لم يختتم عام 2012 قبل أن تشهد بيروت صدور كتابٍ يتضمّن فصلاً مخصّصاً للتقاطع بين العِلم والسياسة، إذ صدر عن «دار النهضة العربية» كتاب الزميل عادل مالك «فلسطين من الضياع إلى الربيع العربي»، في غلاف سميك يضمّ 596 صفحة من القطع المتوسّط، الذي اختتم بفصل عن آلبرت إينشتاين. حمل الفصل عنواناً مزدوجاً «خاتمة زعماء قابلتهم: بين إينشتاين وشارل مالك». ويبدو أن البعد السياسي في شخصية إينشتاين أثار غير صحافي عربي، ففي كتابه «زيارة جديدة للتاريخ»، تحدّث الصحافي الشهير محمد حسنين هيكل عن لقائه إينشتاين في منزله، وهي جاءت في سياق رفض إينشتاين أن يتولى منصب الرئاسة في إسرائيل بعد وفاة بن غوريون، إذ ارتأى بعض ساسة إسرائيل حينها، أن يسدّوا الفراغ الذي خلّفه غياب «زعيم تاريخي من وزن بن غوريون»، بشخص يسود إجماع على مكانته. وأوضح هيكل أن رفض إينشتاين لم يأت من تواهن في تأييد إينشتاين لإسرائيل، بل أن الرجل ببساطة لم ير نفسه أهلاً لهذا المنصب، وأن ما يجيده فعلاً هو العِلم والمزيد منه. وعلى غرار كثيرين، أُعجِب هيكل بتلك «اللمسة الطفولية المرهفة» في شخصية إينشتاين، التي تجعله أيضاً يبدو «كشخص مستغرق في أحلام يقظة جميلة». ووفق ما يرد في الكتاب، التقى الزميل مالك تكراراً البروفسور شارل مالك، وهو مثقّف لبناني مرموق عالمياً وأستاذ للفلسفة كُرّم بما يزيد على 55 دكتوراه فخرية، وساهم أيضاً في صوغ «الشرعة العالمية لحقوق الإنسان»، وهي وثيقة مرجعية في الأممالمتحدة. واطّلع مؤلّف الكتاب من هذا المرجع على رسائل تبادلها مع آلبرت إينشتاين، بينها رسالة طلب فيها إينشتاين رأي البروفسور اللبناني في نظريته المعروفة عن النسبية ووثّق هذا الكتاب 3 رسائل متبادلة بين إينشتاين والبروفسور مالك، مع وضع صورٍ عنها. في الرسالة الأولى (بتاريخ 1947)، يطلب إينشتاين من البروفسور مالك أن يساعده في جمع مليون دولار، تخصّص لنشر الوعي بالطاقة الذريّة التي كانت حينها حديثة ومُرعبة. وفي الثانية، يعتذر القانوني اللبناني عن عدم قدرته على الاستجابة لهذا الطلب. وتُظهِر الثالثة ردّاً لطيفاً ومتفهّماً من إينشتاين على اعتذار شارل مالك. ويُختتم هذا الفصل، بل الكتاب، بتلك الرسالة الشهيرة التي نشرتها «لجنة علماء الذرّة في برنستون» برئاسة إينشتاين، عن مسؤولية العلماء إزاء الطاقة الهائلة التي أخرجوها من قمقمها الذريّ.