تبلغ درجة حرارة الشمس 16 مليون كالفن عند لبّها، وتصل إلى قرابة 5780 كالفن عند سطحها المرئي، ما ينسجم مع قانون الديناميكية الحرارية الثاني. في المقابل، ثمة لغز مُحيّر بصدد تلك النجمة. إذ طالما دُهش علماء الفيزياء بقدرة الشمس على إعادة تسخين هالتها، وهي تلك الحلقة المرهفة التي تطوّق الشمس، وهي ترى بوضوح أثناء كسوف الشمس. وعلى نحو غامض، تعود الحرارة إلى الارتفاع عند الحافة، لتصل إلى قرابة مليون كالفن وأكثر. إذن، كيف تتدفّق الحرارة التي تنبعث من لبّ الشمس نحو الخارج، ثم تعود إلى حال السخونة اللاهبة لتزيد حرارة هالة الشمس عن سطحها المرئي بمقدار يزيد على 200 ضعف؟ موجات مغناطيسيّة غامضة يتوافق العلماء على أن طاقة كبيرة جداً يجب أن تتوافر كي ينجز ذلك التسخين داخل الشمس. كذلك يتّفقون على القول إن نطاق الشمس المغناطيسي ينقل الطاقة المطلوبة نحو الخارج لتصل إلى الهالة. وينتهي التوافق بين العلماء عند هذا الحدّ، إذ يدور نقاش حاد بينهم حول كيفية انتقال الحرارة من طريق الحقل المغناطيسي للشمس، وكذلك الحال بالنسبة إلى عودة الحرارة إلى الارتفاع بشدة عند هالة الشمس. ولا تزال هذه الأمور غامضة حتى اليوم. والطريقة الأكثر شعبية لتفسير هذه الظاهرة تستند إلى التسخين من طريق الموجات المغناطيسيّة. وحاضراً، ثمة تركيز كبير على الدور الذي تؤديه موجة «ألففين» Alfven wave وهي عبارة عن تموّج مُلتو يسير عبر خطوط النطاق المغناطيسي. ودرس الباحثون موجات «ألففين» في المُختبرات، لكنهم لم يكتشفوا وجودها في خطوط الحقل المغناطيسي للشمس إلا في الآونة الأخيرة. لكن، يجهل الجميع لغاية اليوم ما إذا كانت هذه الأمواج تحمل معها طاقة كافية لتسخين هالة الشمس بأكملها. ثمة بديل من موجات «ألففين» يتمثّل في التوهجات الدقيقة التي تُنتَج عندما تعود خطوط حقل الجاذبية إلى التقاطع مع بعضها بعضاً عند هالة الشمس الخارجيّة. وأثناء هذه العملية، تتشابك الخطوط بشكل كثيف، فيما جذورها ممتدة إلى لبّ الشمس، ما يعطيها القدرة على تخزين كميات هائلة من الحرارة، ثم نقلها إلى هالة الشمس. وأحرز متخصصون في دراسات الشمس تقدّماً طفيفاً في الآونة الأخيرة، بصدد فهم ظاهرة ارتفاع حرارة هالة الشمس، بفضل المعلومات التي سجّلتها المركبة الفضائية اليابانية «هاينود» و»مرصد ديناميكية الشمس» التابع ل «وكالة الفضاء والطيران الأميركية» («ناسا»). في المقابل، تتمتع الموجات التي يُعتقد أنها تمدّ الهالة بالطاقة، بسرعة هائلة، ما يُصعّب رصدها وتحديد كميّتها من طريق المعدّات المستخدمة حالياً. وأخفقت مركبات الفضاء التي أطلقت لدراسة الشمس، في حلّ لُغز السخونة اللاهبة لهالة الشمس. ولا يلوح في الأفق أمل بإمكان التوصل إلى حلّ لهذا اللغز في وقت قريب. ولذا، ما زال الباحثون في هذا المجال يتطلعون إلى إمكان صنع مراصد شمسية جديدة ومتطوّرة. وفي أواخر العام 2012، أطلقت وكالة «ناسا» مركبة فضاء متخصّصة في رصد الأطياف الشمسية، كما توشك على إنجاز «التلسكوب الشمسي المتطوّر تكنولوجياً» Advanced Technology Solar Telescope في مدينة «هاليكالا» في هاواي، قبل ختام العام 2014. ومن المتوقع أن تفوق مرآته مرتين حجم مرآة أكبر تلسكوب شمسي مستخدم في الوقت الحاضر. وإضافة إلى هذا، تعتزم «وكالة الفضاء الأوروبية» إطلاق مركبة فضاء باتجاه الشمس، تحمل اسم «سولار أوربيتر» Solar Orbiter، في العام 2017. ويتوقع أن تتمكن «سولار أوربيتر» من الحصول على صور أفضل لقطبي الشمس. وتتقاطع هذه المشاريع في سعيها إلى الحصول على رؤية أوضح وأدق للشمس مكانيّاً وزمانيّاً.