الرياض – محمد الغامدي تسهيل الاستثمار بين البلدين والملف النووي الإيراني ومأساة سوريا أبرز مباحثات وزيرَيْ خارجية السعودية ومصر نفى الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي، ما يتناقل في بعض وسائل الإعلام العالمية من أن تكون هناك قوة سعودية ضربت أحد المواقع التابعة للقاعدة في اليمن بتنسيق مع الحكومة اليمنية، وقال إن «هذا غير صحيح». وأكد أن المساعي حثيثة لأجل استعادة نائب القنصل في اليمن عبدالله الخالدي، وقال «نحن نرتكز على الناس الذين يفاوضون». علاقات تاريخية وقال في مؤتمر صحفي مشترك عقده في وزارة الخارجية مع نظيره وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو، في الرياض، أمس: «الحديث عن العلاقات السعودية المصرية هو حديث عن تاريخ طويل وعريق بين البلدين الشقيقين، تربطه أواصر قوية، واحترام متبادل، وعلاقات وثيقة على المستويات كافة وفي مجالات التعاون كافة في خدمة المصالح المشتركة للبلدين، وخدمة القضايا العربية والإسلامية، والأمن والسلم الدولي». وأضاف: بهذه الروح عقدنا اليوم الاجتماع الوزاري الأول للجنة المتابعة والتشاور السياسي بين البلدين، تناولنا خلاله عديداً من موضوعات التعاون المشترك بما في ذلك أعمال اللجنة السعودية المصرية المشتركة التي يرأسها وزيرا التجارة في البلدين، وتطرقنا كذلك إلى سبل تسهيل الاستثمارات، وبرنامج الدعم الاقتصادي للشقيقة مصر، وغيرها من عديد من القضايا التي تصب في خدمة شعبَيْ البلدين، وترتقي إلى طموحات قيادتينا. الشأن السوري وأردف قائلاً: في إطار القضايا السياسية بحثنا معاً قطاعاً عريضاً من الموضوعات على رأسها بالتأكيد مأساة سوريا التي ما فتئت تزداد تفاقماً، ويدلل على ذلك إعلان الأممالمتحدة الأخير بوصول عدد القتلى إلى ستين ألفاً، علاوة على الملايين من اللاجئين والنازحين، كما استعرضنا في هذا الإطار نتائج الجهود والاتصالات الدولية القائمة، وضرورة الدفع بها وبما يحقق تطلعات الشعب السوري نحو حقن الدماء والحفاظ على الأمن والاستقرار، وعلى وحدة الأراضي السورية وسيادتها واستقلالها، مع التأكيد على أهمية الانتقال السلمي للسلطة، وذلك بعد أن فقد النظام السوري شرعيته داخلياً وعالمياً. المصالحة الفلسطينية وأوضح وزير الخارجية أنه تم استعراض أيضاً القضية الفلسطينية، خصوصاً التصعيدات الإسرائيلية الأخيرة والخطيرة ببناء مزيد من المستعمرات والاستحواذ على مزيد من الأراضي الفلسطينية، علاوة على سياسة الابتزاز التي تمارسها إسرائيل بمنع تحويلات الأموال الفلسطينية للفلسطينيين، في محاولة لفرض عقوبة عليها لمجرد نيلها حقاً مشروعاً بالحصول على صفة دولة مراقب غير عضو في الأممالمتحدة، وبدعم واسع من المجتمع الدولي. وبيّن الفيصل أنه تم في نفس الإطار بحث تطورات المصالحة الفلسطينية التي مازالت متعثرة، وقال مع الأسف الشديد، والجهود الحثيثة والمحمودة للشقيقة مصر في محاولة لتقريب وجهات النظر، وإتمامها على النحو الذي يعيد للفلسطينيين لحمتهم. الملف النووي الإيراني وأشار الأمير سعود الفيصل إلى أن الملف النووي الإيراني كان من بين الموضوعات التي جرى بحثها في الاجتماع، وخصوصاً لجهة ما عبرت عنه دول مجلس التعاون في قمتها الأخيرة من قلق على الخطورة البيئية لهذا البرنامج على دول الخليج، بالإضافة لخطورته على أمن وسلم المنطقة والعالم في ظل عدم تجاوب إيران مع جهود مجموعة (5+1) لحل الأزمة دبلوماسياً، يضاف إلى ذلك السياسات الإيرانية الرامية إلى محاولة التدخل في شأن دول المنطقة بشتى السبل وإثارة القلاقل والمشكلات بها. وأفاد أنه تم بحث أيضاً تطورات الأوضاع الكثيرة في المنطقة، لافتاً إلى أن المحادثات في مجملها كانت مثمرة وبناءة، واتسمت بالتطابق في وجهات النظر حيال القضايا المطروحة. كلمة وزير الخارجية المصري من جانبه، قال وزير خارجية جمهورية مصر العربية محمد كامل عمرو، خلال زيارتي تشرفت