أعلن زعيم حزب «جبهة التحرير الوطني» الحاكم في الجزائر عمار سعداني عن تغييرات «عميقة» ستشهدها البلاد «قريباً» في سياق تعديل الدستور. وكشف سعداني أنه من المتوقع أن يُعرض الدستور الجديد على البرلمان للمصادقة عليه من دون استفتاء شعبي، ما يشير إلى نية اعتماد تغييرات سطحية لا تمس توازنات السلطة. وأبلغ سعداني نواب الحزب بحصول «تغييرات سياسية مهمة ستشهدها الجزائر قريباً». واعتبر نواب أن هذه التصريحات تطاول منصب الرئاسة، فيما رأى فيه آخرون إشارة إلى صلاحيات ستُمنح لرئيس الحكومة في الدستور المقبل. وتتميز المرحلة السياسية الحالية في الجزائر بضبابية بالغة، أساسها الغياب المستمر للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة عن الظهور العلني إلا في استقبالات بروتوكولية قليلة. وأثار هذا الوضع تخمينات بشأن تغيير مرتقب في أعلى هرم السلطة، لكن الظهور النادر لبوتفليقة لا يعني توقفه عن اصدار قرارات مصيرية، إذ أجرى أخيراً تعديلات عميقة على مستوى الرئاسة، إضافة إلى حركة تبديلات في المناصب لم تشهد البلاد مثيلاً لها منذ وقت طويل. كما أعاد بوتفليقة الجنرال بشير طرطاق (مدير الأمن الداخلي في جهاز الاستخبارات سابقاً) إلى الواجهة بتعيينه مستشاراً أمنياً في رئاسة الجمهورية. وأكد سعداني أمام نواب الحزب على أهمية «الولاء للحزب وليس للأشخاص». وأضاف: «الاعتماد على الأشخاص لن يدوم، الحزب وحده يدوم. سعداني سيرحل، كما رحل بلخادم وبن فليس ومهري وآخرون». وبات ينظر لتصريحات سعداني على أنها ترجمة لمصير النخب النافذة في السلطة، فكان هو من فجّر العام الماضي الجدل مع جهاز الإستخبارات وقائده القوي الفريق محمد مدين (توفيق). وكانت تصريحات سعداني تُتبع في حينه بقرارات إحالة على التقاعد لعدد كبير من الجنرالات النافذين في هذا الجهاز. من جهة أخرى، مهّد سعداني لصدور الدستور الجديد بشكل لا يتضمن تغييرات جذرية، إذ أكّد على أنه سيُقرّ بغرفتي البرلمان فقط وليس عبر الاستفتاء الشعبي. ويعني هذا الاجراء قانونياً أن التغييرات ستكون سطحية، إذ يفرض المشرّع الجزائري عرض التعديلات على الاستفتاء الشعبي بحال حدوث تغييرات عميقة تمس علاقة السلطات ببعضها والتوازن بينها. وأضاف أن «الدستور المقبل سيحمل تعديلات جوهرية تقلص من صلاحيات الرئيس، وستمنح صلاحيات أكثر للحكومة والبرلمان والمعارضة، وهذا ما يحتم مروره عبر المجلس الشعبي الوطني». على صعيد آخر، قال وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة أمس، أن المحادثات التي جمعته بالوزير الإسباني للشؤون الخارجية والتعاون خوسي مانويل غارسيا مارغاليو على هامش قمة خمسة زائد خمسة حول ليبيا سمحت «بتعميق» وجهات نظر كلا البلدين، مشيراً إلى أنه أوضح لنظيره الإسباني «كل ما تقوم به الجزائر على الصعيد الثنائي ومع دول الجوار لصالح ليبيا». على صعيد آخر، أكد وزير الشؤون الدينية الجزائري محمد عيسى (أ ف ب) أن بلاده ستعيد النظر في تكوين الأئمة للوقاية من التطرف الديني الذي تسبب بالحرب الأهلية التي أدت إلى مقتل 200 ألف شخص خلال التسعينيات.