جمعية الكشافة تختتم مشاركتها في معرض "أسبوع البيئة 2025"    كاواساكي يعبر السد    بلدية محافظة ضرية تشارك في تفعيل مبادرة "‫امش30"    تهنئة 3 دول بمناسبتي ذكرى الاستقلال ويوم الحرية    بنك الخليج الدولي راعياً رسمياً لمحترف الجولف السعودي فيصل سلهب    مبادرة لحماية شواطئ جدة    33 مليون عملية إلكترونية عبر منصة أبشر    ضبط مقيمَين لارتكابهما عمليات نصب واحتيال بنشر إعلانات حملات حج وهمية    1000 معمل بحثي بالمملكة    ‏ #صامطة تتألق بحدث رياضي ملهم: " #امش_30" يجمع الأهالي لتعزيز الحياة الصحية    الأمين العام للجامعة العربية يرحب بتعيين حسين الشيخ نائبًا لرئيس دولة فلسطي    إدارة المساجد ومركز الدعوة بمحافظة بيش ينفذان الجولة الدعوية العاشرة في المحافظة وقراها    الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء تجدّد التأكيد على فتوى وجوب استخراج التصريح لمن أراد الذهاب إلى الحج    استشهاد 18 فلسطينيًا في خيامٍ وتجمعات في قطاع غزة    مدير عام فرع الإفتاء بمنطقة جازان يستقبل مدير عام التعليم بالمنطقة    الجبير يستقبل وفدًا من معهد الحوار السويدي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا    هيئة الصحفيين بعسير تنظّم جلسة عن "الصحافة التلفزيونية والسياحة"    شراكة إستراتيجية بين مجموعة فقيه للرعاية الصحية وشركة فوسون فارما    القهوة السعودية .. أحدث إصدارات مكتبة الملك عبدالعزيز العامة    بتنظيم من جمعية الآتار والتراث .. إنطلاق فعالية سوق اول بالقطيف    ولي العهد يوجه بإطلاق اسم الدكتور مطلب النفيسة على أحد شوارع الرياض    أنشيلوتي: سنواصل المنافسة على لقب الدوري الإسباني    بيان سعودي قطري: سداد متأخرات سوريا لدى مجموعة البنك الدولي    مدير عام الجوازات المكلّف يرأس اجتماع قيادات الجوازات لاستعراض خطة أعمال موسم الحج 1446ه    أمير جازان يستقبل مدير فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمنطقة    البنك السعودي الأول يحقق 2.1 مليار ريال سعودي صافي دخل    60 ٪ من النساء أكثر عرضة للإصابة بمتلازمة العش الفارغ مقارنة بالرجال    دوري يلو.. نيوم لحسم اللقب.. ومواجهات منتظرة في صراع "البلاي أوف"    المياه الوطنية تنتهي من تنفيذ مشاريع حيوية للمياه لخدمة أحياء الياقوت والزمرد واللؤلؤ في جدة    "بر الشرقية" تُجدد التزامها المجتمعي في اليوم العالمي لليتيم 2025 م    بدرية عيسى: شغفي بالكلمة دفعني لمجال الإعلام.. ومواقع التواصل قلب نابض بحرية التعبير        القيادة تعزي الرئيس الإيراني في ضحايا انفجار ميناء رجائي بمدينة بندر عباس    أمطار رعدية ورياح نشطة على عدة مناطق بالمملكة    قلصت الكويت وقت الإقامة والصلاة في المساجد ؟ توفيرا للكهرباء    حددت الشروط والمزايا..