ارتدت القدس صباح امس حلة بيضاء بعد تساقط كثيف للثلوج بعث الفرحة في قلوب الاطفال، لكنه تسبب بشبه شلل في المدينة المقدسة، فيما تشهد مدن في اسرائيل والاراضي الفلسطينية اسوأ عاصفة شتوية منذ عشرين عاماً. ومع انخفاض درجات الحرارة، تحولت موجة الرياح الباردة والمطر الغزير التي تضرب منطقة الشرق الاوسط منذ الاحد الى موجة ثلجية غطت الارض المقدسة باللون الابيض وأدت الى اغلاق المدارس والمكاتب، والى توقف حركة المواصلات بشكل شبه تام. ومع انبلاج فجر امس، استيقظ سكان القدس على ثلوج بسماكة 10 سنتيمترات على الاقل في المدينة التي ترتفع نحو 800 متر عن سطح البحر، ما اضفى على تلال المدينة المغطاة بأشجار الصنوبر مشهداً جعلها تبدو وكأنها منتجع للتزلج. وخلت ازقة البلدة القديمة من المارة، ولم يفتح سوى عدد قليل من المتاجر ابوابه. ومع تواصل تساقط الثلوج، اعلن مسؤولو المدينة وقف حركة جميع الحافلات، الا انهم قالوا ان حركة القطارات الخفيفة ستبقى عاملة ومجانية حتى الساعة 12.00 بتوقيت غرينتش، وذلك في محاولة لتشجيع الناس على عدم استخدام سياراتهم الخاصة. وأغلقت المدارس ابوابها في جميع انحاء المدينة، ما دفع آلاف الصغار الفرحين وعدداً من البالغين الى الخروج الى الشوارع للتراشق بكرات الثلج او صنع رجال الثلج. وصرخت منار برهوم التي تسكن حي بيت صفافا في القدسالشرقية: «انظر الى سيدة الثلج التي صنعناها»، مشيرة بفخر الى تمثال ثلجي بارتفاع اربعة اقدام وضعت مكان انفه جزرة صغيرة واستبدلت عيناه بشرائح الخيار. وقالت وهي تحاول وضع حبات صغيرة من البندورة في فم التمثال قبل ان تتوقف عن المحاولة وتستخدم غصن شجرة معقوفاً بدلاً عنها: «انها سيدة الثلج المصنوعة من السلطة». ولأن هطول الثلوج هو امر نادر في منطقة الشرق الاوسط التي تتسم باعتدال طقسها، لا يمتلك العديد من السكان الزلاجات، لذلك لجأ العديد منهم الى استخدام الصواني او اكياس القمامة للتزلج على المنحدرات، رغم ان البعض شوهد وهو يسحب زلاجات عبر الشوارع. وجاء الى المدينة عدد من الزوار من تل ابيب التي لا تسقط فيها الثلوج، للاستمتاع بالثلج، وتمكن هؤلاء من الوصول الى المدينة رغم اغلاق الطريق الرئيس الذي يربط بين المدينتين. كما شوهد عدد قليل من المارة في الشوارع، وعمد المضطرون الى الخروج لاسباب ليس منها التسلية، الى السير بحذر على الارصفة الزلقة لتجنب السقوط. وشوهدت الجرافات تزيل الثلج من الطرق الرئيسة التي جرى رشها للتخلص من الثلج، بينما لم يشاهد سوى عدد قليل من السيارات في الشوارع بعد ان ناشد مجلس بلدية المدينة السكان بعدم استخدام سياراتهم الخاصة. ومع اقل من اسبوعين على الانتخابات العامة الاسرائيلية التي ستجري في 22 الشهر الجاري، جرى وقف خطط الحملات الانتخابية لهذا اليوم، وتسبب الثلج في اتلاف العديد من الملصقات الانتخابية. وقالت مصلحة الارصاد الجوية ان تساقط الثلوج سيتواصل حتى بعد ظهر الخميس، لكن عند منتصف النهار سطعت الشمس على معظم مناطق القدس وبدأ الثلج في الذوبان. وعمت مظاهر الفرحة الضفة الغربية، وخرج حتى رجال الشرطة للاستمتاع بالثلج في مدينة رام الله. ووقفت دولة سليمان (23 سنة) مع مجموعة من النساء يتسامرن ويتراشقن كرات الثلج، وقالت بفرح: «انه يوم جميل، نشعر اننا بعيدات جداً من العمل، هذا وقت اللعب والاستمتاع بالثلج». وفي قرية القصرة شمال الضفة، وقف عبد الحميد القصراوي ليستمتع بمنظر الثلج الذي قال انه الاكثف الذي يشاهده خلال عقد، وقال: «في عام 1991 شاهدنا كمية اكبر من الثلج، لكن هذه هي اكبر كمية من الثلوج نشاهدها منذ عشرة اعوام. وأضاف: «انا احب الثلج، لكنني اشعر بالبرد، خرجت ولعبت مع اولاد اخي الصغار، وكلهم تجمع ضدي ورشقني بكرات الثلج، وكان علي ان اهرب الى الداخل».