بلقاء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، حيث سلمته رسالة من فخامة الرئيس محمد مرسي، إلى شقيقه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- وكان لقاء حميمياً وأخوياً شعرنا فيه بدفء العلاقات ومدى الحب والتواصل والرغبة في تعميق العلاقات مثل ما عهدنا دائماً من إخواننا في السعودية. وبيّن أنه تم بحث موضوع الاستثمارات بين البلدين وزيادتها، حيث وصلت إلى خمسة مليارات دولار في عام 2011م، وهناك فرص كثيرة في الحقيقة أمام زيادة هذه الاستثمارات، وتحدثنا في مجال جديد وهو إمكانية الدخول في مشروعات تعاون ثلاثي للتعاون بين المملكة ومصر لإقامة مشروعات استثمارية في دول أخرى مجاورة سواء في مجالات الزراعة أو غيرها. وقال الوزير محمد كامل: تعرضنا للأمور القنصلية ووجدنا المشاعر الطيبة والتقدير عن الدور الذي يقوم به المصريون العاملون في المملكة ومدى الرعاية التي يجدونها من السلطات في المملكة. وأضاف معاليه: بالنسبة للقضايا الإقليمية كان الوضع في سوريا في مقدمة المباحثات، وهو وضع مأساوي لا يمكن القبول باستمراره، والانتقال السلمي للسلطة أمر مهم جداً لتجنيب الشعب السوري مزيداً من المأسي ومزيداً من المعاناة، وتحدثنا عن القضية الفلسطينية وهي قضية العرب الأولى، وكانت المملكة ومصر دائماً في مقدمة الدول التي دافعت وساعدت الشعب الفلسطيني لإعادة حقوقه المشروعة. بعد ذلك أجاب الأمير سعود الفيصل ووزير الخارجية المصري عن أسئلة الصحفيين. تعاون بين الدولتين وأجاب الفيصل عن سؤال: كيف يمكن لمصر والمملكة بصفتهما أكبر دولتين عربيتين الاكتفاء الذاتي خصوصاً في الأمن الغذائي في إطار تنفيذ وتفعيل المبادرات الاقتصادية التي اتخذت في الكويت وشرم الشيخ؟ وقال: «في الواقع القمة الاقتصادية القادمة ستكون لها مسؤولية كبيرة في متابعة ما نفذ من قرارات القمة السابقة، وهذا أمر طبيعي يحصل دائماً في القمة، هناك قرارات اتخذت مازالت قيد الدراسة والتمحيص من بعض الدول، ولكن التوجه الذي تحدثنا عنه اليوم يفترض أن تكون مصر والمملكة العربية السعودية بما يملي عليهما واجبهما تجاه شعبيهما وتجاه التعاون العربي عموماً والتعاون الإسلامي، فإن عليهما تنمية الاستثمارات المشتركة بين الدولتين، لأن هناك حجماً من الاستثمارات ليس بسيطاً بينهما، والفرص المتاحة لزيادة هذا الاستثمار كبيرة جداً في البلدين، وكما ذكر معالي الوزير أن البلدين لهما تأثيرهما في الساحة الدولية والعربية وبالتالي سندرس من الآن وحتى القمة القادمة مدى ما يمكن طلبه وتفعيله من إجراءات قد توصلنا إلى الأهداف التي آلت إليها القمة السابقة». فرص استثمارية وعن الفرص الاستثمارية والمستجدات في المشروعات الاستثمارية المعطلة في مصر، والوعود بحل تلك المشروعات من قِبل الحكومة المصرية، قال وزير الخارجية المصري: بالنسبة للفرص الاستثمارية في مصر أمام الإخوة السعوديين هي فرص كبيرة جداً، وهناك مجال للاستثمارات في عديد من المشروعات التي لها أولويات على قائمة الاستثمارات في مصر، وكما تعلم المناخ الاستثماري قد يكون على السطح غير مناسب وأنه في الحقيقة بالعكس، يمكن أن يجد المستثمرين في هذا المناخ فرصاً أكبر، وبعض الدول ضاعفت استثماراتها في مصر خلال العام الماضي. مشيراً إلى أن مصر تعطي أولوية لمشروعات الطاقة عموماً ومشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة بوجه خاص، وهذا مجال كبير جداً في الحقيقة ليس فقط لسد الاحتياج المصري وإنما لتصدير هذه الطاقة إلى أوروبا مثلاً، والطاقة الشمسية في الساحل الشمالي الغربي مجال كبير للاستثمار في هذا الموضوع، وهناك اهتمام كبير جداً من جانب عديد من الدول ومنها دول أوروبية، للدخول في هذا الموضوع، ونحن نرحب تماماً بالاستثمارات السعودية في مثل هذه المشروعات، تحدثنا عن إمكانات التعاون الاستثماري الثلاثي في مشروعات كبيرة جداً في دول مجاورة، وهذا مجال آخر إن شاء الله سنطرحه