قفزت تداعيات المجزرة المروعة التي استهدفت الأقلية الشيعية في مدينة كويتا بإقليم بلوشستان جنوب غربي باكستان السبت الماضي، وأسفرت عن مقتل 89 شخصاً وأكثر من مئة جريح، لتصب النار على الحكومة وتزيد من مشاكلها في الأسابيع الثلاثة الأخيرة من عمرها. ووجهت المحكمة العليا انتقادات شديدة للحكومة وأجهزة الأمن والاستخبارات، مشددة على أن مجزرة مماثلة ارتكبت في كويتا الشهر الماضي «من دون أن تحرك الحكومة ساكناً، ما يؤكد عجزها عن حماية المواطنين وتأمين حقوقهم الأساسية». وقال كبير قضاة المحكمة العليا تشودري افتخار محمود في جلسة شهدت استدعاء وكيلي وزارتي الداخلية والدفاع ومسؤولي الشرطة وأجهزة أمن أخرى، إن «المحكمة لن تفرض تدخل الجيش في كويتا، لكن المجزرة تؤكد فشل ستة أجهزة استخباراتية». وسأل كبير القضاة وكيل الداخلية خواجا صديق أكبر كيف يمكن لمجموعة إرهابيين إدخال بين 800 وألف كيلوغرام من المتفجرات إلى سوق شعبي، على رغم استئناف أجهزة الأمن منذ التفجيرات السابقة؟ ورداً على سؤال كبير القضاة عمن اعتقلتهم أجهزة الأمن بعد الحادث، كشف وكيل الداخلية مقتل 4 مشبوهين في الانتماء إلى منظمات إرهابية خلال عملية مطاردة أمس، واعتقال 170 مشبوهاً آخرين. وكان رئيس الوزراء راجا برويز أشرف أمر ببدء عملية نوعية في كويتا لمطاردة المشبوهين بالاعتداء، من دون أن يطلب مساعدة الجيش في ضبط الأمن والحفاظ على أرواح الناس وممتلكاتهم. جاء ذلك غداة إرسال أشرف وفداً برلمانياً للتفاوض مع عائلات القتلى في كويتا، من أجل دفن موتاهم ووقف الاحتجاجات التي أغلقت أسواق المدينة. وتطالب الأقلية الشيعية في باكستان بوقف الهجمات المسلحة على أفرادها في كويتا، في وقت تتهم بعض عناصر وقيادات أجهزة الأمن بتوفير غطاء للجماعات المسلحة المحظورة التي تنفذ هذه العلميات. ورفض ذوو القتلى في كويتا دفن موتاهم الذين وضعوا جثثهم في توابيت نشروها في شوارع المدينة، في عملية احتجاج تشهدها المدينة للمرة الثانية خلال شهرين. مصادر قبلية باكستانية في كويتا أبلغت «الحياة» أن العملية التي تبنتها جماعة «عسكر جنقوي» ضد الشيعة نتجت من معلومات حصل عليها التنظيم المحظور عن تنفيذ الأقلية الشيعية في كويتا نشاطات استخباراتية ضد حركة «طالبان» الأفغانية، وتعاونها مع كابول والقوات الأميركية في أفغانستان. وأضافت المصادر التي طلبت عدم كشف هويتها أن «تحدر الأقلية الشيعية في كويتا من قبائل الهزارة الشيعية الأفغانية يسهل تنقلها في إقليم بلوشستان، بسبب منحها الجنسية الباكستانية، وكذلك الأراضي الأفغانية. وجعل ذلك أفراد الطائفة الشيعية في كويتا عناصر صالحة للاستغلال من قبل الاستخبارات الأفغانية والأميركية، من أجل رصد طالبان الأفغانية».