استعادت القوات النظامية السورية الخميس السيطرة على بلدة كرناز في ريف حماة وسط سورية بعد 16 يوماً من المعارك العنيفة مع مسلحي المعارضة، بحسب ما ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، لكن القوات النظامية والخاصة، وقوات الحرس الجمهوري لا تزال تعاني من هجمات المعارضين في العاصمة دمشق وريفها ولم تتمكن بعد يومين من المعارك الشرسة من صد هجوم على مداخل دمشق وبعض النقاط الحساسة في وقت عاش سكان دمشق قلقاً كبيراً من اقتراب المعارك من منازلهم وأصبحوا يتجنبون الخروج سوى للتبضع وشراء الحاجات الأساسية. وقال المرصد في بيان: «اقتحمت القوات النظامية بلدة كرناز بعد اشتباكات عنيفة مع مقاتلين من كتائب مقاتلة استمرت نحو 16 يوماً»، ونقل عن نشطاء في البلدة أن هذه القوات «أحرقت بعض المنازل خلال حملة مداهمات وتفتيش» قامت بها، وأن المقاتلين المعارضين انسحبوا من البلدة. وكانت القوات النظامية استعادت قبل يومين السيطرة على قرية المغير القريبة. وسقطت هاتان المنطقتان بين أيدي قوات المعارضة في الأسبوع الأخير من كانون الأول (ديسمبر) بعد معارك ضارية وهجوم شامل شنه مقاتلو المعارضة في ريف حماة الشمالي. ومنذ ذلك الوقت، تحاول القوات النظامية استعادتها. وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن إن هذه القرى «تعتبر ممراً إلى القرى العلوية في ريف حماة الغربي». وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» من جهتها أن وحدات من القوات المسلحة السورية «قضت على إرهابيين من جبهة النصرة وأحرار الشام في بلدة كرناز ودمرت مقارهم». وأفاد المرصد عن تعرض بلدة كفرزيتا في ريف حماة الشمالي أيضاً لقصف من القوات النظامية الخميس. وقالت الهيئة العامة للثورة السورية في بريد إلكتروني أن «القصف العنيف» يطاول قرية الحواش في المنطقة نفسها ما تسبب بسقوط قتلى وجرحى. ونزح معظم أهالي هذه المناطق خلال الأشهر الأخيرة بسبب المعارك. وقال قائد من قوات المعارضة وناشط معارض أن مقاتلي المعارضة اشتبكوا مع وحدات من الجيش السوري أمس ولليوم الثاني للسيطرة على أحياء في دمشق في هجوم يستهدف زعزعة قبضة الرئيس السوري بشار الأسد على العاصمة. وذكرا أن وحدات الحرس الجمهوري الخاصة المتمركزة على جبل قاسيون وسط دمشق أطلقت قذائف المدفعية والقذائف الصاروخية على حي جوبر الشرقي وعلى الطريق الدائري الجنوبي حيث هاجم مقاتلو المعارضة متاريس ومواقع للجيش. وقالت وسائل إعلام سورية حكومية إن قذيفة مورتر أطلقتها المعارضة على محطة حافلات في حي قابون في شمال شرقي البلاد أمس قتلت ستة أشخاص بينهم امرأة وثلاثة أطفال وأصيب العديد بإصابات خطيرة. وقال سكان دمشق الذين أصبحوا معتادين على أصوات الحرب إن وابلاً من النيران التي أطلقت الأربعاء كان من بين الأكثر كثافة التي سمعوها. وقال أحد سكان وسط دمشق بالهاتف: «أصبحوا مختلين... جميعهم، مجانين». ويقع جوبر وزملكا بالقرب من مجمعات للأمن تتمركز فيها قوات الأسد بينما يقع الحجر الأسود قرب المدخل الجنوبي للعاصمة والطريق السريع