اتهمت «جبهة الإنقاذ الوطني» التي تضم قوى المعارضة الرئيسة في مصر السلطات ب «تزوير» الاستفتاء على مشروع الدستور الذي أظهرت نتائج غير رسمية قبوله بنسبة 64 في المئة، متعهدة إسقاطه «من خلال الوسائل السلمية»، وأكدت أنها ستطعن في النتائج أمام القضاء. وعقد قادة «جبهة الإنقاذ» مؤتمراً صحافياً أمس حضره القيادي في الجبهة حمدين صباحي ورؤساء أحزاب «المصري الديموقراطي الاجتماعي» محمد أبو الغار و «مصر الحرية» عمرو حمزاوي و «التحالف الشعبي» عبدالغفار شكر والقيادي في حزب «الدستور» جورج إسحاق وآخرون، فيما غاب عنه منسق الجبهة محمد البرادعي والقيادي فيها عمرو موسى. وركزت كلمات قادة الجبهة وبيانها على نقاط عدة أبرزها تأكيد «تزوير» نتائج الاستفتاء وتوثيق التجاوزات التي تمت وتقديم بلاغات في شأنها إلى الجهات المختصة وتعهد العمل على إسقاط الدستور، لكنهم لم يحددوا موقفاً من الانتخابات البرلمانية المقبلة التي ستجرى على أساس الدستور، وإن أظهروا إصراراً على التجمع في كيان موحد. وأكدت الجبهة أن نتيجة الاستفتاء سببها «ما شهده من تزوير وانتهاكات ومخالفات وأوجه قصور في تنظيمه»، مشيرة خصوصاً إلى «غياب الإشراف القضائي الكامل عن مرحلتيه، ما سبب إبطاء التصويب ومضاعفة عدد الناخبين في كل لجنة وانصراف معظم المواطنين من دون تصويت، وتوجيه الناخبين إلى التصويت بنعم داخل اللجان». وحيت الجبهة في بيان تلاه عبدالغفار شكر «الشعب المصري لإقباله على التصويت بلا وعدم الاستجابة للدعاية المضللة التي ارتكزت إلى الشريعة». وقال شكر إن «الجماهير اكتشفت أن الإسلام بريء من هذا كله، وأن من ينسبون أنفسهم إليه يدافعون عن مصالح دنيوية ويناصرون كبار الرأسماليين ويصرون على إصدار دستور لا يحمي حقوق الإنسان ولا يقيم دولة ديموقراطية... عصر التضليل باسم الدين ولى، والمنافسة السياسية تدور بالأساس حول مصالح الناس». وأضاف: «سنواصل نضالنا كي يحظى الشعب بحقوقه وحرياته وعلى رأسها حقه في أن يختار حكامه ويغيرهم دورياً بإرادته الحرة في انتخابات نزيهة». وأكد أن «نضال الجبهة سيكون أكثر فاعلية والنفوذ السياسي أكثر تأثيراً نتيجة للتطورات الإيجابية التي تشهدها الساحة السياسية باندماج عدد من الأحزاب معاً في حزب واحد كبير يعلي من شأن العدالة الاجتماعية». وتعهد «أن تكون جبهة الإنقاذ أكثر تماسكاً وأن تواصل مسيرة العمل الجبهوي بين أطرافها، مستفيدة من خبرة الممارسة والدروس المستفادة من تجربة الاستفتاء». وشدد على أن «الاستفتاء ليس نهاية المطاف بل هو مجرد معركة في صراع طويل حول مستقبل مصر». وتوقع حمدين صباحي خوض المعارضة الانتخابات البرلمانية المقبلة، قائلاً إنها «ستخوضها وهذا قرار نهائي لا رجعة فيه»، لكن «سيتم التشاور في شأن كيفية المشاركة». وأكد أن «الجبهة ستظل وحدة واحدة وستفوز في أي معركة بالصندوق لأن الشعب سيرفض سياسات النظام»، متعهداً مواصلة «النضال السلمي لإسقاط الدستور». وقال إن «النسبة المعلنة للموافقة على الدستور تؤكد أن الشعب المصري قراره الواحد والقاطع هو أن هذا الدستور لا يعبر عن التوافق... النتائج لا تعطي لنعم ثلثي الأصوات، ما يعني أن الدستور لا يلقى قبولاً عند المصريين». وأكد أن «الجبهة ستطعن على نتيجة الاستفتاء أمام اللجنة