سيول - أ ف ب - حتى عام 2001 كان يسمح للفنان سونغ بيوك فقط برسم وجوه مواطنيه الباسمة في كوريا الشمالية، لكن منذ انتقاله الى الجنوب بات بإمكانه أن يعكس بحرية واقع البؤس الكوري الشمالي على لوحته. ويقول الرسام الرسمي السابق في النظام الستاليني الذي فرّ الى الجنوب في عام 2002: «كنت أرسم وجوهاً باسمة فقط ولم أكن أعكس إلا الفرحة العارمة المفترضة للعيش في ظل نظام الزعيم الحبيب». ويضيف: «الآن أريد أن أظهر للعالم كيف أن الكوريين الشماليين يتوقون الى الحرية والتغيير». وتعرض حوالى 30 لوحة لبيوك، للمرة الأولى في سيول في إطار معرض بعنوان «الحرية الأبدية». في إحدى هذه اللوحات وضع سونغ بيوك وجه كيم جونغ إيل على جسم مارلين مونرو من أجل إظهار التباين بين رمزين كبيرين بعيدين كل البعد عن بعضهما البعض ومزاوجتهما في الوقت نفسه. على مدى سبع سنوات قبل فراره الى الجنوب، رسم الفنان الرسمي مئات الأعمال التي تصب في خانة الترويج والدعاية للسلالة الشيوعية الوحيدة في العالم في إحدى أكثر دول العالم انغلاقاً. كيم جونغ -ايل الذي خلف والده مؤسس النظام كيم ايل سونغ هو موضع عبادة شخصية تصل الى أبعد الحدود. فصوره وخطاباته وإنجازاته تبرز وتعلم وتغنى من قبل الشعب «المحروم في الحياة اليومية من أبسط الحقوق والحريات». ويوضح الفنان: «على رغم الفقر والغم المسيطرين على البلاد كان ينبغي أن نرسم وجوه مزارعين سعداء يمدون أيديهم لبعضهم البعض ويرفعون عيونهم الى السماء تعبيراً عن امتنانهم وولائهم للزعيم الحبيب». حياته في الشمال كانت تتمحور على الحرمان والخوف. فقد أرسل أحد زملائه بين ليلة وضحاها الى معسكر للأعمال الشاقة لأنه أخطأ في كتابة نص مرسوم رسمي. في عام 2001 عندما كانت المجاعة تجتاح البلاد، حاول سونغ ووالده الفرار عبر الصين. وخلال عبور النهر الذي يفصل بين البلدين جرف التيار والده. فاستنجد سونغ بدورية كورية شمالية. إلا أن الجنود أوقفوه وتركوا والده يغرق. وأمضى سونغ حينها ستة أشهر في السجن وفقد أحد أصابعه في الأشغال الشاقة. ونجح عام 2002 في الفرار ووصل الى سيول حيث تابع دروساً في الفنون الجميلة. وتظهر أعماله اليوم الغضب والتعطش الى الحرية اللذين يتملكان مواطنيه. وترمز عصافير وفراشات الى الحرية. على لوحة أخرى تركع جموع من الكوريين الشماليين ببزات عسكرية أمام تمثال ضخم لكيم وفوق رؤوسهم حمامة تحلق مجسدة أمالاً عبثية بالحرية. ويأمل الفنان أن تسمح أعماله للرأي العام بالتوقف عن اعتبار كوريا الشمالية بلداً غريباً يحكمه زعيم غريب الأطوار بل النظر إليها كأرض يحلم كل مواطن فيها بالحرية وهي أمر بديهي في دول أخرى. ويؤكد الفنان: «الكوريون الشماليون لا يعرفون حتى أن رجلاً مشى على سطح القمر. أريد أن يدرك الكوريون الجنوبيون الى أي حد الحرية بديهية بالنسبة لهم مقارنة بأهل الشمال وأن تتم مساعدة الشمال على الانفتاح».