أكد وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل أن أزمة العراق لن تحل حتى يتم القضاء على التطرف المذهبي، ونفى أن يكون هناك تدخل للدول العربية في القضية العراقية، إلا إذا طلب الشعب العراقي ذلك. وفي جانب آخر، كشف أن إطلاق سراح نائب القنصل المختطف في اليمن عبدالله الخالدي سيكون قريباً، مشيراً إلى أن الأنباء السابقة عن خروجه اعتمدت على ما يُقدّم من معلومات من المفاوضين. وكشف الفيصل على هامش الاجتماع الوزاري الأول للجنة المتابعة والتشاور السياسي بين المملكة ومصر، والذي حضره وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو، زيادة حجم الاستثمارات مع مصر بما يفوق حجم التبادل التجاري الحالي (خمسة بلايين دولار)، إضافة إلى استثمارات كبيرة مشتركة مع دولة مجاورة للتأمين الغذائي. واتفق الوزيران في المؤتمر الصحافي الذي عقد لهذه المناسبة، على أن ما يحدث في العراق مؤلم، وتمنيا أن يستقر العراق لاستعادة دوره عربياً ودولياً، واستثمار موارده الاقتصادية. وأكد الفيصل اقتناع المملكة بأنه لن يستتب الأمن في العراق حتى يتم التعامل بعيداً من التطرف المذهبي الذي دبّ بين العراقيين. وأضاف: «حتى تعالج هذه القضية لن يكون هناك استقرار في العراق، وهذا يؤلمنا، ولكن العراق بلد مستقل، وإذا لم يطلب أهل العراق التدخل من الدول العربية فلن يكون هناك تدخل في الشؤون الداخلية للعراق». أما عمرو فقال: «إن العراق بلد مهم، وما يدور فيه حالياً مصدر قلق لنا جميعاً، في ظل دائرة الفتنة الطائفية داخله». وأكد وزير الخارجية السعودي أن كشف خلية إرهابية نُسب أعضاؤها إلى جماعة «الإخوان المسلمين»، شأن داخلي للإمارات، والمملكة لا تتأثر علاقتها بمصر، سواء ب «الإخوان المسلمين» أم غير المسلمين. وعلّق عمرو على الموضوع نفسه بقوله: «إن ما حدث ويحدث في مصر شأن داخلي، ولا هم للحكومة المصرية بنقل ما يحدث في مصر إلى دول أخرى، ومصر تتبع السياسية ذاتها، في عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى ولا مصلحة لها في تصدير أي نوع من الفكر إلى دول أخرى». وذكر الفيصل أن موضوع الجسر البري الذي يربط الدولتين لم يناقش في الاجتماع، لوجود ملفات أكثر أهمية، مشيراً إلى أن لكل مشروع أولويته، والقمة الاقتصادية في شهر شباط (فبراير) المقبل ستكون عليها مسؤولية متابعة ما نُفّذ من القرارات السابقة. وكشف وزير الخارجية المصري فرصاً استثمارية كبيرة جداً بين البلدين. وقال إنه على رغم أن المناخ الاستثماري يبدو غير آمن إلا أن دولاً ضاعفت استثمارها في الفترة الماضية. وأشار إلى أن الاستثمار في مجال الطاقة والطاقة المتجددة لها الأولوية، ورحّب برجال الأعمال السعوديين للاستثمار في مثل هذه المشاريع التي سيكون لها بُعد دولي كبير. وزاد أن مناقشة التعاون الثلاثي في مشاريع كبيرة جداً في دول مجاورة سيعود بالفائدة المشتركة على البلدين. وأوضح عمرو أن المشكلات التي تواجه المستثمرين السعوديين تم حلها باستثناء مشروعين صدرت فيهما أحكام قضائية، وستطعن الحكومة فيها «ونأمل