يحاذر النائب في البرلمان اللبناني علي بزي كثيراً الاقتراب من تسليط الضوء على ما يدور في كواليس الطبخة الانتخابية التي شرع رئيس المجلس النيابي نبيه بري في البحث عنها، عبر إيجاد نقاط جامعة على مقاس المعارضة والأكثرية على حد سواء، بعدما أظهرت الوقائع أن لا أحد من الأفرقاء السياسيين يستطيع وحده إيصال مشروع القانون الذي يطمح إليه. وينتقي بزي، الذي يمثل كتلة «التحرير والتنمية» (يرأسها بري) في لجنة التواصل الفرعية المكلفة البحث عن قانون جديد للانتخاب، كلماته كمن يمشي في حقل ألغام عندما يقارب مشروعاً لهذا الفريق أو ذاك «لئلا يشعر الحليف والخصم السياسي بأنه مستهدف بالحديث». النائب في حركة «أمل» الذي يقول عارفوه إنه موضع ثقة بري، يملك في جعبته الكثير من الأفكار التي بدأ الأخير بتدوير الزوايا فيها بالتفاهم مع القيادات السياسية لإنضاج قانون يحظى بموافقتها. ويجزم بزي المحيط بتفاصيل حركة رئيسه على خط التسوية الانتخابية ل «الحياة»، بأن «اللجنة الفرعية قطعت شوطاً كبيراً في النقاشات، وانتقلنا إلى المرحلة الثانية، وجوهرها ينحصر في الإجابة على نقطتين: آلية الدوائر والنظام الانتخابي، والآن نسعى لإيجاد مساحة مشتركة لإنتاج قانون يحظى بالتوافق، اما بقية المواد فتبقى تفاصيل». ولا يعتقد بزي أن الجدل الدائر حول «المشروع الأرثوذكسي» يخفي عدم الرغبة في إجراء الانتخابات، ويقول: «هناك إصرار من كل القوى على إجرائها في مواعيدها، ولا نرى أسباباً لتمديد تقني أو غير تقني ولو لفترة قصيرة، لأنه يجرّ إلى تمديد يتبعه تمديد. كانت لدينا ثلاثة مشاريع واقتراحات، وحصل نقاش مستفيض حولها، و «الارثوذكسي» استحوذ على موافقة غالبية أعضاء اللجنة الفرعية. الهواجس موجودة عند الجميع ونتفهمها، ويفترض بالقيادات السياسية تبديدها، إذ ليس في مقدورها إزالة هاجس في مكان وخلق هاجس عند الآخر، شرط أن تكون الهواجس موضوعية، لا أن تكون مصطنعة ومفتعلة. نتفهم شعور شركائنا المسيحيين لأنهم يريدون مناصفة حقيقية وليست ورقية، ولهذا حرصنا على ألا نمانع اي قانون يحظى بإجماع مسيحي، فراحة وطمأنة المسيحيين مسألة أساسية، وهذا ينسحب أيضاً على المكونات الأخرى، لأن البلد يقوم على توازنات. هناك نقاط ضوء مشتركة، حصل خرق للاصطفافات عبر «الأرثوذكسي»، وآخر عبر القبول المبدئي بمناقشة النظام المختلط، في وقت كان البعض يعتبر أن النسبية مرفوضة بالمطلق والآخر يرفض الأكثري. وناقشنا بأمانة علمية النظام المختلط وسنواصل هذا النقاش في الاجتماع غداً للإجابة على أسئلة طرحت حول هذا النظام. هناك حراك سياسي وطني كبير محوره الرئيس بري، من أجل جوجلة الصيغ والأفكار والطروحات بمواكبة من المرجعيات السياسية، لان ما يهمنا أن يشعر اللبنانيون بأن هذا القانون لا يشكل قهراً لفريق، أو أن تكون النتائج مبهمة، ولا أحد يقبل إمرار قانون تكون نتيجته معروفة سلفاً لا من 8 ولا 14 آذار». وإذ يترك التقدير في ما ستؤول إليه الحياة السياسية عند إنتاج برلمان على أساس مذهبي إذا ما رجحت كفة «الأرثوذكسي» إلى المرحلة الأخيرة، «لأننا لم نذهب بعد إلى اللجان المشتركة أو الهيئة العامة»، يضع بزي طرح النائب أكرم شهيب حول مجلس نيابي لاطائفي واستحداث مجلس شيوخ «في خانة العناوين والمواد الأساسية التي وردت في اتفاق الطائف، الذي لو طبقناه بحذافيره لوفرنا الكثير من الأزمات. في عام 1995 حين أطلق الرئيس بري ضرورة تنفيذ الطائف لجهة المواد المتعلقة بالمجلس النيابي، ومنها تشكيل الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية قامت الدنيا ولم تقعد حتى الآن. فوثيقة الوفاق الوطني تتضمن مواد لا يمكن أخذها بصورة استنسابية أو انتقائية، وهي في حاجة إلى ترجمة عملية، وليس بطريقة عشوائية. من حق النائب شهيب أن يطرح هذا الموضوع منطلقاً من اعتبار أننا أمام أزمة وطنية وليس أمام فقط مناقشة قانون انتخابات، وربما هذا النقاش يغني الجو ويعرف كل مكون كيف يفكر الآخر ومقارباته، هذا سجال ونقاش أعتقد أنه أقفل في حينه». ويشير بزي إلى أن «كل الأنظار متجهة إلى حركة بري، لأنه في الأزمات الشديدة يخرج من جعبته الكثير من الأفكار والمبادرات والطروحات، وواكب عمل اللجنة الفرعية وقدم لها كل التسهيلات، تشريعياً وسياسياً ولوجستياً، وهو في حركة اتصالات مستمرة لإيجاد مساحة مشتركة بين كل الأفرقاء، منطلقاً من أن أسوأ قانون انتخاب متفق عليه أفضل بكثير من قانون مختلف عليه ويؤدي إلى انقسام بين اللبنانيين». وإذا كان «المستقبل» والنائب وليد جنبلاط يمكن أن يوافقا على صيغة مركبة بين النسبي والأكثري، يجيب بزي بأنه لمس خلال النقاش حول النظام المختلط «جدية من قبل ممثلي «المستقبل» و «الاشتراكي» في عملية النقاش وطرح الأسئلة وتدوين الملاحظات، بعد أن كان الباب مقفلاً على النسبية. وهذا الخرق في الدخول بالحوار حول هذا النظام أغنى النقاشات التي ستستكمل غداً، وإذا كان من مشترك فلنذهب إليه. ولنترك العناد والإصرار والتمسك بمقترح ما». ويضيف: «حين نرى أن طروحات تزيل الهواجس عن مكونات أخرى أساسية نحاول أن نقف عندها وجربونا في اتفاق الدوحة، لذلك المطلوب عدم تفصيل قانون انتخاب على قياس مكون واحد، إذ إننا كلبنانيين نحاول للمرة الأولى أن نكون نحن من يفصل هذه البدلة، وهذا تحد أمامنا جميعاً لنخرج بقانون يكون عادلاً ومتوازناً ويراعي سلامة وحسن التمثيل الصحيح لكل الناس». ويخلص بزي إلى أن «الفترة المقبلة قد تحمل، فيما لو توافرت من عين التينة (مقر بري)، خلطة توافقية لقانون انتخاب ستحمي لبنان وأبناءه من عيون الحاسدين الذين يراهنون على خراب البلد. ولهذا فان الرئيس بري بحاجة إلى مؤازرة ومساعدة من كل المكونات، وعين التينة مفتوحة للجميع».