اللائحة الجديدة للاستثمار: تخصيص أراضٍ وإعفاءات رسوم للمستثمرين الأجانب    وزير الحرس: ما تحقق مبعث فخر واعتزاز    نائب أمير مكة: اقتصاد مزدهر لرفعة الوطن    خادم الحرمين: نعتز بما قدمه أبناء الوطن وما تحقق جعل المملكة نموذجاً عالمياً    أمة من الروبوتات    الأردن.. مصير نواب "العمل الإسلامي" معلق بالقضاء بعد حظر الإخوان    الآبار اليدوية القديمة في الحدود الشمالية.. شواهد على عبقرية الإنسان وصموده في مواجهة الطبيعة    أمير الشرقية: إنجازات نوعية لمستقبل تنموي واعد    تفاهمات أمريكية سورية ومساعٍ كردية لتعزيز الشراكة الوطنية    1500 متخصص من 30 دولة يبحثون تطورات طب طوارئ الأطفال    أرقام وإحصائيات وإنجازات نوعية    مدرب كاواساكي: قادرون على التأهل    فخر واعتزاز بالوطن والقيادة    بأمر الملك.. عبدالعزيز بن سلمان رئيساً لمجلس أمناء «كاوست»    وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تنظم ملتقى المسؤولية الاجتماعية    اللواء عطية: المواطنة الواعية ركيزة الأمن الوطني    اكتشاف لأقدم نملة في التاريخ    الحكومة اليمنية تحذر موظفي ميناء رأس عيسى من الانخراط في عمليات تفريغ وقود غير قانونية بضغط من الحوثيين    قدراتنا البشرية في رؤية 2030    800 إصابة بالحصبة بأمريكا    فواتير الدفع مضرة صحيا    الذكور الأكثر إقبالا على بالونة المعدة    الشيخ صلاح البدير يؤم المصلين في جامع السلطان محمد تكروفان الأعظم بالمالديف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«خيانة الثورة» تحل مكان «الفلول»... والتطهير دائماً إذا لزم الأمر
نشر في الحياة يوم 09 - 01 - 2013

تدور فوق الرؤوس في مصر تهمة «خيانة الثورة»، وهي لم تعف أحداً لكنها تجد بالتحديد ضالتها في النخبة السياسية المدنية، خصوصاً «جبهة الإنقاذ الوطني» التي باتت الرقم الصعب في مواجهة الحكم الجديد. موجهو التهمة من قوى الإسلام السياسي اعتبروا، مبدئياً، أي تحدٍ لسلطة النظام الحاكم الجديد أمراً يستوجب الاتهام الذي لا يعرف حتى مبدأ براءة المتهم حتى تثبت إدانته. وإذا كان للأمر أن يمر عموماً في أجواء مناخ الاستقطاب الحاد الذي أفرزته الجولة الثانية والحاسمة في انتخابات الرئاسة والتي أتت بالرئيس محمد مرسي مدعوماً بأطياف من النخبة المدنية الثورية تحديداً، إلا أن الاتهام بدأ يصل وبمبررات مأسوية إلى شخصيات سياسية كان لها باع مشهود ودور مهم في التمهيد لثورة كانون الثاني (يناير). ومحمد البرادعي نموذج، هو الذي مهما اختلف على دوافعه الثورية الأولى في العام الأخير من حكم حسني مبارك، وتحركاته السياسية التالية، فلا يمكن الاختلاف على دوره المحوري في الثورة. ربما بات الأمر في حاجة إلى تذكر أدبيات ثورية صبت نفسها في عبارات من نوعية «الثورة تأكل أبناءها»، أو «الثورة يقوم بها الثوار ويربحها الانتهازيون».
وأظن أن من حركوا أو دعموا ثورات الربيع العربي كانوا وهم في خطواتهم الأولى والمدهشة، على استعداد لدفع الثمن وتسديده للحكومات الاستبدادية السابقة. إلا أنه بدا أن تحصيل الفواتير لم يكن من الحكومات التي طواها الزمن والثورة والدم، وإنما شركاء الثورة أنفسهم. يحدث هذا في مصر مع البرادعي وحمدين صباحي وغيرهما، الذين كان وربما سيكون عليهم في فترات مقبلة مواجهة اتهامات بقلب نظام الحكم لم يتهمهم بها نظام مبارك نفسه مع ثبوت أدلة الاتهام للعيان. كما حدث في ليبيا في نموذج شيخ الثورة الليبية مصطفى عبدالجليل المتهم بالتحريض على قتل اللواء عبد الفتاح يونس، والداعم للثورة مالياً حسن طاطاناكي الذي تطارده فلول القذافي، وفي الحالة السورية نموذج برهان غليون الذي تحمل عبء المجلس الوطني الانتقالي في بداياته الشائكة.
