يعتبر الدكتور ميشال شاست طبيباً من نوع شبه استثنائي. أولاً، لأن بين مرضاه بعض أكبر نجوم السينما والمسرح والأدب، وحتى السياسة في فرنسا، وهذا ما لا يمنعه، في الوقت نفسه، أن يستقبل في عيادته كل من يريد اللجوء إليه أسوة بغيره من الأطباء الذين لا يعالجون المشاهير. وثانياً، لأنه هو نفسه فنان وأديب، يرسم وينحت ويؤلف الشعر، إضافة إلى تأليف الكتب التي تتناول مستقبل الطب مثلما نعرفه بالمقارنة مع العلاج بالأعشاب وغيرها من الوسائل التي تنتشر أكثر فأكثر: كيف نميز بين الصادق والكاذب في زمن الربح المادي؟ يميل شاست إلى التمعن في هذا الموضوع وغيره. وفي كل سنة، مع حلول فصل الصيف، يعرض شاست أحدث أعماله، من رسومات ومنحوتات في قاعة إيف كلاين الباريسية الواقعة في حي مونبارناس الجذاب. وقرر، هذه السنة، تقديم اللوحات والتماثيل التي أنجزها منذ معرضه الأخير، إضافة إلى بعض أعماله السابقة. لكن التغيير هذه المرة يأتي من طريق عرض مجموعة صغيرة من التماثيل التي تحققها زوجته، وهي نحاتة محترفة اسمها ميشيل أيضاً. والطريف أن شاست أضاف بعض الألوان إلى تماثيل زوجته، كأنه يضفي عليها نبرة ختامية، أو كأنه نوع من المشاركة في فن شريكة حياته. مع العلم أن أعمالها، في غالبيتها، ترمز إلى المرأة وكيانها المعاصر، مع التركيز على أشكال من التمييز ضدها ومعاناتها حتى في بعض المجتمعات الغربية. وتتميز تماثيل ميشيل الزوجة، بحجمها المصغر، إذا استثنينا ثلاثة أعمال ضخمة أنجزتها حديثاً وعرضتها في شهر آذار (مارس) الفائت في باريس في مناسبة يوم المرأة العالمي. والحجم المصغر لأعمال ميشيل النحاتة، هو من العناصر التي صارت تصنع جاذبيتها وتشكل علامة مميزة لهويتها الفنية. أما التماثيل التي تدخل فيها شاست مضيفاً إليها نبرة لونية، فهي تلك الخفيفة في مغزاها، والتي لا تنتمي إلى النوع المأسوي الذي تنجزه زوجته في العادة. فهو، وفق قوله، لا يسمح لنفسه بالتدخل في أعمال تتعلق بكيان المرأة ولا بالأضرار التي تصيبها في عمق حياتها. هكذا، اتفق الطرفان على أن تنحت هي مجموعة صغيرة من التماثيل النسائية المرحة، وأن ينهيها هو بطلائها بالألوان التي يراها مناسبة وتضيف معنى ما. وأطلق الثنائي على مجموعة التماثيل هذه اسم «نيكيتا». والقاعة التي اعتاد شاست عرض أعماله فيها سنوياً، تحمل اسم إيف كلاين، لأن هذا الفنان الراحل والمعروف برسوماته التي يطغى عليها اللون الأزرق، كان يعمل فيها ويستخدمها كاستديو ينجز فيه رسوماته ويعرضها في ما بعد على الجمهور في مقهى ومطعم «لا كوبول» السياحي الشهير، المجاور للقاعة، والذي لا يزال بعض لوحات كلاين معلقاً على جدرانه حتى اليوم. والطريف أن كلاين دأب على استخدام درجة معينة من اللون الأزرق حتى صارت، مع الوقت، تعرف ب «أزرق كلاين»، وهي الدرجة اللونية ذاتها التي يميل شاست إلى بناء رسوماته بها. يذكر أن سهرة افتتاح المعرض حضرها الكثير من نجوم الفن والأدب في باريس. وتلقى شاست عروضاً للمشاركة في معارض في الولاياتالمتحدة وسويسرا.