غداة إقرار «المشروع الأرثوذكسي» في اللجان النيابية المشتركة وما أحدثه من تداعيات وانقسامات، تسارعت الاتصالات بين مختلف الأفرقاء سعياً إلى التوصل إلى صيغة توافقية لقانون الانتخابات محورها النظام المختلط الذي يمزج بين النسبي والأكثري. وفيما غاب لقاء الأربعاء النيابي عن عين التينة امس، علمت «الحياة» من زوار رئيس المجلس النيابي نبيه بري، أن «الاتصالات متواصلة وستتكثف في الأيام المقبلة في ما يخص قانون الانتخاب، وأنه لم يقفل الباب أمام المشاورات، وإنما أعطى فسحة غير محددة للتوافق، وأن جُلَّ ما يهمه الوصول إلى قانون توافقي لا يزيد الشرخ ولا يشكل فرزاً أو فوزاً لفئة أو طائفة على أخرى». وإذ أشارت المصادر إلى أن بري أكد أمام زواره أن «لا عودة إلى قانون الستين»، لفت إلى أن مشروع اللقاء الأرثوذكسي «ليس نهاية المطاف، ولكن إن لم نصل إلى أي شيء سنصوت عليه في الهيئة العامة». وكان رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النيابي ميشال عون، زار بري في عين التينة، وقال بعد اللقاء: «من الطبيعي أن نجتمع اليوم مع الرئيس بري لتبادل الرأي في الأحداث الأخيرة وفي أهم قانون تشريعي، أي قانون الانتخاب، ونحن على توافق تام في هذا الموضوع وفي بعض القضايا المطروحة أمام مجلس الوزراء»، وقال: «وحدنا وجهة النظر في المواضيع المطروحة واستعرضنا مواضيع شرق أوسطية وتوافقنا على النظر فيها». وعن المخرج للذهاب به إلى الهيئة العامة، خصوصاً أن بري قال في السابق إنه لن يذهب إلى جلسة نيابية إذا كان هناك فريقان أساسيان في البلد هما الطائفة الدرزية والطائفة السنية قد يقاطعانها، اجاب: «إذا لم يكن هناك قانون آخر يحقق العدالة والإنصاف لكل الطوائف، فبالتأكيد لا مشكلة، نذهب بقانون اللقاء الأرثوذكسي إلى الهيئة العامة». واعتبر أن «اقتراحات قوانين الانتخاب التي قُدمت غير مقبولة، ومتشابهة، والرئيس بري قال لهم أمامكم أسبوع، وسنرى إذا كانوا سيقدمون شيئاً ينصف الناس في الانتخابات». وعن وصف الرئيس سعد الحريري يوم أول من امس باليوم الأسود، وقول النائب وليد جنبلاط عنه إنه يوم حزين، قال: «هناك بلاد فيها ليل وبلاد أخرى مضيئة، ونحن نهارنا مضيء، وهو في بلاد السواد والليل، إذاً هو مخطئ في التشبيه». ولفت إلى «أن الرئيس بري هو صاحب قرار ويعطي الوقت اللازم للجميع، ولكن إذا وجد طريقاً مسدوداً فهو يقرر. انتظر التفاهم في اللجنة الفرعية، وأعطى مجالاً، ومدد مرتين للجنة للوصول إلى توافق، ولكنها لم تصل إلى نتيجة، فلذلك سار بالتصويت على المشروع الأرثوذكسي الذي نال الاكثرية». واكد عون أن «الانتقادات غير صحيحة، وما قيل كله وهمي، وسوف ترون في سياق الأحداث التي حصلت وستحصل، أنهم على خطأ»، وقال: «إذا واحد زعلان لأنو بدو يخسر الذي ربحه في القمار، ماذا أفعل؟ هذا مثل الذي يجلس إلى طاولة القمار ويربح في البداية ويجمع أمامه شبه ثروة، ثم في النهاية يخسر ما ربحه، وعندها يحسب أنه خسر، مع العلم أننا لم نأخذ منه شيئاً، لقد استعدنا حقوقنا من دون أن نمس أحداً». وفي المواقف، اعتبر رئيس «الحزب السوري القومي الاجتماعي» النائب أسعد حردان، أن «إقرار اللجان قانون اللقاء الأرثوذكسي، لا يعبر إطلاقا عن آمال اللبنانيين وتطلعاتهم، بل يقوض اتفاق الطائف، الذي شكل معبراً حقيقياً لخروج لبنان واللبنانيين من الحرب الأهلية إلى السلم الأهلي، ونحن نعتقد أن السلم الأهلي هو الأساس، لأنه التجسيد الفعلي لوحدة اللبنانيين». ولفت إلى أن «الحرص على لبنان دوراً وموقعاً ورسالة إشعاع، يتطلب قوانين عصرية توحد ولا تفرق، تحقق الإصلاح المنشود ولا توصل البلد إلى واقع الانقسام والتنابذ والفتنة»، محذراً من أن «إقامة الحواجز بين اللبنانيين على قواعد طائفية ومذهبية، إنما يشرع الأبواب أمام واقع أكثر تفتيتاً، يتمثل بقوانين العشيرة والقبيلة والعائلة، وهذا خطر محدق يجدر بكل ذي ضمير حي اجتنابه، لا بل مواجهته، لأنه يشكل مقتلاً للبنان، والغاء لدوره الريادي».