ولي العهد يعزّي نائب رئيس وزراء كوريا في ضحايا ارتطام طائرة بمطار موان    رتال تطلق حملة «عام قبل الوعد» والبدء بتسليم وحدات من مشروع «نساج الفرسان»    وزير خارجية سورية: نعمل لتوطيد العلاقة مع الخليج وإعادة بلادنا لمحيطها العربي    مدرب المنتخب السعودي : جاهزون لمواجهة عُمان ونسعى للتطور والفوز بلقب خليجي 26    "التجارة" تضبط مستودعاً استغلته عمالة مخالفة للغش في المواد الغذائية    القيادة تعزّي رئيس الولايات المتحدة في وفاة الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر    إغلاق عقبة الهدا بالطائف شهرين    توزيع 132 حقيبة إيوائية في ولاية بغلان بأفغانستان    وزير خارجية سوريا: نتطلع لبناء علاقات إستراتيجية مع السعودية    مشروع طبي سعودي تطوعي للجراحات المتخصصة للأطفال في جمهورية جيبوتي    13 ألف خريج وخريجة من برامج التخصصات الصحية    قوافل مساعدات سعودية جديدة تصل إلى غزة    مكة المكرمة: القبض على شخص لترويجه 8,400 قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي    فرسان تعليم الطائف في أولى مواجهات فرسان التعليم في موسمه الثالث    الشورى يقر مشروع تعديل نظام إنتاج المواد التعليمية المساعدة    مدرب عُمان : مواجهة المنتخب السعودي صعبة .. وجاهزون لجميع الاحتمالات    الجوازات: صلاحية جواز السفر للمواطنين الراغبين في السفر إلى الخارج 3 أشهر للدول العربية و6 أشهر لبقية الدول    نائب وزير الخارجية يستقبل سفير باكستان لدى المملكة    نائب وزير الخارجية يستقبل الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي    نتائج نشرة خدمات 2023.. «الإحصاء»: 78.1% مدارس التعليم العام و800 ألف رحلة أقلعت من 29 مطاراً    بايدن ينعى الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر    فرع الصحة بجازان ينفذ "ملتقى الاستثمار الصحي الأول"    د.المستنير مديراً لفرع هيئة الصحفيين في عسير    إستحداث فرع بجائزة "السائق المثالي" لقائدي الدراجات الآلية    "التجارة" تحث الشركات إلى إيداع قوائمها المالية وتجنب الغرامة المالية التي تزيد بنسبة 50% في حال التكرار    "المرور": استخدام (الجوال) يتصدّر مسببات الحوادث المرورية    "التخصصي" يعالج شابًا بزراعة بنكرياس باستخدام الروبوت    ابتكارات عصرية بأيدي سعودية تعزز رفاهية الحجاج في معرض الحج    الإحصاء تُعلن نتائج المسح الاقتصادي الشامل في المملكة لعام 2023م        تبرير الأخطاء: جسرٌ إلى الفساد الأخلاقي    في بطولة خليجي "26".. الحمدان يتصدر الهدافين.. والدوسري يغيب عن نصف النهائي    عزة النفس وعلو الإنسان    الصقور تجذب السياح    كرّمت الشركاء الذين أسهموا في دعم الأهداف العامة.. «الثقافة» تحتفي بختام مبادرة عام الإبل 2024    في المرحلة ال 19 من الدوري الإنجليزي.. تشيلسي ضيفا على إبسويتش.. ويونايتد في اختبار نيوكاسل    المحتوى المحلي: إضافة 122 منتجاً في القائمة الإلزامية    ضيوف «برنامج خادم الحرمين» يشيدون بجهود المملكة    برئاسة وزير الإعلام .. مجلس إدارة الهيئة العامة لتنظيم الإعلام يعقد اجتماعه الثالث لعام 2024    معركة اللقاحات    الذكاء الاصطناعي يشخص أفضل من الأطباء    ومات عدوية.. رائد الأغنية الشعبية في السينما المصرية    وزيرا «الإسلامية» و«التعليم» يدشّنان برنامج زمالة الوسطية والاعتدال لطلاب المنح الدراسية    آمنة محمود الجيدة.. رائدة تعليم البنات وأول معلمة قطرية    "ملكية العلا" تحتفي برواد الطبيعة    الأخوان هزازي ل«عكاظ»: الأخضر لن يفرّط في «الكأس»    5 فوائد للأنشطة الأسبوعية تطيل العمر البيولوجي    ترحيل إجازة الشتاء لرمضان !    الشباب يكسب ضمك "ودياً" برباعية في معسكر الدوحة    التعصب في الشللية: أعلى هرم التعصب    «تونسنا عليك»    بين الأماني والرجاء.. رحمٌ منبثٌ    سورية.. مخاوف منطقية!    يونس.. هل استوعبت الدرس جيداً؟    ما الفرق بين الدخان والهباء الجوي؟    نائب أمير منطقة مكة يترأس اجتماعًا لمتابعة مشاريع التنمية للمنطقة    حماة الحدود.. شموخ طويق وعزيمة الرجال    المملكة تعزي جمهورية كوريا إثر حادث تحطم طائرة ركاب في مطار موان الدولي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في وداع «الآداب»؟
نشر في الحياة يوم 28 - 01 - 2013

عندما خلف سماح إدريس والده، الروائي والمعجمي والمترجم سهيل إدريس، في تحرير مجلة «الآداب» عام 1991 بدا للحين صاحب مشروع «شخصي» آخر يختلف عن مشروع الوالد أو يختلف معه اختلاف جيل مع جيل ولكن من غير تمرد معلن أو سعي إلى «القتل» الأوديبي الشهير. انطلق سماح الناقد والكاتب وحيداً في مشروعه، لم ينشئ هيئة تحرير تسانده في عمله وتكون مرجعاً له، على غرار ما يفعل محررو المجلات عادة. ولم تصدر بضعة أعداد حتى اتضحت ملامح مشروعه الذي لم يستطع أن يخفي بعده الأيديولوجي والفكري، التقدمي والعروبي والقومي. وبدا كأنه يكمل السبيل الذي اختطته المجلة منذ تأسيسها في 1953 بعد نحو عام على اندلاع ثورة يوليو المصرية. فالمجلة عُرفت منذ أعدادها الأولى بالنزعة العروبية - القومية التي سادت في تلك الحقبة وباتت مرجعاً ثقافياً ومعياراً تطلق من خلاله الأحكام الأخلاقية والأدبية والفكرية.
كان من الجليّ أنّ مشروع إدريس الابن لم يتمكن من الحفاظ على «جمهور» المجلة القديمة ولا من إقناعه ب «الثورة» التي أعلنها، فراح هذا الجمهور ينكفئ عنها بهدوء بعدما عجز عن مجاراتها أيديولوجياً أو سياسياً أو حداثياً. لكنّ سماح ظلّ مصراً على مشروعه، ومضى به غير آبه بالعواقب التي يمكن أن تتأتى عن مثل هذه المغامرة. وسرعان ما شرعت «الآداب» تتخلى عن صفتها كمجلة أدبية في المعنى الشامل للأدب لتنفتح على حقول العلوم الإنسانية والسوسيولوجيا والأيديولوجيا والميديولوجيا والسياسة، وبدت في أحيان كأنها تضيق ذرعاً بالأدب، شعراً وسرداً ونقداً. وكادت أعداد غير قليلة تخلو خلواً تاماً من الأدب. وجراء هذا الخيار فقدت المجلة مزيداً من قرائها «المتأدّبين» من دون أن تربح القراء الآخرين المعنيين بالفكر والعلوم الإنسانية والذين يتابعون مجلاتهم ذوات الاختصاص.
