فاجأ الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة كثيرين بالتغييرات الكبيرة التي أقدم عليها في الفترة الماضية، ليس فقط في الحكومة بل أيضاً في أجهزة الاستخبارات صاحبة النفوذ والتي غالباً ما وُصفت بأنها الحاكم الفعلي للبلاد. لكن مصدراً مطلعاً أكد ل «الحياة» أن تغييرات بو تفليقة جاءت باتفاق مع الرجل القوي في الاستخبارات الجنرال «توفيق» (محمد مدين)، نافياً حصول شرخ في علاقتهما. وبعد عودته إلى الجزائر في رمضان الماضي إثر رحلة علاج ونقاهة طويلة في فرنسا نتيجة إصابته بجلطة دماغية، لجأ بو تفليقة إلى إجراء سلسلة تغييرات في الحكومة خرج بموجبها عدد من الوزراء الذين تردد أنهم ساندوا خصومه في جبهة التحرير الوطني وعبّر بعضهم عن معارضته استمراره في الرئاسة نتيجة المرض الذي أقعده طوال شهور ومنعه من مزاولة نشاطه السياسي على رأس الدولة. وعوّض بوتفليقة الوزراء المقالين بآخرين محسوبين عليه، وسلّمهم قطاعات مهمة مثل الداخلية والعدل. كما رقّى قائد أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح ومنحه منصب نائب وزير الدفاع (منصب يشغله رئيس الجمهورية نفسه). وأعطى الرئيس الجزائري قائد أركانه الوفيّ صلاحيات واسعة ووضع تحت سلطته أجهزة كانت تابعة للاستخبارات، الأمر الذي تم تفسيره بأنه يعني وجود شرخ بين بوتفليقة والفريق «توفيق». لكن المصدر الجزائري المطلع نفى ل «الحياة» صحة ذلك، قائلاً إن الرجلين على اتصال دائم و «لا خلاف بينهما»، مؤكداً أن رئيس الجمهورية «يمارس الصلاحيات التي منحه إياها الدستور». ومعلوم أن التغييرات التي أجراها بوتفليقة طاولت أيضاً رأس الاستخبارات الخارجية (الجنرال عطافي) ومديريات تابعة للاستخبارات (مثل مديرية أمن الجيش ومديرية الصحافة والاتصال). وتزامن ذلك مع نجاح أنصاره في السيطرة على قيادة جبهة التحرير الوطني التي كان خصومه يراهنون عليها لإيصال مرشح مدعوم منهم - تردد في هذا الإطار اسم الأمين العام السابق لجبهة التحرير علي بن فليس - لرئاسة الجمهورية في الانتخابات المفترض أن تُجرى في ربيع العام المقبل في نهاية الولاية الثالثة لبوتفليقة. لكن المصدر الجزائري قال إن بوتفليقة «باق» على رأس الدولة، مشيراً إلى أن غرفتي البرلمان (المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة) ستقران قريباً تعديلاً دستورياً يسمح له بتمديد ولايته. وأكد صحة المعلومات المتداولة عن أن الدستور الجديد سيتضمن النص على استحداث منصب «نائب رئيس الجمهورية»، وهو منصب كان موجوداً في دساتير جزائرية سابقة لكن، تم إلغاؤه. ولم يعيّن أي من الرؤساء السابقين للبلاد نائباً له حتى عندما كان منصب نائب الرئيس موجوداً. وتلقى تغييرات بوتفليقة، وسعيه المفترض لتمديد ولايته معارضة واضحة في أوساط سياسية وإعلامية في الجزائر. وكتبت صحيفة «الخبر» في عددها الأخير «أن بوتفليقة اتخذ أكثر القرارات جرأة وقوة وهو عاجز بدنياً، وترك انطباعاً قوياً بأن الحكم في عهده تغوّل في شكل غير مسبوق بعد أن كسر كل سلطة مضادة».