تتضح شيئاً فشيئاً ردود الفعل على خطة السلام التي اقترحها الزعيم المُعتقل ل «حزب العمال الكردستاني» عبدالله أوجلان، والتحديات التي ستواجهها الخطة، على رغم تأكيد أكثر من مصدر جدية المفاوضات بين أوجلان ورئيس جهاز الاستخبارات التركية هاكان فيدان، وهو الذراع اليمنى لرئيس الوزراء رجب طيب أردوغان. وكشف «حزب السلام والديموقراطية» الكردي، جانباً آخر من رسالة أوجلان، وهي في 20 صفحة وشملت خطة الحلّ المقترحة، إذ يحذر فيها من امتداد الثورات العربية إلى تركيا، في حال إضاعة هذه الفرصة للتسوية، وسقوط البلاد في فخ الفوضى والعنف مجدداً، إن تراجعت الحكومة عن مساندتها الخطة والالتزام بها. ويشير ذلك إلى شكوك لدى أوجلان، في التزام أنقرة الاتفاق المبرم، وهذا ما أفصح عنه رئيس «حزب السلام والديموقراطية» صلاح الدين دميرطاش، إذ قال إن النواب الذين زاروا أوجلان في سجنه، وجدوه جدياً في خطته وعازماً على تنفيذها، لكنه طلب من النواب اختبار نيات أنقرة في شكل دائم، للتأكد من التزامها. وأضاف أن أوجلان اشتكى من عدم وجود مفاوض من الحكومة، أو طرف سياسي يتابع تنفيذ الخطة معه، وأن كل من التقاهم كانوا بيروقراطيين وموظفين، بينهم فيدان، وأن وعودهم يمكن التراجع عنها. وأبدى دميرطاش خشية من احتمال أن يتردد أردوغان في التنفيذ، إذا تعارضت الخطة مع مصالح حزبه، قبل الانتخابات المقبلة، أو أن يطبّق جزءاً منها فقط، ويترك الباقي بعد أن يحقق حلمه في الوصول إلى الرئاسة. ويبدو أن هذه التنبيهات والتحذيرات تنسجم مع تصريح لبولنت أرينش، نائب رئيس الوزراء، إذ قال إن الحكومة تسعى إلى «استخدام» أوجلان قدر الممكن، في سعيها إلى انتهاء العنف. وفي الإطار ذاته، ذكر الكاتب المعروف جنكيز شاندار، المتخصص في القضية الكردية، أنه لم يلمس دعماً شعبياً في الشارع الكردي أو بين القيادات السياسية، لخطة أوجلان، مشيراً إلى أنه لاحظ خلال جولة في دياربكر وجنوب شرقي تركيا، دهشة لدى مَنْ التقاهم، لقبول أوجلان فكرة التخلي عن السلاح وتسوية القضية، في مقابل حكم إداري محلي، وتعديل تعريف المواطنة في الدستور، ما يعني التخلي عن المطالبة بالحكم الذاتي أو الحل الفيديرالي. وأشار مراقبون أتراك إلى ضرورة التنبّه إلى القوى الدولية والإقليمية، وخصوصاً سورية وإيران وإسرائيل التي قد تسعى إلى نسف المسار السلمي، من خلال اختراقاتها «الكردستاني»، ودعت الحكومة إلى تأمين حماية ومتابعة لهذا المسار. وكان أوجلان اقترح في خطته، إعلان وقف للنار وسحب مسلحي حزبه من تركيا، بدءاً من عيد «النوروز» في 21 آذار (مارس) المقبل، واستكمال ذلك بحلول منتصف آب (أغسطس) المقبل الذي يوافق الذكرى التاسعة والعشرين لبدء النزاع، في مقابل تعديل الدستور وإعادة تعريف المواطنة، بحيث لا تشير إلى أي عرق أو دين، وإقرار قانون الإدارة المحلية المعمول به في الاتحاد الأوروبي.