اعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالوهاب أبو داهش، أن الموازنة العامة للدولة وضعت ارتباطات توسعية في الإنفاق العام 2013، وأنه تم تحديد سعر النفط بمتوسط يراوح بين 60 و65 دولاراً للبرميل، كما خصّصت الحكومة لقطاع التعليم 25 في المئة، مشيراً إلى أن الحكومة تريد الخروج من عنق الزجاجة في العام المقبل في الإنفاق التوسعي، الذي بدأته منذ العام 2006 حتى الآن. ورأى أبو داهش في حديثه ل«الحياة»، أنه من الصعب خلال العام 2013، التوقع بأسعار النفط العالمية، وقد تنخفض الأسعار، وتلجأ الحكومة إلى الاحتياط النقدي، خصوصاً مع التوجه نحو التوسع في الإنفاق، مضيفاً أن ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي لعام 2012 إلى 2.7 تريليون ريال بزيادة 8.6 عن العام 2011، يؤكد قوة الاقتصاد السعودي. من جهته، أوضح أستاذ الاقتصاد في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور سعود المطير، أنه يجب التفريق بين الموازنة الفعلية التي توضح أرقاماً حقيقية وفعلية للإيرادات والنفقات، والموازنة التقديرية التي تقيس الإنفاق والإيراد المتوقع، وقد يحدث التباين بين الإيراد المتوقع والإيراد الفعلي، خصوصاً في حال ، الذي يصعب التكهن بأسعاره والكميات المباعة منه، ولكن غير المبرر هو التباين الكبير بين الإنفاق المخطط في الموازنة والإنفاق الفعلي بنسب كبيرة، ما يعكس ضعفاً في الرؤية التخطيطية. وأشار المطير في حديثه ل«الحياة» إلى فائض موازنة 2012 والبالغ 386 بليون ريال، على رغم الزيادة الكبيرة للإنفاق الفعلي، إذ كان المتوقع إنفاق 690 بليون ريال، وزاد إلى 853 بليون ريال، وهو أكبر إنفاق فعلي تشهده المملكة منذ تأسيسها، كما تم الإعلان عن الإنفاق المخطط لموازنة 2013 والبالغ 820 بليون ريال، وهو أكبر إنفاق مخطط في تاريخ المملكة. وذكر أن الفائض الكبير لعام 2012 سيضاف جزء منه إلى الفوائض المالية السابقة، ما يعطي قوة مالية مستقبلية، وتصنيفاً ائتمانياً قوياً مميزاً للمملكة، خصوصاً أن الفوائض المالية المتراكمة تتجاوز تريليوني ريال. وأوضح أن زيادة الإنفاق الحكومي تدعم السيولة في الاقتصاد السعودي، إذ إن غالبية الإنفاق الحكومي يمول عن طريق إيرادات النفط، وهذا يعني تدفق سيولة جديدة في الاقتصاد تدعم الاستثمار، وتنشط عمل البنوك في أداء الوظائف المنوطة بها لتحفيز استثمارات القطاع الخاص. وأضاف أن الموازنة لها تأثير نفسي إيجابي في القطاع الخاص، لأن الإنفاق الحكومي هو القائد الرئيسي للنمو الاقتصادي، كما أن الدين العام الذي تراجع إلى 98 بليون ريال بما يمثل 3.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لا يشكل قلقاً للدولة، خصوصاً أنه دين محلي، والفوائض المالية الحكومية المتراكمة تفوق هذا الدين بعشرات المرات. وبين أن الموازنة ستنعكس إيجاباً على قطاعات البناء والتشييد والأسمنت، مشيراً إلى أن التوسع المستمر في الإنفاق الحكومي يجب أن يشعر به المواطن في تحسين رفاهيته من جوانب عدة، خصوصاً من خلال تحسن التعليم والتدريب والصحة والإسكان وخلق فرص عمل تستقطب العاطلين عن العمل، وتحولهم من عالة على الاقتصاد إلى دعم وبناء الاقتصاد بالقيام بالدور الإنتاجي المنوط بهم. وختم المطير حديثه قائلاً: «العبرة ليست بكثرة الإنفاق، وإنما بجودته وكفاءته، فلن يشعر المواطن البسيط بالتحسن في رفاهيته إلا من خلال ترشيد الإنفاق وتوجيه الوجهة الصحيحة التي تخدم المواطن، إضافة إلى استمرار الضرب بيد من حديد لمحاربة الفساد والثراء غير المشروع».