيل كل جوانب التعاون الواردة في مذكرة التفاهم للتعاون الثقافي والإعلامي. رحب الجانبان بالتوقيع على اتفاق للتعاون والتبادل الإخباري بين وكالة الأنباء السعودية ووكالة الأنباء القطرية، وبما يساهم في تعزيز وتطوير التعاون والتبادل الإخباري بين الطرفين. أبدى الجانب القطري رغبته في تخصيص قطعة أرض تكون مقراً دائماً لجناح دولة قطر في القرية التراثية في المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية) في مدينة الرياض، ووعد الجانب السعودي بإيلاء هذا الطلب الاهتمام اللازم ومتابعته وفقاً للقنوات والإجراءات المتبعة لدى الجهة المعنية بهذا الموضوع في المملكة العربية السعودية. عرض الجانب القطري رغبته في الحصول على تردد إذاعي بالمملكة العربية السعودية لإعادة بث إذاعة صوت الخليج عليه بالمملكة. ووعد الجانب السعودي بإحالة الأمر إلى الجهة المختصة بالمملكة لإبداء ما تراه مناسباً بشأنه. قدم الجانب السعودي مسودة مشروع برنامج تنفيذي للتعاون الثقافي والإعلامي بين البلدين في إطار مذكرة تفاهم التعاون الثقافي والإعلامي الموقعة بين البلدين، ورحب الجانب القطري بدراسة مسودة المشروع والتواصل مع وزارة الثقافة والإعلام بالمملكة في شأنه، وعرض ما يتم التوصل إليه بهذا الشأن على اللجنة التحضيرية المشتركة للدورة القادمة للمجلس. سابعاً - التعاون في مجال التعليم العالي والبحث العلمي: رحب الجانبان بالتعاون في هذا المجال من خلال المحاور التالية: - إقامة المشاريع البحثية التي تخدم الخطط التنموية بين البلدين. - تبادل الزيارات بين الأكاديميين بالجامعات لتطوير القدرات العلمية والعملية في الكليات العلمية. - تشجيع وتحفيز البحوث والدراسات بين الجامعات في البلدين وتبادل الكتب والمخطوطات. - تطوير مقاييس الكشف عن الموهوبين والمبدعين بالجامعات في البلدين. - إعداد خطط لتفعيل موضوع (الطلاب الزائرين) في التخصصات الأكاديمية المتوافرة في كلا البلدين لإكمال البرامج الدراسية لهم. - إعداد وتطوير البرامج الأكاديمية المختلفة. ثامناً - التعاون في مجال الشؤون البلدية والتخطيط العمراني: اتفق الجانبان على أهمية مواصلة التنسيق والتشاور في مجال الشؤون البلدية والتخطيط العمراني بما يحقق المصلحة المشتركة للبلدين. تاسعاً - التعاون في مجال النقل والطرق والبنية التحتية: الترحيب بالزيارة التي قام بها وفد من هيئة الأشغال العامة بدولة قطر لوزارة النقل في المملكة العربية السعودية خلال المدة 7 - 9/3/1433ه. اتفق الجانبان على أهمية تعزيز أوجه التعاون وعلى مواصلة التنسيق والتشاور في هذه المجالات بين المختصين في البلدين بما يحقق المصلحة المشتركة بينهما، وكذلك تبادل الزيارات والخبرات في مجال الطرق والبنية التحتية. وفي خطوة تعبر عن المستوى المتقدم الذي بلغته العلاقات القطرية - السعودية، انتقل أمير قطر الى مطار الدوحة لوداع الأمير سلمان في حضور ولي العهد الشيخ تميم ورئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني وعدد من الوزراء. وكان أمير قطر استقبل الأمير سلمان في مكتبه في الديوان الأميري في حضور الشيخ تميم والشيخ حمد بن جاسم ووزراء وأعضاء الوفد السعودي، وأعلن أنه «جرى خلال المقابلة بحث العلاقات الأخوية القائمة بين البلدين الشقيقين، إضافة إلى استعراض القضايا الاقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك»، وأقام الأمير عقب المقابلة مأدبة غداء تكريماً للأمير سلمان والوفد السعودي.