أصدرت دار جداول للنشر والترجمة في بيروت، مذكرات الشيخ خليل الرواف التي صدرت بعنوان: «صفحات مطوية من تاريخنا العربي الحديث»، وتقع في 650 صفحة، واشتملت على حوالى 170 وثيقة وصورة معظمها نادر، لملوك وأمراء وأعيان طوال قرن من الزمان. وتمثل هذه المذكرات إضافة نوعية على مستويين، تجربته الفريدة، وطريقته النادرة في توثيقها. أما فرادة التجربة فلها أسباب عدة لا يسع المقام منها هنا غير ثلاثة، لعلها تكون القلادة التي تحيط بالعنق. ويسجل الرواف جوانب من تجربة «العقيلات» التي شكلت صورة مبكرة للانفتاح، وعكست توقاً أصيلاً لنفع الآخر والانتفاع بما عنده؛ إذ ربطت بجسر تجاري تقليدي بين نجد والشام، أغنت خبرة أولئك الأجداد، وأغنوها بمهارتهم التجارية ومواهبهم الفطرية في التواصل الإنساني. والقيمة هنا تزداد ارتفاعاً بأن المؤلف يروي تجربة شارك فيها، ويصور بيئات عاشها، ويحكي عما شاهد لا ما سمع. ثم معاصرته لقيام المملكة العربية السعودية، وهنا يخبرنا المؤلف عن عمق التحول وضخامة القفزة التي انتقلت بها البلاد، من حالي التشتت والتنافر إلى الاجتماع والتعايش. وهي قفزة يغيب عن أجيال لاحقة حجمها وأثرها فيخفق بعضهم في فهمها كما كانت، وخير سبيل لتجاوز هذا استعادة القصة في غير تكلف من مجايليها الذين ذاقوا مرارة الفرقة. ويعتبر الرواف المهاجر السعودي الأول والأخير - على حد وصفه - إلى الولاياتالمتحدة الأميركية. في هذه المذكرات وصفاً دقيقاً لمدينة حائل، مثلاً، التي لجأ إليها المؤلف مع والده عام 1336ه، خوفاً من جمال السفاح، القائد العثماني في دمشق، وسيجد وصفاً لمجلس الأمير سعود بن رشيد. كما سيجد القارئ نفسه أمام المؤلف وهو يعقد قِران الفنانة تحية كاريوكا في الأربعينيات الميلادية على زوجها الأميركي. كما سيطلع القارئ على تفاصيل رحلة الأمير فيصل بن عبدالعزيز وإخوانه إلى سان فرانسيسكو عام 1945. ولد خليل الرواف عام 1895 وتوفي عام 2000 بعد قرن وخمسة أعوام.