أكد مهندسون مختصون في سلامة المباني والإنشاءات أن نسبة كبيرة من المباني التي تم إنشاؤها في مخطط الحرمين شمال شرقي جدة مهددة بالتصدع والانهيار، مرجعين سبب ذلك إلى زيادة كمية المياه الجوفية التي أسهمت في تصدع عشرات العمائر، والتي تكمن غالبيتها في جزئه الشرقي، وأدت إلى إخلاء عدد كبير من الأسر لشققهم. وأوضح المهندسين أن سبب المشكلة يعود إلى عدم مراعاة المقاولين للمواصفات الفنية الدولية للعمائر متعددة الأدوار، ورصد حالات كبيرة من الغش، التغرير في طريقة الإنشاء والتشطيب، ودفن مخلفات البناء في الشوارع الرئيسة، ما أدى إلى انهيار أجزاء كبيرة منها. وفي ظل المخاوف والتهديدات رفضت جهات الإقراض إعادة جدولة مديونيات المتضررين من بعض العمائر، ما دفعهم إلى الإيجار والسكن في أحياء أخرى على حد قولهم. من جهة أخرى، أوضح المهندسون الذين استعان بهم مواطنون للكشف على شققهم السكنية المتصدعة، أن الخلل يكمن في عدم مراعاة «صبيات القواعد» للاشتراطات الفنية، وضعف سماكة أعمدة الكثير من العمائر السكنية التي تأثرت بفعل التحرك الطبيعي للتربة بسبب زيادة كمية المياه الجوفية، ما أسهم في خفض مستوى العمائر لأكثر من 10 سنتيمترات عن مستواها الطبيعي، واصفين المعدل بالخطر، إذ يمكن أن يتم خلال سنوات قليلة انهيار جزئي لبعض العمائر المتأثرة بفعل تلك الأسباب، متهمين بعض المقاولين الذين أنشأوا العمائر السكنية المهددة في الحي بالكسب غير المشروع. وأكد المهندس موفق عمران خلال كشفه على أكثر من 12 شقة في عمائر مختلفة، أن الهدف الرئيسي من إنشاء المباني السكنية القاطنة بتلك المنطقة الربح المادي وليس سلامة السكان. وقال: «إن مشكلة المياه الجوفية يمكن مواجهتها في حال تم تنفيذ المقاولين العمائر بطريقة أكثر دقة ومتانة، والمتمثلة في القواعد والأعمدة المشكلة لهيكل تلك العمائر، إلا أنه للأسف لم يتم ذلك، ما أحدث تصدعات بالعمائر». وأضاف: «استعان أصحاب المساكن بمهندسين مختصين للكشف على العمائر بشكل كامل، اتضح من خلاله أن سماكة الحديد المستخدم في القواعد والأعمدة لم تراع اشتراطات العمائر متعددة الأدوار». وبين أنه خلال معاينة بعض الشقق اتضحت رداءة الأسلاك الكهربائية المستخدمة في التمديد الكهربائي، ما يشكل خطورة على المدى البعيد على مستخدمي تلك الشقق، إضافة إلى رداءة ورخص ثمن الأنابيب التي استخدمت في السباكة. ووافق على حديث عمران، أحد المهندسين الذين استعان بهم السكان للكشف على عمائرهم المهندس عبداللطيف الشلوي، إذ أكد أن ضعف الرقابة على إنشاء العمائر السكنية في مخطط الحرمين دفع بالمقاولين إلى التسابق للبناء دون مراعاة الاشتراطات الفنية، والذي يعد تغريراً بالسكان، كون أن العمائر سكنية وتم بيعها بنظام التمليك طويل الأجل. وأوضح أن عدداً من مهندسي الأمانة والمختصين في الدفاع المدني رفعوا تقارير تصف الوضع السيئ لتلك المباني، إذ شرعت الدفاع المدني بإخلاء عدد من العمائر السكنية لخطورتها على السكان. وقال الشلوي: إن محاولة «الحقن الخرساني» لبعض العمائر المتصدعة، لا تضمن عدم تكرار التصدعات في ظل تحرك الأرضية التي بنيت عليها تلك العمائر، والتي أسرعت من كشف عيوب العمائر السكنية، على رغم حداثة المخطط مقارنة مع غيره من مخططات جدة.