قال ناشطون وحقوقيون إن 56 شخصاً على الأقل قتلوا في أسبوع من الاشتباكات في شمال شرقي سورية بين معارضين إسلاميين، غالبيتهم من «جبهة النصرة» الإسلامية المتطرفة وأكراد سوريين. يأتي ذلك فيما واصلت القوات النظامية السورية قصفها الجوي والمدفعي لمناطق في ريف دمشق. بينما اتهمت دمشق تنظيم «القاعدة» في سورية بتنفيذ التفجير الانتحاري في حماة الذي أودى امس بحياة 42 شخصاً، مجددة اتهامها تركيا بفتح أبوابها «لكل إرهابيي العالم» لدخول سورية «دون قيد أو شرط». في موازاة ذلك، قتل 23 جندياً ومسلحاً موالياً للنظام السوري وجرح العشرات غيرهم خلال ثلاثة أيام من المعارك مع مقاتلين معارضين في حمص. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان امس «وردت معلومات من مشفى حمص العسكري تفيد بمقتل وجرح ما لا يقل عن 130 عنصراً من القوات النظامية والمسلحين الموالين لها في المنطقة خلال الأيام الثلاثة الفائتة»، موضحاً في وقت لاحق انه تم التعرف على 23 من القتلى. وقال المرصد: «غرب حمص منطقة استراتيجية لانها محاذية للطريق السريع الذي يربط دمشق بالساحل، وهي مفتاح الوصول الى العاصمة، والحركة التجارية، والسلاح الذي يدخل سورية عبر البحر المتوسط». ويقول ناشطون على الارض ان العمليات العسكرية عادت تتمحور حول حمص وريفها. وقال الناشط الاعلامي عمر شاكر لفرانس برس: «لم يوجه النظام ضربات الى اي منطقة سورية بالقسوة نفسها التي ضرب فيها حمص». واضاف ان «النظام يركز قوات في مناطق في غرب حمص يريد استعادة السيطرة عليها» وتشكل صلة الوصل بين العاصمة والمنطقة الساحلية. وعن الاشتباكات بين الإسلاميين والأكراد، قال المرصد إن معارضين إسلاميين استخدموا دبابات ومدافع مورتر ضد قوات كردية امس في رأس العين في محافظة الحسكة بشمال سورية. وهذا القتال جزء من الخطوط الطائفية والعرقية العديدة التي منعت ظهور حركة متسقة واحدة تحاول الإطاحة بالرئيس بشار الأسد منذ أن حمل المعارضون السلاح بعد حملة الحكومة ضد احتجاجات سلمية في آذار (مارس) عام 2011. وتدهورت العلاقات بين الأكراد والإسلاميين بسبب شكوك أن الأكراد الذين يشكلون نحو عشرة بالمئة من السكان يعملون على تكوين كيان مستقل بهم في المناطق التي يسيطرون عليها في شمال سورية. إلى ذلك، تواصل القوات النظامية السورية قصفها الجوي والمدفعي لمناطق في ريف دمشق. وأفاد المرصد عن تعرض «مدينة دوما للقصف براجمات الصواريخ بينما نفذت طائرة حربية غارات عدة جوية على المنطقة الواقعة بين بلدتي حمورية وجسرين» في ريف العاصمة. وبالتزامن مع ذلك، تتعرض مدينة داريا للقصف من القوات النظامية. كما تعرضت مدينة المعضمية وبلدتا بيت سحم ويلدا ومنطقتا ريما والسقي للقصف بعد منتصف ليل الاثنين -الثلثاء وفق المرصد. وذكرت صحيفة «الوطن» المقربة من السلطة أن «وحدات من الجيش العربي السوري قامت في الغوطة الشرقية بملاحقة المسلحين في مناطق وجودهم ودكت تجمعاتهم وأوكارهم واستعملت في المواجهات كل