ماري بيرنييه موقع «ماي برست كانسر تيم» - للوهلة الأولى، قد تراه موقعاً يذكّرك كثيراً ب «فايسبوك»، لأعضائه صفحات خاصّة بهم مع صورة شخصية ووصف، وبإمكانهم نشر تحديثات عن حالتهم، والتعليق على حالة المستخدمين الآخرين، وإبداء إعجابهم بكلّ منشور. لكنّ نقاط التشابه تتوقّف هنا، ففي كلّ صورة ورسالة على الموقع تذكير بأنّ مستخدميه يحاربون عدواً مشتركاً هو سرطان الثدي. «ماي بي سي تيم» (MyBCTeam) شبكة تواصل اجتماعي تضم أكثر من 5 آلاف امرأة إما مصابة بسرطان الثدي أو في طور التعافي منه. ولم تؤسّس الموقع امرأة مصابة بورم خبيث، بل أطلقه خبيرا مواقع إنترنت في سان فرانسيسكو، ماري راي وأريك بيكوك اللذان ساهما في تأسيس شركة «ماي هيلث تيمز» المتخصصة بتطوير شبكات تواصل اجتماعي للمرضى الذين يعانون حالات طبية مزمنة. وكان موقع «ماي أوتيزم تيم» للمتوحدين أول منصة تواصل اجتماعي أطلقتها الشركة، وتلاها موقع «ماي بي سي تيم» لسرطان الثدي، و «ماي أم أس تيم» للمصابين بالتصلّب اللويحي، وهو موقع تواصل اجتماعي للمصابين بهذا المرض. وفي مقابلة هاتفية، شرحت راي أحد أهمّ مواطن القوة لموقع «ماي بي سي تيم» كونه يفسح المجال أمام تواصل النساء مع نساء أمثالهنّ، وهو أمر لا نجده في مجموعات المساعدة الذاتيّة التقليديّة. وقالت: «إن امرأة في سن الثلاثين قد تخشى أن يؤثّر العلاج الكيماوي في خصوبتها. ومخاوفها مختلفة طبعاً عن مخاوف امرأة في سن الخامسة والستّين». وبنقرات قليلة، قد تعثر مستخدمة على نساء مثلها على الموقع، رهناً بطبيعة الورم السرطاني الذي أصابها، وعمرها، والعلاج المفروض عليه، وتأثيراته الجانبية. ويتّسم الموقع الإلكتروني بطابعه العمليّ. وكشفت راي قائلة في هذا الصدد، «إن كانت امرأة تختبر علاجها الكيماوي السابع، قد لا تملك القوة لتقابل الناس وجهاً لوجه». والموقع مخصّص حصرياً للنساء المصابات بسرطان الثدي، ما يعني أن المستخدمات قادرات على التحدّث بحرّية عن مواضيع محظورة، كتراجع الرغبة الجنسية أو التكيّف مع ثديين اصطناعيين. معانقات افتراضيّة من ابتكارات موقع «ماي بي سي تيم» خيار يسمح للمنتسبات بإرسال معانقات افتراضية. وأراد مؤسسا الموقع إطلاق هذه الميزة لأنّ المعانقة قد تكون أفضل حلّ إن سمع أحدهم خبراً سيّئاً. كلوديت ريني سيدة من غاتينو في سن الثامنة والستين، وهي من بين قلة من أعضاء الموقع في منطقة كيبيك. وفي آب (أغسطس) 2013، اكتشفت أنها مصابة بورم في ثديها الأيمن، وكانت صدمتها عنيفة. وقالت: «كان الأمر أشبه بكابوس». واكتشفت ريني موقع «ماي بي سي تيم» فيما كانت تتصفح الإنترنت، فكان بنظرها كدولاب إنقاذ، وأفادت قائلة: «في أحد الأيام، لم تكن الأمور بخير وشعرت بالإحباط. وتلقّيت معانقات كثيرة في ذلك اليوم». ومنذ ذلك الحين، بدأت تدخل موقع التواصل الاجتماعي يومياً، وتنشر فيه أسئلة موجّهة إلى مستخدمات أخريات، وترسل معانقات. وصرّحت قائلة: «أتحدث إلى نساء من تكساس وكاليفورنيا. ولا نعرف بعضنا بعضاً، ولكننا معارف. لا أعرف كيف أفسّر ذلك». في مؤسسة «فونداسيون كيبيك»، يلقى الموقع الإلكتروني أصداء وردود فعل إيجابيّة. وقالت نيكول مورين، وهي ممرضة مستشارة في المؤسسة، «إن رأت امرأة تم مؤخراً تشخيص إصابتها رغبة في الحياة لدى نساء أخريات، منحها ذلك مصدر أمل». وستبدأ ريني معالجة إشعاعيّة الأسبوع القادم، وهي قالت: «أشعر فعلاً بالتوتر، فكل شيء جديد، ولا أعرف ما أتوقعه، ولكنني قادرة على الكلام عن الموضوع مع هؤلاء النساء لأنه سبق أن اختبرن وضعاً مماثلاً». موضوع حساس سبق لمورين أن حثّت مستخدمات الموقع على توخّي الحذر، وقالت: «إن الكلام مع مريضة لا يُغني عن التشخيص، فسرطان الثدي بالغ التعقيد، وما من حالتي سرطان متشابهتين»، ما يعني أنه على رغم أن النساء المنتسبات إلى الموقع قد يختبرن ظروفاً مماثلة، قد لا يُظهرن رد الفعل ذاته حيال العلاجات. وكذلك، لا صدقيّة طبّية لموقع «ماي بي سي تيم». ولا شك في أن النساء اللواتي يتشاركن عليه المعلومات حسنات النيّة، ولكنّ التجربة الشخصية لا تكفي للتوصية بجراحة أو بدواء. وقالت مورين: «علينا أن نكبح توقّعاتنا، ولا سيما في حالات كهذه، لأن الأشخاص الذين يواجهون أوضاعاً صعبة يشعرون عادة بأنهم ضعفاء». ... وماذا عن الخصوصية؟ يحفل موقع «ماي بي سي تيم» بالمعلومات الشخصيّة عن النساء المنتسبات إليه، وهي معلومات حساسة قد تكون مفيدة جداً لشركات الأدوية مثلاً. وتُعبّر راي عن رأيها بوضوح حول الموضوع، وتقول: «لا نوفّر أي معلومات شخصية لأطراف ثالثة، فشبكة التواصل الاجتماعي التي نديرها تعتمد على الثقة. وإن خسرنا هذه الثقة، خسرنا الموقع». في الوقت الراهن، يحصل موقع «ماي بي سي تيم» على تمويل من أصحاب المشاريع الخيرية – وما من أحد بينهم على صلة بقطاع الأدوية. ومع ذلك، تراود راي أحلام كبيرة لشركاتها. وقد تنشئ في مرحلة مقبلة شبكات تواصل اجتماعي للمصابين بداء السكري أو مرض ألزهايمر. وقد حدّدت لنفسها هدفاً طموحاً، هو إدارة 50 شبكة تواصل اجتماعي متخصصة في السنتين المقبلتين. وقالت في هذا الصدد، «ما نأمله للمدى الطويل هو أن يصف الأطباء مواقعنا لمرضاهم».