وسيكون واضحاً أمام المستثمرين. استثمارات المملكة في مصر وأضاف عمرو أنه بالنسبة للمشكلات التي تواجه الاستثمارات السعودية في مصر، في الحقيقة تم حل جميعها باستثناء مشروعين فقط، وأي مشكلات إدارية تم التعامل معها، وهناك وحدة مخصصة للتعامل مع أي مشكلات تقابل أي مستثمر موجودة في وزارة الاستثمار، وإن شاء الله نأمل الوصول إلى حلول مُرضية. وأكد أن الحكومة المصرية ملتزمة تماماً لحماية الاستثمارات في مصر، وهي ملتزمة تماماً بتنفيذ أي تعهدات تم التوصل إليها، وإذا كانت هناك أي مشكلات لم يدخل فيها المستثمر فهو لن يمس بأي شيء، والاستثمارات مَصونة ومضمونة، وحقوق المستثمرين مَصونة تماماً، والحكومة متعهدة بهذا وعازمة على المضيّ فيه. العراق وأزمته أما عن الأزمة العراقية وبوادر أزمة وربيع عراقي، أجاب الأمير سعود الفيصل قائلاً: في الواقع يؤلمنا حقيقة ما يجري في العراق لأننا كنا نتمنى أن يصل العراق إلى الاستقرار والهدوء المطلوب لاستعادة دوره في الساحة العربية، ولكن قناعتنا بأن العراق لن يستتب أمره حتى يتعامل العراق خارج المذهبية والتطرف المذهبي، الذي مع الأسف دب بين العراقيين، وحتى أن تعالج هذه القضية لا نعتقد أنه سيكون هناك استقرار في العراق، وهذا يؤلمنا، ولكن ما نستطيع أن نعمله هذا شيء ثانٍ، العراق بلد مستقل وإذا كان أهل العراق لم يطلبوا التدخل من إخوانهم العرب فيصعب التدخل في الشؤون الداخلية للعراق. ومن جانبه، قال الوزير محمد كامل عمرو، في السياق ذاته: العراق بلد عزيز علينا جميعاً وبلد مهم جداً، وكان له دائماً دوره المعروف في نصرة القضايا في الخط العربي، وما يدور فيه حالياً يزعجنا ومصدر قلق لنا جميعاً، العراق عانى كثيراً والشعب العراقي عانى كثيراً خلال الأعوام الماضية، وأنا أعتقد أنه آن الأوان ليخرج هذا الشعب من محنته ويستفيد من موارده البشرية والطبيعية التي حباه الله بها، ونرجو الخروج من دائرة الفتنة الطائفية، لأن هذه الدائرة من يدخل فيها في الحقيقة يعاني كثيراً، ونحن نرى ما حدث وما يحدث حولنا، أما إذا طلب العراق كما ذكر سمو الأمير سعود الفيصل مساعدة أي شقيق من الأشقاء العرب فنحن جاهزون، والعراق دولة مستقلة وذات سيادة، وهي أدرى بشؤونها وتتعامل مع شؤونها الداخلية. ملتزمون برغبة السوريين وجواباً على سؤال يتعلق بالشأن السوري، قال سمو وزير الخارجية: بالنسبة للوضع في سوريا، فالخروج السلمي مطلوب ومرغوب عربياً ودولياً، أما طريقة الخروج وشروط الخروج فتتوقف على الشعب السوري نفسه، فلن نكون نحن واضعي شروط أو ملتزمين بشروط إلا ما يرغبه الشعب السوري في هذا الخصوص. فيما قال وزير الخارجية المصري في السياق نفسه: بالنسبة لسوريا كما ذكر سمو وزير الخارجية أنا متفق معه، الخروج السلمي إذا كان سيجنب الشعب السوري مزيداً من إراقة الدماء فهو مطلوب ومرغوب، إنما في النهاية الشعب السوري هو الذي سيقرر كيفية حل مشكلاته وكيفية ترتيب أوضاعه. شأن داخلي وبشأن ما قامت به السلطات الإماراتية من إلقاء القبض على مجموعة إرهابية، أجاب سمو وزير الخارجية: في الواقع بالنسبة لنا في هذا البلد فنحن لا نتكلم إلا عن شؤوننا الداخلية، أما الشؤون الداخلية للدول الأخرى عندنا سياسة صارمة بأننا لا نتدخل فيها. من جانبه، قال وزير الخارجية المصري: إذا كان لي أن أضيف شيئاً فلدي تعليق صغير، مصر لا تتدخل أبداً في الشؤون الداخلية لأي دولة أخرى هذا موقف مصري واضح عُبر عنه على أعلى المستويات في مصر، ما حدث ويحدث في مصر هو أمر داخلي يخص الشعب المصري فقط، ولا شأن لنا ولا اهتمام لنا بنقل ما يحدث في مصر لأي دولة أخرى، وكل دولة لها ظروفها، وكل دولة هي أدرى بما يدور فيها، وأكرر مصر لا تتدخل أبداً في الشؤون الداخلية لأي دولة أخرى، ولا مصلحة لها في تصدير أي نوع معين من الفكر أو خلافه، ما يحدث في مصر هو أمر داخلي وشأن داخلي يخص المصريين فقط. أحد الصحفيين ينام وهو في انتظار المؤتمر