تعد دار جداول للنشر والترجمة أحدث دار نشر سعودية مهاجرة. وعلى الرغم من كون مقرها الرئيس في بيروت، إلا أنها تواصل نشر الكتاب السعودي كما لو كانت تمارس عملها في جدة، أو الظهران. ومع بداية 2013، أهدت الدار المشهد الثقافي عدداً من الأعمال الثقافية والتاريخية النوعية، إضافة إلى نشرها عملين روائيين تصدرا قائمة الأعمال الروائية السعودية للعام الجديد. محمد السيف ويقول محمد السيف، الرئيس المشارك في دار جداول للنشر والترجمة، إن جميع هذه الإصدارات ستكون متوفرة في معرض الرياض الدولي للكتاب الذي سينطلق في بداية مارس المقبل. وفي كتاب مذكرات الشيخ خليل الرواف «صفحات مطوية من تاريخنا العربي الحديث»، تقدم الدار مذكرات المهاجر السعودي الأول إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، الذي وثقت زيارته رسمياً في إدارة الهجرة الأمريكية، وأُعطي «الكرت» رقم واحد، الذي عقد، في مفارقة لافتة، قران الفنانة تحية كاريوكا في الأربعينيات الميلادية على زوجها الأمريكي! ويسجل المؤلف جوانب من تجربة «العقيلات» التي شكلت صورة مبكرة للانفتاح، وعكست توقاً أصيلاً لنفع الآخر، والانتفاع بما عنده، إذ ربطت بجسر تجاري تقليدي بين نجد والشام أغنت خبرة أولئك الأجداد، وأغنوها بمهارتهم التجارية ومواهبهم الفطرية في التواصل الإنساني، ثم معاصرته لقيام المملكة العربية السعودية. ويقول الناشر إن هذه المذكرات تكشف أن «الرواف» في ثلاثينيات القرن العشرين كان المهاجر السعودي الأول والأخير إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية «ولك أن تتصور صورة الكفاح النادر للنجدي الذي مضى إلى آخر العالم، فاكتسب مع لغته لغة، ومع ثقافته ثقافة، وخاض تجارب متنوعة عاش لذة انتصارها وخيبة انكسارها، وبلغت أسمى أشكالها في دعوته للإسلام، وإمامته للمصلين، وتعريفه بفضائل قومه، وعرفت خبرة نادرة كاد يضيع توثيقها عن مشاركته في فيلم «آي كفر ذا وور» في هوليوود. وفوق ذلك، بدأت في أمريكا قصته الإنسانية التي فاقت خيال الروائي، إذ فرقت الظروف بينه وبين ابنه على مسافة بضعة أشهر من ميلاده، فلم يلقه إلا وقد انتصف الابن في عقده الخامس، فكان اللقاء الثاني مع نواف الذي أصبح «كليف» الضابط المتقاعد من خدمة الجيش الأمريكي!». أما طريقته في التوثيق فاكتسبت تميزها من أن هذه المذكرات ليست ذكريات أنشأها في ختام حياته، وإنما كانت ذكريات وثّقها في أوراق حملها معه في ترحاله الطويل منذ بلغ الخامسة عشرة من عمره؛ فاكتست بهذا تلقائية يندر توفرها في كثير من كتب السير الذاتية التي كتبت متحلية بحكمة ما بعد الحدث. وتتضمن هذه المذكرات وصفاً دقيقاً لمدينة حائل التي لجأ إليها المؤلف مع والده عام 1336ه، خوفاً من جمال السفاح، القائد العثماني في دمشق، وسيجد وصفاً لمجلس الأمير سعود بن رشيد. كما سيجد القارئ نفسه أمام المؤلف وهو يعقد قران الفنانة تحية كاريوكا في الأربعينيات الميلادية على زوجها الأمريكي. يذكر أن خليل الرواف ولد عام 1895، وتوفي عام 2000م. «الجزيرة والأرشيف العثماني» وليس بعيداً من هذه الأجواء، أصدرت الدار كتاب «مداخل بعض أعلام الجزيرة العربية في الأرشيف العثماني»، للدكتور سهيل صابان، الأستاذ في قسم التاريخ في جامعة الملك سعود، الذي سبر أغوار ذلك الأرشيف، وكشف مزيداً من الوثائق المهمة ذات الصلة ببعض أعلام وتاريخ الجزيرة العربية. وفي هذه الطبعة من هذا الكتاب، يسلط الباحث الضوء على بعضٍ من أعلام الجزيرة العربية، خلال أكثر من قرنين من الزمان، حيث تم توثيق ما يقرب من 1200 علم من أعلام الجزيرة العربية، ملوك وأمراء وزعماء عشائر وأعيان مدن، وغيرهم من العثمانيين الذين عملوا في مناصب حكومية في بلاد الجزيرة العربية. ولم يفُت الباحث أن ينشر بعضاً من تلك الوثائق، إذ ضمَّ الكتاب حوالى 127 وثيقة. «نجد قبل النفط» وتقدم الكاتبة والروائية بدرية البشر كتاباً فريداً نشرته الدار ضمن توجهها نحو الموضوعات المهملة، وجاء الكتاب بعنوان «نجد قبل النفط: دراسة سسيولوجية تحليلية للحكايات الشعبية». وتأتي أهمية هذه الدراسة في ظل ما يحيط بتاريخ نجد من غموض في فترة ما قبل دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب عام 1157ه (1744م). ويرجع سبب الغموض ونقص المعلومات إلى عوامل كثيرة تتعلق بطبيعة نجد التاريخية والجغرافية، وعوامل داخلية تتعلق بالظروف الاقتصادية والاجتماعية لسكان نجد. واعتمدت البشر في كتابها هذا على بعض ما حملته بعض المراجع من مشاهد متفرقة عن الحياة الاجتماعية في نجد، كما اعتمدتْ على الحكايات الشعبية في منطقة نجد، باعتبار أن الأدب الشعبي منتج جماعي يظل امتداداً حيّاً بين الناس يتناقلونه شفاهة جيلاً بعد جيل. ونشير أخيراً إلى أن الدار أصدرت أول عملين روائيين سعوديين في عام 2013، وهما «جيران زمزم» لمحمود تراوري، و»مقامات النساء» لعبدالعزيز الصقعبي. وتعتزم الدار خلال الأيام المقبلة نشر كتاب «الإخوان المسلمون وإيران الخميني الخامنئي»، الذي يبحث في جذور العلاقة والمشتركات بين الإخوان المسلمين وإيران.