واصلت وسائل الإعلام العبرية أمس أيضاً تلمُّس طريقها في الظلام بحثاً عن معلومات إضافية عن ملابسات وفاة السجين الأسترالي-الإسرائيلي بن زيغر في زنزانة في سجن قرب تل أبيب، وهو ظلام ناجم عن سيف الرقابة العسكرية المصلت عليها التي لم تسمح لها سوى نشر سوى النزر اليسير عن هذه القضية، لتذهب هذه إلى الإعلام الأسترالي والدولي وتترجم لقرائها ما كتبته وبثته وسائل الإعلام الأجنبية. وبين بحر المعلومات التي استقتها من الإعلام الاسترالي، اختارت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن تعنون صفحتها الأولى بهذا الاقتباس: «عميل موساد كان على وشك إفشاء أسرار دولة»، ما من شأنه أن يلمح إلى أن هذا السبب الرئيس لاعتقاله و «وفاته»، في وقت لم يستبعد أحد محامي السجين أفيغدور فيلدمان أن لا يكون شنق نفسه في زنزانته. وتوقفت الصحيفة العبرية عند ما نشر في استراليا من أن «عميل موساد اعتقل عندما أوشك على إفشاء معلومات حساسة للاستخبارات الاسترالية أو لوسائل إعلام، عن عمليات لموساد، خصوصاً أساليب الجهاز في عمليات تزوير جوازات سفر استرالية». وأضافت أن طلاسم «لغز زيغر» لن تفك قبل توفير الأجوبة على جملة من الأسئلة، مثل: «لماذا تقرر اعتقال زيغر؟ هل كان عميلاً مزدوجاً؟ وهل قادت المحادثة التي أجراها معه الصحافي الاسترالي تريفور بورمان (عن علاقته بموساد) إلى اعتقاله؟ وفي أي دولة ومتى تم اعتقاله؟ وهل نجح في نقل معلومات سرية قبل اعتقاله؟ وكيف نجح في وضع حد لحياته تحت حراسة شديدة؟». في غضون ذلك، دافعت أوساط قضائية رفيعة المستوى عن الاتهامات التي وجهت الى جهاز القضاء على «تعاونه» مع المؤسسة الأمنية في فرض الحظر على النشر عن قضية أمنية كهذه. وقال مصدر قضائي إن زيغر وافق على سجنه تحت اسم مزور من أجل سلامته وسلامة عائلته أولاً، وحفاظاً على أمن الدولة. وأضاف أن حبسه في سجن انفرادي جاء من أجل منعه من تسريب أسرار أمنية، وكي لا يتحدث مع أي شخص في السجن. وتابع أن زيغر حصل على جميع الحقوق التي يحصل عليها سجناء الحبس الانعزالي، وأنه سُمح لعائلته بزيارته، وتم تكليف ثلاثة محامين الدفاع عنه، وأن عملية اعتقاله واحتجازه في تلك الزنزانة «خضعت لجميع الإجراءات القانونية والقضائية المتعارف عليها»، وأنه أقدم على الانتحار خلال محاكمته. وبرر المصدر حبس زيغر تحت اسم مستعار بضرورة ضمان «التوازن بين الضرورات الأمنية للدولة وحقوق السجين». ورفض الرد على سؤال عما إذا كان هناك سجناء في السجون الإسرائيلية في حبس انعزالي وبأسماء مزورة. وأوضح أن نتائج التحقيق الذي قامت به رئيسة محكمة إسرائيلية عن ملابسات وفاته وخلص إلى أنه أقدم على الانتحار من دون أن تشير ما إذا كان هناك إهمال من حراس الزنزانة، نُقلت إلى النيابة العامة، مضيفاً أنه في حال تبيّن حصول إهمال منهم «فسيتم تقديم لوائح اتهام ضدهم». ونقلت صحيفة «هآرتس» عن «مسؤول» رفض الكشف عن هويته، أن النيابة العامة وقعت قبل أقل من شهرين، على اتفاق مع عائلة زيغر يقضي بتعويضها بمبلغ مالي كبير. وتناول معلقون في الشؤون الاستخباراتية انعكاسات الكشف عن هذه القضية على عملاء «موساد» من اليهود في الدول المختلفة، خصوصاً لجهة إثارة الشبهات تجاه مجمل اليهود، خصوصاً يهود أستراليا، أثناء تجوالهم في أنحاء العالم، بحيث تكون النظرة إليهم على أنهم جواسيس ل «موساد». ورأى العنصر العميل السابق في «موساد» جاد شيمرون، أن الكشف عن هذه القضية يمكن أن يذكي العداء للسامية والمزاعم بازدواجية ولاء اليهود. في غضون ذلك، قال الصحافي الاسترالي تريفور بورمان الذي كشف عن القضية، أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية استنفرت وبذلت قصارى جهدها لتفادي انتشار المعلومات عن القضية، وأنها أعربت عن ثقتها بأن وسائل الإعلام الإسرائيلية الكبرى ستطبق حتماً، «ورغماً عنها»، التعتيم الكامل المفروض على القضية، وان «المهمة الرئيسة للمراقبين تقضي بسحب النصوص المنشورة في المدونات والتي تتضمن رابطاً إلى خبرنا». وقال العميل السابق في الاستخبارات الأسترالية وارن ريد، إن اسرائيل كانت تخشى أن يكون زيغر على علم بأمر يمكن ان يسبب لها متاعب في حال أفشاه لوكالة استخبارات معادية لإسرائيل، «فيلحق الضرر بالأمن القومي لإسرائيل لسنوات كثيرة».