دخلت اللجنة الفرعية النيابية المكلفة البحث عن قانون جديد للانتخاب في جلستها التاسعة أمس، بجولة جديدة من النقاشات للتفتيش عن قواسم مشتركة، بعدما انتهت المرحلة الأولى من درس المادتين الأولى والثانية من مشروع الحكومة الانتخابي، والمتعلقتين بحجم الدوائر والنظام الانتخابي، إلى إعداد تقرير تضمَّن خلاصة المشاريع الانتخابية سلمه رئيسها النائب روبير غانم إلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري في عين التينة بعد ظهر امس. وفيما فتح النقاش الذي انطلق أمس، على أساس إمكان أن يكون هناك موقف مشترك ونقاط تلاق، توصلاً إلى صيغة تلحظ مطالب الجميع، أُعيد خلط الأوراق مجدداً، بعدما اقترح عضو «جبهة النضال الوطني» النيابية أكرم شهيب خلال الجلسة «إنشاء مجلس نيابي على أساس لاطائفي، وتحرير الحياة السياسية في يومياتها من القيود الطائفية»، قائلاً: «بذلك يكون النقاش جدياً في أي قانون يؤمن التمثيل الصحيح»، مقترحاً أيضاً «أن يعقد المجلس النيابي جلسات مكثفة ومفتوحة حتى إقرار قانون عصري توافقي، ويبدأ بتنفيذ ما اتفقنا عليه في الطائف، وهذا يكون بإنشاء مجلس شيوخ على قاعدة القيد الطائفي يناقش القضايا الوطنية الكبرى ويعزز الثقة بين مكونات المجتمع اللبناني، وإقرار اللامركزية الإدارية وإعادة الاعتبار للإنماء المتوازن، خصوصاً أن صلاحيات مجلس الشيوخ واضحة وحتى لا نتعرض لفيتوات من فريق على آخر في قانون الانتخاب». وقال شهيب: «انطلاقاً من الحديث عن الهواجس ومشكلة التمثيل وكون قانون الانتخابات ميثاقياً وفاقياً بامتياز، فإننا مع حصول الانتخابات في موعدها، وأن ينطلق الجميع في مناقشاتهم من اتفاق الطائف، إذ إن الكل يرغب في إجراء مناصفة حقيقية في أفضل قانون انتخاب ممكن التوصل إليه»، لافتاً إلى أنه «يجب تطوير الحياة السياسية والحزبية من القيود الطائفية منعاً لتكريس الانقسام». واستدعى موقف شهيب ردوداً رافضة من «القوات» و «الكتائب» و«التيار الوطني الحر»، فيما التزمت حركة «أمل» عبر النائب علي بزي، و «حزب الله» الصمت حيال النقاش حول ما اقترحه شهيب، على ما قاله النائب علي فياض ل «الحياة». ورد عضو كتلة «القوات» جورج عدوان على شهيب داخل الجلسة قائلاً: «مهمة الاجتماع حصرية بجدول الأعمال المتعلق بقانون الانتخاب، والمشروع الأرثوذكسي حاز على الأكثرية، ومَن لا يريده يقدم البديل. وهذا الطرح خارج إطار صلاحيات اللجنة ومهمتها، ويحتاج وقتاً، ويضرب موعد الانتخابات، وإذا كان هناك من يعتقد أنه قادر على الإبقاء على قانون ال60 فلن نصل إلى انتخابات». وزاد: «أي بحث في مستقبل لبنان ينطلق من المجلس النيابي، شرط أن يراعي صحة التمثيل»، وقال: «نسعى دائماً ومنذ الأساس لإيجاد قانون تتوافق عليه المكونات جميعها، وإذا كان «الأرثوذكسي» ينتج الهواجس، فنحن موجودون للمناقشة وهذا ما نقوم به في هذه اللجنة»، مضيفاً: «نحن أمام خيارين: إما أن تطرح بدائل أو أن يتوقف عمل اللجنة ونتوجه إلى الهيئة العامة للمجلس». «الأرثوذكسي» وفق الأكثري أما عضو كتلة «الكتائب» سامي الجميل، فقال: «هذه الطروحات ليس وقتها الآن. اللجنة مخولة البحث عن القانون الانتخابي. نحن مع البحث عن النظام السياسي في البلد لكن في لجنة أخرى»، واقترح «اعتماد المشروع الأرثوذكسي على النظام الأكثري بدلاً من النسبية، لتبديد هواجس الشريك، لأن ذلك يريح «تيار المستقبل»، الذي يعتبر أن هناك مناطق تقع تحت سيطرة السلاح ولا يمكن أن تنتخب وفق