تستعد السعودية أكبر مصدر للنفط الخام في العالم للإعلان عن موازنة توسعية مع استمرار الإنفاق السخي على مشاريع تنموية، في حين تحاول العديد من دول العالم وضع مزيد من برامج التقشف لمواجهة الأزمات التي تعصف بها. ومن المتوقع أن يبلغ فائض الموازنة خلال العام الحالي 185 مليار ريال (49 مليار دولار)، أي ما يقارب 9.1% من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب تقرير أصدرته مؤسسة النقد السعودي "ساما". وكانت موازنة 2011 توقعت عجزا ب40 مليار ريال (10.7 مليارات دولار)، إلا أن أسعار الخام ومستويات الإنتاج المرتفعة ستسفر عن تحقيق هذا الفائض الضخم. وأوضح المحلل الاقتصادي والمالي عبدالوهاب أبو داهش أن "الاقتصاد السعودي سيعتمد على الدعم الحكومي خلال العامين المقبلين على أقل تقدير، فالدولة ستنفق بسخاء على مشاريع البنى التحتية والصحة والتعليم والإسكان". وأمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز مطلع العام الحالي بإنفاق حوالي 130 مليار دولار على مشاريع حيوية وإيجاد وظائف. وقال أبو داهش إن "الحكومة ستظل المحرك الرئيسي للاقتصاد مدعومة بأسعار النفط والاحتياطي الأجنبي الذي يتجاوز تريليوني ريال (533 مليار دولار)، خصوصا إذا استطاعت منطقة اليورو الخروج من أزمتها بسلام". ولفت إلى أنه "في حال تفاقمت الأزمة الأوروبية وتراجع وضع الاقتصاد العالمي يمكن للسعودية استخدام احتياطيها المالي في دعم المشاريع المعتمدة". وأضاف "من الواضح أن أسعار النفط وإنتاج المملكة وصل إلى مستويات غير مسبوقة مع تماسك اقتصادات شرق آسيا في الهند والصين". لكن المحلل حذر من "وصول الأزمة الأوروبية إلى الهند والصين خلال العامين المقبلين مما قد يلقي بظلاله على استهلاك النفط وانخفاض الطلب". وأشار تقرير ساما إلى أنه "من المتوقع أن يحقق الحساب الجاري فائضا للعام الثالث عشر على التوالي بنحو 378.3 مليار ريال (101 مليار دولار) أي ما يعادل 18.6 % من الناتج المحلي الإجمالي". وقال محمد الجاسر محافظ "ساما" السابق إن "الاقتصاد المحلي تفادى مزالق المديونية العامة والخاصة التي أرهقت اقتصادات كثير من الدول الصناعية وواصل عام 2010 نموه للعام الحادي عشر على التوالي بنسبة 4.1%، ونما القطاع غير النفطي بنسبة 4.9%".