منذ وقت بعيد، يرسم هتاين لين على بزّات السجن الممزقة، بالصابون والولاعات والحقن، وبات بفضل هذه الأعمال الفنية سجيناً فريداً من نوعه، ثم وجد حب حياته. ويقول هتاين لين الذي نفّذ مئتي عمل فني في ست سنوات ونصف السنة: «كانت هذه الرسوم خطيرة وثمينة. أردت أن أؤكد للسلطات أنها لم تكبّل حسّي الابداعي». وكان هتاين لين شخصية بارزة في التظاهرات التي عمت الشوارع عام 1988، وحكم عليه بالسجن 10 سنوات، استناداً إلى رسالة إلكترونية قال عنه فيها أحد الزملاء إنه مهتم بالنضال السياسي. وهو يعوّل اليوم على الانفتاح الذي بدأت تشهده بلاده منذ آذار (مارس) 2011، بعدما سلّم المجلس العسكري الحاكم زمام السلطة إلى ضباط سابقين من دعاة الإصلاح، آملا أن يتسنى له عرض أعماله في بلده، علماً إنه يرفض بيعها. قال: «آخر من أراد شراء أعمالي كان بونو، مغني فرقة «يو تو» (الإرلندية)، لكني قلت له إنها ستعود إلى البلاد يوماً ما، فهي جزء من تاريخنا». وقد تعرض هتاين لي (46 سنة) للضرب المبرح ووضع في زنزانة انفرادية، وحوّل زنزانته مشغلاً يعكس معاناة بلد خضع لديكتاتورية مجلس عسكري لعقود. ثم تمكّن من إخراج أعماله من السجن. وأطلق الفنان عام 2004، وأقنعته سفيرة بريطانيا فيكي بوومان بأن رسومه خطرة على حياته، ويقول: «أعطيتها الرسوم كلها، وشعرت أنني أعطيتها كل ما أملك». ثم وقع الفنان في غرام السفيرة، وتزوجا عام 2006، وهما يعيشان اليوم في لندن مع ابنتهما. وأخرجت السفيرة الأعمال من بورما لتودعها المعهد الدولي للفنون الاجتماعية في أمستردام. ويلفت ممثل المعهد، إيف فرميج، إلى أن «هذه الأعمال تتضمن كل ما توافر من مواد تقنية في الزنزانة». ومنذ وصول النظام الجديد إلى الحكم، أطلق مئات المعارضين، وانتخبت زعيمة المعارضة آونغ سان سو تشي نائبة في البرلمان، ما أدى إلى رفع العقوبات الدولية عن البلاد. ونظّم المعتقل السابق، تون وين نيين (51 سنة)، في آذار (مارس) 2012، أول معرض فني لأعمال معتقلين سابقين. ويخبر هتاين لي أن كل رسم يروي قصة أحد المعتقلين السياسيين للمعتقلين العاديين الذين كانوا يقدمون بزاتهم، بمساعدة حراس السجن الذين زودوه المعدات. ورسم هتاين لي لوحة بعنوان «خطة الفأر»، بمساعدة أحد الحراس الذي ظنّ عندما رآها أنها خطة للهرب من السجن، فأتلفها. ويقول لي إن مسؤولي السجن، عندما قصدوا زنزانته، لم يروا رسومه على الجدران، إذ أنهم كانوا يبحثون عن لوحات تقليدية تعرض في أطر.