النظام النسبي، وهذا ما نتفهمه، لكن علينا تقديم البدائل، ونحن منفتحون على جميع الاقتراحات». بدوره لفت عضو «تكتل التغيير والإصلاح» ألان عون إلى أن «المهم في اللجنة الفرعية أن يستمر النقاش فيها ضمن إطار الواقع، وان نناقش القانون الانتخابي وكيفية إجراء الانتخابات في موعدها». وأشار إلى «أننا مازلنا في إطار المعالجة»، آملاً في «أن نجد حلاًّ لإقرار قانون انتخابي ينال الإجماع». ورأى عضو كتلة «المستقبل» أحمد فتفت من جهته، أن «أي طرح نسبي هو طرح إقصائي، ونحن نرفضه رفضاً باتاً»، وقال: «نحن منفتحون على أي طرح أكثري، قبلنا بالدوائر الصغرى وعلى استعداد لمناقشة أي تعديل في ما طرحه النائب الجميل، وهذه أول مرة تطرح فكرة اعتماد الأرثوذكسي على أساس الأكثري، وهذا يحتاج إلى تفصيل لنستطيع أن نناقش فيه». واعتبر أن لبنان «أمام أزمة وطنية فعلية»، داعياً إلى «حلول جذرية تلائم كل الناس». وأضاف فتفت: «الطرح النسبي سيكون في مناطق مفتوحة سياسياً، أما في المناطق المقفلة، فستتم الانتخابات وفق الأكثرية تحت السلاح». وأعلن غانم، الذي تقدم باقتراح داخل الجلسة على «أساس التأهيل المذهبي والانتخاب على أساس الدائرة الأوسع»، أنه «تم الاتفاق على محضر الجلسات السابقة»، وقال: «استكملنا البحث بمجمل الأفكار الواردة في مشاريع القوانين والاقتراحات المدرجة، وفي أفكار جديدة، وسنتابع في جلسة مسائية النقاش حول منهجية عمل اللجنة في المرحلة المقبلة، كي نتوصل إلى تصور مشترك في موضوع قانون الانتخاب». وقال غانم بعد تسليمه رئيس المجلس محضر جلسات اللجنة الفرعية: «تداولنا في بعض الأفكار، وهو طرح أفكاراً جديدة للمناقشة» حول قانون الانتخاب. وزاد: «الرئيس بري ركز على استمرار عمل اللجنة للتوصل إلى قانون انتخابي ينال رضى الجميع والعدالة في التمثيل الصحيح، ومن هذا المنطلق، سنستمر في عملنا كلجنة للتوصل إلى مشروع مقبول من كل الأطراف بلا إجحاف لأي طرف، وإن لم يكن عادلاً مئة في المئة»، مؤكداً أن بري منفتح على أي قرار تتخذه اللجنة. حماده وكان بري التقى النائب مروان حماده، الذي قال بعد اللقاء: «في السواد العام الذي يلف البلد، تبقى هناك نافذة ويبقى هناك ضوء، هو ضوء التوافق الوطني حول قانون انتخابات متوازنة يعمل بري على إذكائه»، متوقعاً «استمرار اللجنة النيابية الفرعية لتطوير القواسم المشتركة، فيما سيكون الرئيس بري محط اتصالات واسعة تشمل كل الأطراف خلال الأيام المقبلة»، مضيفاً: «لن نهرع إلى أي مغامرة في هذا الاتجاه أو ذاك قبل استكمال الرئيس بري هذه الاتصالات». وأعرب حماده عن اعتقاده أن «هذا الموقف المتلازم مع موقف رئيس الجمهورية ميشال سليمان سيؤدي حتماً إلى تجاوز الانقسام الحاد الذي نشهده اليوم»، مستبعداً أن «يطأ أي مشروع الهيئة العامة في جو هذا الانقسام». ورأى أن «بري لن يدعو اللجان المشتركة إلى الاجتماع قبل أن يفسح في المجال للجنة الفرعية أن تستكمل عملها. وأتصور أن الرئيس بري يفتش عن البدائل جدياً. وأي مشروع يدل سلفاً إلى الطرف الذي سيربح الانتخابات أؤكد أنه لن يمر، أي سيعمل الفريق الآخر على تعطيله»، مشدداً على «وجوب أن يكون هناك قانون متوازن، ربما مركّب، وبالتالي يفسح في المجال لكي تكون نتائج الانتخابات رهن إرادة اللبنانيين حقيقة وليست مرسومة سلفاً». ولفت حماده إلى «اتصالات ستجري»، رافضاً «الإفصاح عنها لأسباب أمنية». وكان حماده التقى أول من امس رئيس «جبهة النضال» النائب وليد جنبلاط.