أما القراء الشباب الذين سعى سماح إلى مخاطبتهم والتوجه إليهم فلم يشعروا أنهم منجذبون إلى هذه الصيغة الجديدة. هل حاول سماح استفتاء الجيل الجديد والتعرف إليه وإلى ذائقته وثقافاته الحديثة جداً؟ ظل الجيل الجديد بعيداً عن «الآداب» مثلما ظلت هي بعيدة عنه أو غريبة. ولم تستطع الملفات الثقافية ذات الطابع الشبابي التي أعدتها المجلة من كسر «الجليد» بينها وبين الشباب، على رغم أهمية بعض هذه الملفات وفرادتها وجدّيتها التي فاقت لزوم ما يلزم. ومنها الملف الذي خصت به المجلة الفنان زياد الرحباني وهو المرجع الوحيد لقراءة ظاهرة الرحباني الابن. والجدية هذه غالباً ما وسمت روح المجلة ودراساتها وحتى مقالاتها، مما زاد بعض القراء نفوراً من مجلة غير أكاديمية تسلك مسلك المجلات الأكاديمية.
كان سماح، خلال الأعوام العشرين التي تولى فيها إدارة المجلة، «جدياً» جداً، ونادراً ما نشر مادة تسلي القارئ أو تساعده على التفاؤل والابتسام. لا محلّ هنا للدعابة ولو السوداء على طريقة السورياليين، ولا محل أيضاً للنصوص العابثة والساخرة والجريئة والهاتكة... لكنّ هذا الطابع لم يحل دون بروز دراسات ومقالات وترجمات مهمة وبعضها يستحق أن يصدر في كتاب يضمّ منتخبات من «الآداب» الجديدة. وكانت المجلة في طليعة المنابر التي واجهت السلطات في وجوهها كافة، الرسمية والطائفية والفئوية والرجعية، وخاضت معارك ضد التطبيع والأسرلة والرقابة، والتزمت خطّ الدفاع عن فلسطين والقومية العربية والعلمانية والمواطنة والحريات الجماعية والفردية...
يسأل سماح إدريس في افتتاحية العدد الأخير من «الآداب» غداة وقفها عن الصدور ورقياً: «ماذا يعني إصدار مجلة حين يتراجع القراء؟» هذا سؤال شرعي ويصب في صميم الأزمة التي تعانيها مجلات كثيرة، غير مموّلة رسمياً أو حزبياً أو...و»الآداب» معروف عنها أنها لم تلجأ يوماً، حتى في أوج مشكلاتها المادية، إلى نظام أو حزب أو جمعية، طلباً للعون. شاء سهيل إدريس أن يكون حراً وأن يظل، وهكذا سماح. ولعل المجلة دفعت باهظاً ثمن هذه الحرية مثلها مثل مجلات عدة.
تراجع قراء المجلات الثقافية في العالم العربي، بل تراجع القراء وهم دوماً إلى تراجع. لكنّ هذا التراجع لا يعني أنّ ليس من قراء «جديين» اليوم. أليس ازدهار دار مثل «الآداب» وسواها يؤكد أنّ القراء ما زالوا موجودين؟ المشكلة إذاً في كيفية التوجه إلى القراء ومخاطبتهم. وليت مجلة «الآداب» ارتبطت بدارها ونتاج هذه الدار، ارتباطاً إبداعياً على غرار ما فعلت مثلاً «المجلة الفرنسية الجديدة» التي تصدرها دار غاليمار الشهيرة في باريس، جاعلة منها مرآة للأدب الفرنسي.
تدخل «الآداب» الآن المجال الإلكتروني بعد وقف الطبعة الورقية. هذا عهدها الثالث، بعد عهد سهيل إدريس(1953-1991 ) وعهد سماح (1991-2013)...ولكن هل تتمكن من خوض هذه المغامرة؟ وبأيّ روح أو رؤية؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.