أنواع الأسلحة بما فيها سلاحا المدفعية والطيران». وأشارت الصحيفة غداة وقوع معارك في مناطق قريبة من طريق مطار دمشق الدولي، إلى أن طريق المطار «آمن وكانت حركة المرور عليه طبيعية على الجانبين والحال ذاتها بالنسبة لرحلات الخطوط السورية المدنية القادمة والمغادرة». وذكرت الوطن أن الأوضاع «متوترة» في مخيم اليرموك (في جنوبدمشق) الذي «تتمركز فيه مجموعات مسلحة» و»تتواصل الاشتباكات بين اللجان الشعبية الفلسطينية والمجموعات المسلحة». كما نقلت عن سكان تمكنوا من الخروج من المخيم أن هناك «أزمة خبز حادة فيه حيث توقفت كل المخابز داخله عن العمل». وفي مناطق أخرى من البلاد، ذكر المرصد أن اشتباكات دارت بين مقاتلين معارضين والقوات النظامية في أحياء العامرية وحلب القديمة والليرمون في مدينة حلب (شمال)، بعد منتصف ليل الاثنين -الثلثاء. كما أفاد المرصد عن تعرض مدينة الباب في ريف حلب «للقصف من القوات النظامية عند منتصف الليل ما أدى إلى أضرار مادية وتضرر عدد من المنازل». وتجدد القصف صباح امس على أحياء في مدينة حمص (وسط) «التي يشهد محيطها اشتباكات بين مقاتلين من الكتائب المقاتلة والقوات النظامية منذ أيام عدة». وفي درعا (جنوب)، قتل أربعة مقاتلين معارضين في اشتباكات في حي درعا البلد. إلى ذلك، اتهمت دمشق تنظيم القاعدة في سورية بتنفيذ التفجير الانتحاري في حماة الذي أودى امس بحياة العشرات. وذكرت وزارة الخارجية في رسالتين متطابقتين وجهتهما إلى رئيس مجلس الأمن وأمين عام الأممالمتحدة أن «المجموعات الإرهابية المسلحة وفي مقدمتها تنظيم القاعدة في سورية -جبهة النصرة- استمرت بتنفيذ عملياتها الإرهابية الإجرامية وذلك من خلال قيامها بعمل إرهابي جبان آخر نفذه انتحاري ضد المواطنين الآمنين بتاريخ 21 كانون الثاني (يناير) في وسط مدينة السلمية التابعة لمحافظة حماة». وأسفر الانفجار وفق الخارجية عن مقتل 32 مواطناً وإصابة عشرات من المواطنين بينهم أطفال ونساء وتدمير المشفى الوطني في السلمية وإخراجه من الخدمة، فيما ذكر المرصد أن حصيلة ضحايا التفجير ارتفعت إلى 42 قتيلاً، هم عناصر من اللجان الشعبية ومدنيون بينهم نساء وأطفال. وأشار إلى أن «العدد مرشح للارتفاع بسبب وجود جرحى بحالات خطرة ووجود أشلاء». وبث المرصد شريط فيديو التقط بعد الانفجار الذي نفذه انتحاري في السلمية يظهر فيه أشخاص متجمعون حول المبنى المستهدف والذي دمر بشكل شبه كامل. وملأت الأنقاض الطريق الممتد أمام المبنى، بينما بدا الناس في حالة ذهول ووجوم. وأكدت الرسالتان وفق النص الذي نشرته وكالة الأنباء الرسمية (سانا) أن «هؤلاء الإرهابيين الذين يتباهون بأنه لا جنسية ولا هوية لهم، يتدفقون بشكل أساسي عبر بعض دول الجوار وعلى الأخص من تركيا التي فتحت أبوابها لكل إرهابيي العالم للدخول إلى سورية دون قيد أو شرط». وأشارت إلى أن الحكومة التركية «تزودهم بكل الأسلحة التي يستخدمونها للاعتداء على الشعب السوري وارتكاب الأعمال الإرهابية فيها».