سهّلت تصريحات زعيم حزب «يش عتيد» يائير لبيد، الفائز الأكبر في الانتخابات البرلمانية، بأنه لا يطمح لتشكيل حكومة برئاسته (لإدراكه أيضاً أن فرص نجاحه في ذلك ضئيلة)، على زعيم «ليكود بيتنا» فرص تكليف رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو تشكيل حكومة جديدة برئاسته، لكن ليس قبل أن يطلق تصريحات استساغتها أذنا لبيد بأن الحكومة الجديدة ستنشغل في القضايا الاقتصادية والاجتماعية وتعمل على «توزيع متساو للعبء» على جميع المواطنين، وهي القضايا ذاتها التي يتبناها لبيد وحزبه الجديد، وبفعلها حقق النجاح الأكبر في الانتخابات. وكان لبيد أوضح في مقابلات صحافية شروطه للانضمام إلى الحكومة، وفي مقدمها «التساوي في العبء» بين جميع المواطنين، أي تجنيد كل من يبلغ الثامنة عشرة، وإجراء إصلاحات في جهاز التربية والتعليم، وإحداث تغييرات في قانون الانتخابات، وخفض العجز في الموازنة من خلال تقليص موازنة الأمن، وخفض أسعار الشقق السكنية، وتحريك العملية السلمية على أساس حل الدولتين للشعبين، على أن تبقى الكتل الاستيطانية الكبرى تحت السيادة الإسرائيلية، و «أن تبقى القدس موحدة، ولا تقام مستوطنات جديدة، ويتم وقف البناء الاستيطاني في المستوطنات التي بقيت شرق الجدار الفاصل». ولا يرى نتانياهو مشكلة في التفاوض على هذه المطالب والتوصل إلى اتفاق مشترك، وعليه أخذ يتصرف في تحركاته غير الرسمية لتشكيل حكومة جديدة كمن في حوزته 50 مقعداً برلمانياً مضموناً (31 لحزبه و19 للبيد)، ما يتيح له هامش مناورة واسعاً في اختيار سائر الأحزاب التي ستنضم إلى ائتلافه الحكومي الجديد، فهو لم يجرِ بعد اتصالاً هاتفياً مع مدير مكتبه وصديقه السابق، زعيم «البيت اليهودي» الديني المتطرف، خصمه في المعركة الانتخابية نفتالي بينيت لتهنئته بفوز حزبه ب 12 مقعداً، ما يفسره مراقبون على أنه رسالة إلى بينيت بأنه قد يدفع ثمن تهجمه على «ليكود بيتنا» وانتزاعه 4-5 مقاعد منه لمصلحة حزبه، بأن يتم استبعاده عن التوليفة الحكومية الجديدة الراغب علناً بالانضمام إليها. لكن مراقبين يستبعدون استغناء نتانياهو عن شريك يعتبر طبيعياً ل «ليكود»، وحتى إن أراد، فإن المعسكر المتشدد داخل «ليكود» سيحضه على ضم بينيت ورفاقه. كذلك يتيح «تكتل ال 50» لنتانياهو بأن يدرس خيارات أخرى لتشكيلته، مثل أن تكون علمانية يمينية – دينية تضم إليها حزباً وسطياً آخر هو «كديما» تتشكل قاعدتها البرلمانية من 81 نائباً، أو حكومة يمينية - وسطية تمثل هذا التكتل وأحزاب الوسط الثلاثة الأخرى («العمل» و «هتنوعاه» و «كديما») تستند إلى قاعدة برلمانية من 67 أو 73 نائباً وتحرك العملية السياسية مع الفلسطينيين، شرط موافقة حزب «العمل» على الانضمام، علماً أن زعيمته أعلنت أنها لن تدخل حكومة برئاسة نتانياهو. إلا أن أوساطاً واسعة في الحزب تدعو يحيموفتش إلى إعادة النظر في هذا الرفض، وترى وجوب المشاركة في حكومة تستبعد الأحزاب الأكثر تطرفاً، ولا تترك حزب «يش عتيد» وحده يمثل تيار الوسط في الحكومة. وثمة احتمال أيضاً، يقضي بضم حزب «شاس» الديني الشرقي المتزمت وحزبي «هتنوعاه» و «كديما»، لكن ليس قبل إقناع «شاس» بقبول تعديل قانون التجنيد ليشمل كل من يبلغ الثامنة عشرة. وعلى رغم أن «شاس» رفضت هذا التعديل في السابق، إلا أحد قياديي الحزب أريه درعي لمّح إلى إمكان الاتفاق على صيغة وسطية تقضي بألا يتم إلزام طلاب المعاهد الدينية التجند. وفسر مراقبون هذا التصريح بأنه ينم عن قلق الحزب الديني الشرقي الذي كان في الحكومات السابقة «بيضة القبان»، من خسارة الامتيازات والموازنات الخاصة التي حظي بها. وكانت لجنة الانتخابات المركزية انتهت أمس من فرز أصوات الجنود والمقترعين في السجون والمستشفيات والممثليات الديبلوماسية، ما أسفر عن حصول «البيت اليهودي» المتطرف على مقعده الثاني عشر بفضل اتفاق فائض الأصوات مع «ليكود بيتنا»، وذلك على حساب «القائمة العربية الموحدة» التي خسرت مقعدها الخامس لعدم إبرامها اتفاق فائض أصوات مع أي حزب آخر. وبهذه النتائج، غدا تكتل اليمين المتدينين يتمتع ب 61 مقعداً في مقابل 59 لأحزاب الوسط واليسار والأحزاب العربية.