إن دخول تهمة خيانة الثورة بعد تهمة الفلول إلى الأدبيات الجديدة في الربيع العربي يدعم فكرة قادة الأنظمة الجديدة التي حلت محل القديمة عن المعارضة وتصوراتهم لمواصفاتها القياسية، وهي أفكار وتصورات من البؤس بحيث لم تبتعد كثيراً عن مثيلتها في عهود الاستبداد السياسي التي ثار عليها الجميع من خونة ومخلصين. تكاد تسمع الحديث نفسه عند حملة مباخر النظم الجديدة وقادتها أنفسهم، والذين استبدلوا الأجندات الأجنبية السابقة بخيانة الثورة وتعمقوا في محاولة إذلال الإعلام عموماً والفضائي منه بخاصة، بالحديث عن التطهير عبر الحصار وبالفساد المالي عبر إعادة إنتاج وتوزيع وتنويع اللعب بمصطلح الفلول.
النظام الجديد يعتبر سجادة مصر بحاجة إلى نفض من نافذة غارقة في الشمس، وأن خبطات عدة من يد قوية بمقدورها أن تنظفها وتطهرها من «القضاء المغرض» و «الإعلام المأجور». اللعبة المؤسفة والتي تتخذ الاتهامات مطرقة وسنداناً في آن واحد ليست مجانية وأهدافها لا ترقى إلى أن تكون اكتشافاً، لأن تجريح الخصوم وتشويه الرموز السياسية آلية ممنهجة ومجربة من عصور الاستبداد السياسي التي طالما تحدثت وعقدت القمم من أجل الإصلاح وكتابة وثائقه وتأخرت، والأحرى أنها لم تكن تنوي تطبيقه فيما سبقها الشارع بإيقاعه ومنطقه وشوقه إلى الحرية. ودائماً ما كانت تلك الآليات التي أبدعتها النظم المتشبثة بالسلطة مقترنة بآلية أخرى معروفة أيضاً تشبه ما اصطلح عليه بسياسة العصا والجزرة من العهود الاستعمارية خصوصاً في فترة توزيع المغانم والاتهامات.
ولكن، يغيب عن تصورات أصحاب السلطة الجديدة أن إعادة إنتاج الآليات القديمة في التعاطي مع المعارضة وملء الأفواه بالحديث عن حرية الإعلام واستقلال القضاء مع خوض حرب شرسة ضدهما لم يعد مجدياً. هذه التصرفات لم تنفع النظم السابقة التي سقطت في مصر وتونس كقطع الشطرنج وفي ليبيا بعد معركة انتهت بمقتل القذافي منهوكاً ومنتهكاً ويائساً. إن نشر ثقافة تجريم المعارضة عبر تخوينها أو تدجينها الآن تحمل مخاطر عدة ضد رموز المعارضة بطبيعة الحال، إذ تتعالى الأصوات التي تمارس أكبر قدر من التشويه المصحوب بالتهديد والوعيد، ناهيك عن رسائل إلى عدد من أقطاب المعارضة والإعلام تهدد بالقتل والحرق، ويمكن أن تنتهي هذه التهديدات بالتنفيذ، ليس بالضرورة بأوامر مباشرة، فلم يحاول قتل نجيب محفوظ في التسعينات أيّ من الأئمة الذين كفروه أو أحلوا دمه، إنما مريد سمع عن أن الأديب الشهير طعن في الإسلام في رواية قديمة له، فوجه طعنة إلى رقبته، وقال في التحقيقات إنه لو خرج من السجن سيعيد الكرة.
خيانة الثورة اتهام ينأى بها عن سلمية ميزتها ليدخلها في دموية لم تحتج إليها وقت قيامها ولم تكن من وسائلها في تغيير نظام قمعي، لكنها الآن تلوح في الأفق في ظل نظام يفترض أنه يحكم باسم هذه الثورة تحديداً.
* صحافي مصري من أسرة «الحياة»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.