الوصول إلى حلول مرضية، والحكومة المصرية ملتزمة حماية الاستثمارات». وفي الشأن السوري، أكد الفيصل أن الخروج السلمي للنظام مطلوب عربياً ودولياً، وطريقة خروجه وشروطه متروكة للشعب السوري. وأردف أن التأثير السياسي لمصر والمملكة في القضايا في الساحتين العربية والدولية سيوضع في الحسبان من الآن وحتى القمة المقبلة، وهو ما يمكن طلبه وتفعيله من إجراءات قد توصل إلى الأهداف التي رمت إليها القمم السابقة. وأكد عمرو أن زيارة وزير الخارجية الإيراني مصر مرتبطة بمبادرة الرئيس المصري الرباعية التي أطلقها في «قمة مكة» للتوصل إلى حل سلمي في سورية وأن أية اتصالات بين إيران ومصر تدور في هذا الإطار. وذكر الفيصل في كلمة ألقاها في مستهل المؤتمر، أن عمق العلاقات السعودية - المصرية تربطها أواصر قوية، واحترام متبادل، وعلاقات وثيقة على المستويات كافة، وفي جميع مجالات التعاون في خدمة المصالح المشتركة للبلدين، وخدمة القضايا العربية والإسلامية، والأمن والسلم الدوليين. وأنه تم خلال الاجتماع تناول عدد من مواضيع التعاون المشترك، بما في ذلك أعمال اللجنة السعودية - المصرية المشتركة التي يرأسها وزيرا التجارة في البلدين. وقال: «تطرقنا كذلك إلى سبل تسهيل الاستثمارات، وبرنامج الدعم الاقتصادي للشقيقة مصر وغيرها من القضايا التي تصب في خدمة شعبي البلدين، وترتقي إلى طموحات قيادتينا». وأضاف أنه تمت أيضاً «مناقشة الوضع المأسوي في سورية التي تزداد تفاقماً، ولا سيما بعد إعلان الأممالمتحدة الأخير بوصول عدد القتلى إلى 60 ألفاً، علاوة على الملايين من اللاجئين والنازحين». كما استعرض الجانبان، في هذا الإطار، «نتائج الجهود والاتصالات الدولية القائمة، وضرورة الدفع بها، لتحقيق تطلعات الشعب السوري نحو حقن الدماء والحفاظ على الأمن والاستقرار، وعلى وحدة الأراضي السورية وسيادتها واستقلالها، مع التشديد على أهمية الانتقال السلمي للسلطة، بعد أن فقد النظام السوري شرعيته داخلياً وخارجياً». وتابع الفيصل أنه تم استعراض القضية الفلسطينية، ولا سيما التصعيدات الإسرائيلية الأخيرة والخطرة، ببناء المزيد من المستعمرات والاستحواذ على المزيد من الأراضي الفلسطينية، علاوة على سياسة الابتزاز التي تمارسها إسرائيل بمنع تحويلات الأموال الفلسطينية للفلسطينيين، في محاولة لفرض عقوبة عليها، لمجرد نيلها حقاً مشروعاً بالحصول على صفة دولة مراقب غير عضو في الأممالمتحدة، وبدعم واسع من المجتمع الدولي، كما بحثت تطورات المصالحة الفلسطينية التي ما زالت متعثرة. وأشار إلى أن الملف النووي الإيراني كان من بين المواضيع التي جرى بحثها في الاجتماع ولا سيما لجهة ما عبّرت عنه دول مجلس التعاون في قمتها الأخيرة من قلق إزاء «الخطورة البيئية» لهذا البرنامج على دول الخليج، إضافة إلى خطورته على أمن المنطقة والعالم وسلمهما، في ظل عدم تجاوب إيران مع جهود مجموعة (5 + 1) لحل الأزمة ديبلوماسياً، ويُضاف إلى ذلك السياسات الإيرانية الرامية إلى محاولة التدخل في شأن دول المنطقة بشتى السبل وإثارة القلاقل والمشكلات بها.