ثمة مؤشرات كثيرة تلفت النظر إلى أن الأردن في تحركه، بالتعاون مع أطراف إقليمية ودولية؛ لمحاولة إيجاد مخرج للأزمة السورية المستعصية، إنما يضع في حساباته أنْ يسعى إلى مواجهة استباقية لمشكلة بدأت احتمالات نشوئها تظهر وهي «العائدون من سورية». فالثورة السورية حرّكت صفوف السلفية الجهادية في الأردن، وأغرتهم بدور جديد، وبساحة جديدة ل «الجهاد»، وباتت مدينة درعا السورية على الحدود مع الأردن منطقة جاذبة لعناصر من السلفية الجهادية في الأردن، حتى صار ظاهرة شائعة أن يعلن التنظيم الجهادي في الأردن بين فترة وأخرى عن زفّ «شهداء» له في سورية، بل ثمة تقارير تفيد بأن درعا وحلب تكادان أن تصبحا حاضنتين أساسيتين لتيار السلفية هذا ممثلا ب «جبهة النصرة». من هنا، ربما لم يكن العاهل الأردني، الملك عبدالله الثاني، مبالغاً في قوله أمام المنتدى الاقتصادي العالمي في «دافوس» أواخر الشهر الماضي: «إن إحدى المشكلات الكبرى، هي أن مقاتلي تنظيم (القاعدة) أقاموا قواعد في سورية العام الماضي، وأنهم يحصلون على أموال وعتاد من الخارج، ما يعني أن (طالبان) الجديدة التي سيضطر العالم للتعامل معها ستكون في سورية». وقد كشف القيادي البارز في تيار السلفية الجهادية في الأردن محمد الشلبي المعروف ب «أبو سياف» أن عناصر التيار المنضوين تحت لواء «جبهة النصرة» في سورية رفضوا دعوات للانضمام إلى «الجيش السوري الحر» مقابل الحصول على المال والسلاح، مرجحاً حدوث صدام ومواجهة بين المقاتلين «الجهاديين» والمقاتلين العلمانيين في حال سقوط نظام بشار الأسد. بعضهم يذهب إلى القول إن أحد بنود زيارة العاهل الأردني الأخيرة إلى موسكو للتباحث في الشأن السوري لم تغب عنها مثل هذه الهواجس، وهي هواجس بالمناسبة باتت عنصراً محفزاً لإيجاد أرضية مشتركة بين الغرب وحلفائه في المنطقة وبين روسيا وحلفائها باتجاه حل سياسي ما للأزمة السورية. وقد حذّر المقدم جويل رايبون في دراسة تحليلية نشرتها، منتصف الشهر الجاري، مجلة «Defining Ideas»، التي تصدر عن مركز أبحاث هوفر التابع لجامعة ستانفورد بكالفورنيا، من تنامي خطر تنظيم «القاعدة» في سورية ولبنان والأردن والعراق. وتوقع رايبون تزايد الأخطار بمحاذاة السعودية في حال تمكنت «النصرة» من إنشاء قاعدة لها في الأردن.