يتوجه الناخبون المصريون اليوم إلى مراكز الاقتراع في 10 محافظات للاستفتاء على مشروع الدستور الذي انفرد التيار الإسلامي بصياغته، ما سبب انقساماً غير مسبوق، وسط مخاوف من أعمال عنف تكررت في الأيام الماضية خصوصاً بعد اشتباكات دامية شهدتها مدينة الإسكندرية أمس بين المؤيدين والمعارضين لمشروع الدستور جُرح فيها العشرات. وفي حين استبقت المعارضة الاستفتاء بالتحذير من «تزويره»، معربة عن ثقتها في رفض الشعب لمشروع الدستور، دافعت الموالاة عن الوثيقة، منتقدة حملة المعارضة ضدها. ويشارك في تأمين الاقتراع نحو 250 ألف ضابط وجندي من الجيش والشرطة، ويشرف عليه نحو سبعة آلاف من القضاة وأعضاء النيابة العامة، بعدما قاطعت غالبية القضاة الإشراف على الاستفتاء. وأعلنت قوى إسلامية أنها ستشارك في «تأمين» اللجان عبر تشكيل «لجان شعبية» لهذا الغرض. وتشمل عملية الاقتراع في مرحلتها الأولى اليوم محافظات القاهرةوالاسكندرية والدقهلية والغربية والشرقية وأسيوط وسوهاج وأسوان وشمال سيناء وجنوب سيناء. وتضم نحو 26 مليون ناخب، يقترعون في 13099 لجنة فرعية و351 لجنة عامة. وعقدت قيادات في الجمعية التأسيسية للدستور التي انتهى عملها أصلاً مؤتمراً صحافياً أمس دافعت خلاله عن مشروع الدستور، داعية المواطنين إلى قبوله. وانتقد الأمين العام للجمعية القيادي في «الإخوان المسلمين» عمرو دراج تعرض الجمعية لما اعتبره «حملة منظمة غير منصفة للتشكيك في مشروع الدستور والنيل من أعضائها». في المقابل، عقدت «جبهة الإنقاذ الوطني» مؤتمراً صحافياً انتقدت فيه استخدام أعضاء الجمعية التأسيسية مقار الدولة لعقد مؤتمر صحافي يدافعون فيه عن مشروع الدستور رغم أن اللجنة لم تعد لها صفة قانونية. وأعاد قياديو الجبهة التذكير بالمواد التي رأوها تتضمن إجحافاً في حق المواطنين وتعدياً على الحريات العامة، كما انتقدوا الصلاحيات الواسعة للرئيس في الدستور، معتبرين أن من شأنها أن تصنع «ديكتاتوراً جديداً». وحض القيادي في الجبهة حمدين صباحي الناخبين على الاحتشاد أمام مقار اللجان اليوم لرفض الدستور وإسقاطه، فيما أكد القيادي في الجبعهة أحمد البرعي أن المعارضة «سيكون من حقها اختيار الطريقة التي تُشكل بها الجمعية في حال رفض الدستور». وقال رئيس حزب «مصر الحرية» عمرو حمزاوي إن «الجبهة ترفض الدستور وسبق أن رفضت الاستفتاء عليه والاحتشاد (اليوم) للتصويت برفضه جزء من هذا الرفض». وأضاف: « وفقاً لاستطلاعات الرأي التي رصدناها، نثق في أنه لو لم يحدث تزوير سيرفض الشعب الدستور، وسنتابع العملية بدقة ونفضح أي محاولات للتزوير... وإذا جاءت النتيجة بنعم سنستمر في المعارضة السلمية لإسقاط الدستور». واعتبر أن المؤتمر الصحافي للجمعية التأسيسية «دليل ارتعاش وخوف». وتحدث نقيب المحامين سامح عاشور عن «محاولات للتزوير»، قائلاً: «وصلتنا معلومات بأن كشوف القضاة الموافقين على الإشراف على الاستفتاء ليست دقيقة ونتوقع غياب عدد كبير من القضاة (اليوم)، وحزب الحرية والعدالة (الحاكم) بدأ الاستعداد لوضع بدلاء من خلال تجهيز 200 استاذ من جامعة أسيوط لتعويض النقص المتوقع للقضاة... لن نسمح بإجراء الاستفتاء من دون إشراف قضائي، وعلى اللجنة العليا للانتخابات أن تعيد مراجعة كشوف القضاة». وسجل المنسق العام للجبهة محمد البرادعي موقفاً لافتاً بأن أكد أن الجبهة «تعتبر مسودة الدستور باطلة، وبالتالي الاستفتاء عليها باطل». ووجه في تسجيل مصور نداء إلى الرئيس محمد مرسي لإرجاء الاستفتاء على الدستور أو إلغائه، مؤكداً أن المعارضة لا تسعى إلى إسقاط الرئيس. ومن المقرر أن تفتح مراكز الاقتراع أبوابها في الثامنة صباحاً على أن تغلق في السابعة مساء، لكن عادة ما يُتخذ قرار بتمديد العمل في اللجان التي تشهد إقبالاً كثيفاً. ومع انتهاء اقتراع المصريين في الخارج اليوم، استنكرت وزارة الخارجية «الإشاعات عن محاولات لتوجيه المشاركين في الاستفتاء على الدستور في سفارات وقنصليات مصر في الخارج أو منع بعضهم من الإدلاء بصوته». ويبلغ عدد الناخبين المسجلين في الخارج 586 ألف ناخب يدلون بأصواتهم في 150 بعثة ديبلوماسية. ميدانيا، تظاهر آلاف من مؤيدي مشروع الدستور من أنصار التيار الإسلامي، خصوصاً جماعة «الإخوان»، أمام مسجد رابعة العدوية في حي مدينة نصر ورفعوا لافتات تأييد لمرسي ولمشروع الدستور، فيما نظمت قوى المعارضة مسيرات حاشدة شارك فيها آلاف وجابت شوارع القاهرة وتوجهت إلى ميدان التحرير ومحيط قصر الاتحادية الرئاسي الذي شهد إجراءات أمنية مشددة رغم حصاره بالجدران الخرسانية. ولم يكن الوضع في الاسكندرية هادئا كما القاهرة، إذ شهد ميدان القائد ابراهيم اشتباكات عنيفة بين المؤيدين والمعارضين على خلفية رفض المعارضين استخدام منبر أكبر مساجد المدينة للترويج لمشروع الدستور. وكان خطيب مسجد القائد ابراهيم الداعية المثير للجدل أحمد المحلاوي حض المصلين في خطبة بعد صلاة الجمعة على التصويت بنعم في الاستفتاء اليوم، واصفاً الرافضين بأنهم من «المخربين الذين لا يريدون الاستقرار للبلد»، وهو ما اعترض عليه رافضو الدستور وقاطعوا المحلاوي مطالبين بإنزاله من على المنبر لأنه يستغل المسجد في الترويج لفريق سياسي. ونقلت وسائل إعلام صوراً لإسلاميين مسلحين بسيوف وسكاكين وزجاجات حارقة استخدمت في الاشتباكات التي تدخلت الشرطة لاحتوائها، فيما روى شهود أن مجموعة من المعارضين حطمت سيارة كان يستقلها ملتحون وفيها سيوف وزجاجات حارقة. وشهدت مساجد عدة في محافظات مختلفة مشادات بين المعارضين والمؤيدين على خلفية تعمد عدد من الدعاة توجيه الناخبين إلى التصويت بنعم على الدستور، وتحولت المشادات إلى اشتباكات محدودة، ما ينذر بحصول أعمال عنف اليوم خلال التقاء الحشود أمام لجان الاستفتاء.