اشتبك افراد من ذوي ضحايا التفجير الذي استهدف السبت الماضي سوقاً في حي شيعي بمدينة كويتا في اقليم بلوشستان جنوب غربي باكستان واسفر عن 89 قتيلاً، مع الشرطة خلال مراسم الدفن، بعدما اطلق عناصرها النار في الهواء لتفريق محتجين هاجموا سيارات مسؤولين حكوميين وآليات عسكرية ورشقوها بالحجارة. ويثير العنف شكوكاً في قدرة الحكومة على تأمين البلاد قبل الانتخابات المتوقع اجراؤها في ايار (مايو) المقبل. وتحدثت تقارير عن تبادل رجال الشرطة النار مع شبان من أسر الضحايا، وهروب مئات من الأشخاص بينهم نساء وأطفال اثر اندلاع الاشتباكات، ما أدى إلى تدافع خلال مراسم الدفن. وانتهت الحوادث بجلوس مئات من النساء وسط الطريق العام لإغلاقه. ورغم إعلان مجلس وحدة المسلمين الباكستاني وعائلات ضحايا تفجير كويتا إنهاء الاعتصامات التي شهدتها البلاد بعد الهجوم، وذلك بعد نجاح مفاوضات مع وفد برلماني، رفض بعض أسر الضحايا الإعلان، مشترطين تنفيذ السلطات عمليات ضد المنفذين في بلوشستان. وكان ممثلو الحكومة ابلغوا الأمين العام للمجلس العلامة أمين شهيدي وعائلات الضحايا، الموافقة على تنفيذ عمليات أمنية موجهة بمشاركة الجيش، لكنهم رفضوا طلب نشر هذا الجيش في كويتا. وتلا ذلك إعلان وزير الداخلية رحمن مالك أن الحكومة أبدلت أيضاً رئيس شرطة الاقليم، وعرضت اجراء تحصينات شديدة لمنطقة طائفة الهزارة الشيعية في كويتا، والتي تتميز بخصائص ولهجة تجعلهم أهدافاً سهلة للمتشددين السنة. وأعلنت السلطات أول من امس، مقتل 4 مشبوهين في التورط بالهجوم الذي شن باستخدام سيارة مفخخة بكمية 800 كيلوغرام من المتفجرات، واعتقال 170 آخرين، متعهدة استمرار العملية واعتقال جميع الجناة. لكنها لم توضح كيف استطاعت قوات الأمن تحديد مكان هذا العدد الكبير من المشبوهين في فترة زمنية قصيرة، أو سبب عدم تحركها سابقاً على هذا النحو. ويتسم سجل باكستان الخاص بملاحقة المشبوهين في الإرهاب بالضعف، إذ أفرجت سلطاتها عام 2011 عن مجموعة كبيرة من المعتقلين كانوا مثلوا أمام محاكم مكافحة الإرهاب في اقليم البنجاب. وكان هجوم مماثل استهدف الأقلية الشيعية الشهر الماضي، وخلف حوالى مئة قتيل وحركة احتجاج لأقارب الموتى الذين رفضوا دفن قتلاهم لأيام أيضاً، قبل أن تتعهد الحكومة تعزيز إجراءات حمايتهم وتفشل في تنفيذه. وخلال جلسات عقدتها المحكمة العليا في إسلام آباد لمناقشة تصاعد العنف، طالب كبير قضاتها تشودري افتخار محمود أجهزة الاستخبارات بتزويده تقارير عن كيفية مواجهتها خطر جماعة «عسكر جنقوي» السنية المتشددة التي تبنت تفجيري كويتا وسلسلة اغتيالات لمسؤولين شيعة، بهدف زعزعة استقرار باكستان وإنشاء دولة دينية سنية.