لم ينتظر رئيس الحكومة الإسرائيلية، زعيم تحالف «ليكود بيتنا» بنيامين نتانياهو نشر النتائج النهائية لانتخابات الكنيست الجديدة في الجريدة الرسمية الأربعاء المقبل، والمشاورات التي سيجريها في ما بعد رئيس الدولة العبرية شمعون بيريز مع جميع الأحزاب في شأن هوية زعيم الحزب الذي سيكلفه تشكيل الحكومة الجديدة، بل شرع في إجراء اجتماعات مع الأحزاب المرشحة للانضمام إلى حكومته للاستماع إلى مطالبها في مقابل الانضمام. وكان الاجتماع الأول، كما كان متوقعاً، مع زعيم «يش عتيد» يئير لبيد في منزله بعيداً من أضواء الإعلام. وأصدر الجانبان بياناً مقتضباً تناول حقيقة عقد الاجتماع، وأنه تم في أجواء طيبة للغاية، وتناول «التحديات الماثلة أمام إسرائيل وسبل مواجهتها»، وأنهما اتفقا على الالتقاء مجدداً قريباً. وطبقاً لتقارير صحافية، اقترح نتانياهو على لبيد تسلم حقيبة المال أو الخارجية بعد أن أعلن زعيم «إسرائيل بيتنا» المتحالف مع «ليكود» أفيغدور ليبرمان أن وزارة الخارجية التي وعد بها ليست حكراً عليه أو على حزبه. لكن أوساطاً قريبة من لبيد أفادت أن ضغوطاً تمارَس عليه ليرفض حقيبة المال حيال الوضع الاقتصادي المأزوم والعجز الهائل في الموازنة العامة التي يتطلب التغلب عليه إنزال ضربات اقتصادية جديدة ستثير حنق الجمهور. وتابعت أنه في حال قبل لبيد هذه الحقيبة لحزبه، فإنه قد يختار أستاذاً جامعياً في الاقتصاد لشغل هذا المنصب. كما أشارت إلى أن لبيد ليس متحمساً لحقيبة الخارجية أيضاً ويفضل أن يحصل على حقيبة البناء والإسكان أو الداخلية أو التربية والتعليم ليحقق من خلالها أجندته الانتخابية، وفي مقدمها تحسين أوضاع الطبقة الوسطى وخفض أسعار السكن وتوزيع عبء الخدمة العسكرية على الجميع، وتقليص نسبة الضرائب العامة، وليس تحريك العملية السياسية مع الفلسطينيين، وإن كان يطالب بذلك، لكن ليس شرطاً لانضمامه إلى الائتلاف على غرار اشتراط زعيمة «هتنوعاه» تسيبي ليفني. في المقابل، أعلنت زعيمة حزب «العمل» (يتمثل ب 15 مقعداً) شيلي يحيموفتش أنها أبلغت نتانياهو خلال الاتصال الهاتفي الذي أجراه معها لدعوتها الى الانضمام إلى حكومة برئاسته، بأن حزبها لن يدخل هذه الحكومة إزاء «الهوة العميقة بيننا في كل ما يتعلق بقضايا الاقتصاد والمجتمع» وأنها لن تقبل بأن تسهم في مواصلة تحطيم المجتمع الإسرائيلي في مقابل كراسٍ وزارية. وتابعت أنه ينبغي على حزبها احترام رغبة الجمهور الذي قرر أن يكون «العمل» في المعارضة، «ونحن نعتزم أن نكون معارضة صارمة وصلبة للسياسة الاقتصادية» التي يعدّ نتانياهو لتطبيقها. وشددت على أنها أكدت لنتانياهو بأن حزبها سيدعم بقوة ومن مقاعد المعارضة دفع المفاوضات للتوصل الى سلام مع الفلسطينيين «التي يجب استئنافها على وجه السرعة». كما أجرى نتانياهو اتصالاً مع زعيمة «هتنوعاه» تسيبي ليفني (6 مقاعد)، وزعيمة الحزب اليساري زهافه غلؤون (6 مقاعد) فسمع من الأخيرة رفضاً قاطعاً لاحتمال الانضمام إلى حكومته، فيما لم يتم الكشف عن موقف ليفني من الاقتراح، وإن كانت التوقعات ترجح انضمامها إلى الحكومة الجديدة في حال أقرت هذه استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين. وللغرض ذاته، أجرى نتانياهو اتصالاً مع زعيم «كديما» شاؤول موفاز الذي اجتاز بشق الأنفس نسبة الحسم وحصل على مقعدين فقط. ويتوقع أن ينضم موفاز إلى الحكومة لتعزيز قاعدتها البرلمانية. في المقابل، لم يبدأ نتانياهو اتصالات جدية مع «البيت اليهودي»، وإن أجرى اتصالاً هاتفياً مع زعيمه نفتالي بينيت ليهنئه بحصوله على 12 مقعداً، من دون الخوض في تفاصيل التوليفة الحكومية التي يرغب «البيت اليهودي» بأن يكون جزءاً منها بحكم الشراكة التاريخية مع «ليكود» في غالبية الحكومات. وتتوقع أوساط حزبية استئناف الاتصالات بين نتانياهو وبينيت قريباً بعد أن يهدأ نتانياهو الغاضب على بينيت على خلفيه تهجمه على «ليكود» خلال الدعاية الانتخابية واتهام «ليكود» له بقنص عدد من المقاعد. وبرأي مراقبين، فإن نتانياهو سيضطر إلى التصالح مع بينيت لأن الخيار البديل هو الحزب الديني الشرقي المتزمت «شاس» الذي يرفض شروط لبيد في شأن تجنيد الشبان «الحرديم»، ما يعني أن التعايش بينهما في حكومة واحدة يبدو شبه مستحيل. وأشار أحد المعلقين إلى أن نتانياهو يعد لإلقاء خطاب سياسي شبيه ب «خطاب بار ايلان» الذي أعلن فيه قبوله المشروط لحل الدولتين، وهو خطاب يرفضه «البيت اليهودي» الذي يمثل غلاة المستوطنين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وسبق أن أعلن أنه لن يشارك في حكومة تدعم إقامة دولة فلسطينية. في المقابل، وفي حال أصابت هذه التوقعات، فإن ليفني ستكون مستعدة لدخول الحكومة الجديدة.