العليا وعليها أن تسمع كل اتهامات التزوير». أما رئيس «المصري الديموقراطي الاجتماعي» محمد أبو الغار فقال إن «الجبهة متماسكة جداً وهناك اتفاق على خوض كل الاستحقاقات»، مشيراً إلى أن «هناك أحزاباً داخل الجبهة أخذت خطوات متقدمة لتشكيل حزب واحد وسنرى ذلك قريباً». واعتبر أن «قرار الجبهة المشاركة في الاستفتاء كان إيجابياً لأنه أثبت أن للمعارضة أنصاراً رغم التزوير والمخالفات». وأكد عمرو حمزاوي أن «الدستور باطل لعدم التوافق الوطني حوله، فضلاً عما شاب الاقتراع من مخالفات وتجاوزات»، مطالباً اللجنة العليا ب «التحقيق في الانتهاكات قبل إعلان النتائج». في المقابل، سعت جماعة «الإخوان المسلمين» إلى فتح حوار مع معارضيها بعدما اطمأنت إلى إقرار الدستور، في ما بدا محاولة لتمرير قرارات تقشف اقتصادي متوقعة. وقال رئيس حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية للجماعة، سعد الكتاتني في تدوينة عبر حسابه على موقع «فيسبوك» إن «الشعب اختار للمرة الأولى دستوره بحرية كاملة وبعد سجال طويل... الآن نمد أيدينا إلى كل الأحزاب السياسية والقوى الوطنية لنرسم معاً معالم المرحلة المقبلة وأتمنى أن نبدأ جميعاً صفحة جديدة». ودعا نائب رئيس «الحرية والعدالة» عصام العريان الأحزاب إلى «إجراء حوار وطني لنبذ الصراعات والخلافات والاتجاه إلى المستقبل». لكنه قصر دعوته على «الأحزاب المنوط بها التعبير عن المنتمين إليها باعتبارهم جزءاً من النظام السياسي للدولة»، من دون أن يوضح معيار الاختيار. وكان العريان يتحدث إلى الصحافيين بعدما أنهى إجراءات قيده في مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان) الذي ستؤول إليه سلطة التشريع لحين انتخاب مجلس النواب الجديد. وخلت قائمة ال90 الذين عينهم الرئيس محمد مرسي في المجلس وأعلنتها الرئاسة مساء أول من أمس من أي معارضين بارزين ولوحظ أن غالبيتها شخصيات جديدة على المشهد السياسي، وأن بعضهم من أعضاء الجمعية التأسيسية وبينهم أستاذا القانون جمال جبريل ورمضان بطيخ، وعضو حزب «غد الثورة» الذي رفض الانسحاب من الجمعية محمد محيي الدين وعدد كبير من الإسلاميين بينهم العريان وصبحي صالح وجمال حشمت ومحمد الصغير وصفوت عبدالغني ومحمد يسري ونصر فريد واصل. في غضون ذلك، تظاهر أمس نحو ثلاثة آلاف قاض وعضو في النيابة العامة، أمام دار القضاء العالي، احتجاجاً على تراجع النائب العام المصري طلعت عبدالله عن استقالة تقدم بها الاثنين الماضي. وقاد رئيس نادي القضاة أحمد الزند تظاهرات أمس احتجاجاً على طريقة تعيين الرئيس للنائب العام. وأعرب القضاة وأعضاء النيابة المحتجون عن انتقادهم لعدول عبدالله عن استقالته، وتم غلق أبواب محكمة دار القضاء العالي أثناء تنظيم الوقفة الاحتجاجية، تحسباً لدخول أي من المحامين المؤيدين للنائب العام الذين كانوا نظموا وقفة مؤيدة له صباح أمس. ورفع أعضاء النيابة العامة بطاقات عضويتهم في النيابة ليؤكدوا أنه لا يوجد بينهم محامون أو رجال شرطة. وحاول عدد من محامي جماعة «الإخوان» المؤيدين للنائب العام اقتحام دار القضاء العالي اعتراضاً منهم على الوقفة الاحتجاجية للقضاة وأعضاء النيابة العامة. غير أن قوات الشرطة والأمن المركزي تصدت لهم ومنعت بعضهم من تسلق سور المحكمة.