المتجه إلى مدينة درعا والحدود الأردنية. وقال إسلام علوش من وحدة لواء الإسلام التابعة لقوات المعارضة إن حي جوبر هو أكثر حي يدور حوله الصراع ولذلك يقصفه النظام بشدة. وذكر أن الجيش السوري يحشد قواته لاستعادة السيطرة على تقاطع مهم في الطريق الدائري. وقالت وسائل الإعلام إن الجيش دحر المعارضين من جوبر وأحياء شرقية أخرى. وقال ضابط جيش متقاعد في دمشق إن قصف مناطق المعارضة يصيب المدنيين والمقاتلين من دون تمييز وإن الجيش «يقف على بعد مئات الأمتار ويطلق القذائف. وتسقط القذائف على أي شخص. نساء وعائلات وأي شخص. أين الشجاعة في ذلك»؟ وقال علوش إن القصد من هجوم مقاتلي المعارضة ليس السيطرة على وسط دمشق. وأوضح أن قوات المعارضة لن تحاول القيام بذلك ما دامت قوات الأسد تسيطر على قواعد رئيسية خلف قوات المعارضة في حي المليحة وبلدة عدرا. وأكد أن الهدف هو السيطرة على مواقع القناصة والتحصينات التي تعد جزءاً من خط دفاع النظام عن دمشق لا التقدم بسرعة من دون الحصول على الدعم المناسب. وقال ناشط معارض في دمشق إن الهجوم يجري تحت قيادة ضباط سنة انشقوا على الجيش النظامي ويهدف إلى قطع خطوط القيادة والتحكم لقوات الأسد من قلب المدينة إلى ضواحيها. وتقول مصادر المعارضة إن المقاتلين يستخدمون مدافع مضادة للطائرات وقذائف المورتر وعربات مدرعة تم الاستيلاء عليها من قوات الأسد خلال الأشهر القليلة الماضية. وأخذ العديد من الآباء أبناءهم من المدارس في وقت مبكر الأربعاء وتملأ رائحة المتفجرات اللاذعة الجو وأجبرت بعض الناس على الإبقاء على نوافذهم مغلقة. وذكرت صحيفة «الوطن» السورية القريبة من السلطات الخميس أن الجيش شن الأربعاء «عملية استباقية» في منطقة دمشق بعدما تلقى معلومات عن هجوم وشيك للمجموعات المعارضة. وأضافت: «في حين كانت المعلومات تتدفق لأجهزة الأمن السورية عن تسريع عملية الهجوم على دمشق (...)، قامت وحدات من الجيش العربي السوري مساء الثلثاء بشن عمليات نوعية استباقية لما عرف بعملية «ملحمة دمشق» وأصابت ودمرت عدداً كبيراً من أوكار الإرهابيين وأردتهم بين قتيل وجريح». وذكرت وكالة «فرانس برس» أن المعارك وعمليات القصف تواصلت أمس على مناطق واسعة في الريف بينها دوما والزبداني وداريا وعربين وحران العواميد ويلدا، فيما تتركز المعارك في مدينة زملكا. ووقعت اشتباكات صباحاً في أطراف حي القابون في شرق دمشق من جهة طريق دمشق حمص الدولي رافقها سقوط قذائف على الحي، بحسب المرصد. وذكرت الهيئة العامة للثورة السورية أن «قوات النظام قصفت بقذائف المدفعية والهاون حي الثلاثين» في مخيم اليرموك، «ما أدى إلى احتراق عدد كبير من المنازل». وكان المجلس الوطني السوري أحد أبرز مكونات المعارضة، دعا الأربعاء «جميع مؤسسات المجلس والائتلاف الوطني وجميع أبناء الشعب السوري إلى التحرك لدعم ثوار دمشق وكتائب جيشها الحر بكل ما يملكون من طاقات وعلى كل الصعد». وقال في بيان إن «التطورات الميدانية تؤكد أن الثورة (...) لا تزال الطريق الأقصر لتحقيق النصر الكامل وإسقاط النظام المجرم».