تدور مفاوضات لإخراج المقاتلين من مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوبدمشق وتحييده عن النزاع السوري، بعدما شهد غارات جوية واشتباكات بين معارضين وموالين للنظام، بحسب مصادر فلسطينية مطلعة. وقال مصدر لفرانس برس إن «تنظيمات فلسطينية محايدة دخلت في مفاوضات بين الجيش السوري الحر والقوات النظامية لإبعاد النزاع عن المخيم»، مشيراً إلى أن هذه المفاوضات «لم تصل حتى الساعة إلى نتيجة». وتهدف هذه المحادثات إلى إخراج المقاتلين المعارضين والمسلحين الفلسطينيين الموالين للنظام، على أن يعهد بأمن المخيم إلى شخصيات فلسطينية «محايدة»، بحسب ما أشار المصدر وسكان وناشطون على علاقة بعملية التفاوض. وقال المصدر الفلسطيني إن مخيم اليرموك «يعتبر مأوى للاجئين الفلسطينيين ولا يجب على احد من الأطراف (في النزاع السوري) الدخول إليه»، مشيراً إلى أن الأطراف «المحايدين» هم ناشطون غير مؤيدين للنظام أو مشاركين في القتال إلى جانب المعارضين العاملين على إسقاطه. وأفادت صحيفة «الوطن» السورية المقربة من النظام بأن «الجيش السوري (النظامي) واصل استقدام التعزيزات إلى مشارف مخيم اليرموك استعداداً لدخوله، فيما قامت عناصره بإغلاق الطرق المؤدية إليه حفاظاً على أرواح المواطنين». وكان الطيران الحربي السوري شن ليلة أول من امس غارات جوية على المخيم الذي يضم نحو 150 ألف فلسطيني، مع تحقيق المقاتلين المعارضين تقدماً في أحيائه، مع سعيهم إلى طرد مسلحين فلسطينيين موالين للنظام، تنتمي غالبيتهم إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقال احد السكان لفرانس برس إن «مئات من عناصر الجيش السوري الحر متواجدون» داخل المخيم الذي تعرض الأحد لغارة جوية هي الأولى تستهدفه، وأدت إلى مقتل ثمانية أشخاص. وأبلغ مصدر فلسطيني فرانس برس أن المخيم يعيش «كارثة إنسانية حقيقية»، معتبراً أنها «نكبة ثانية بالنسبة للفلسطينيين». وقال ناشط في المخيم عرف عن نفسه باسم «راسم» لفرانس برس عبر سكايب إن المخيم «بات شبه فارغ من السكان»، بعدما دفعت أعمال العنف بالآلاف من سكانه إلى اللجوء للحدائق العامة والساحات في دمشق من دون سقف يؤويهم في غياب قدرتهم على استئجار منازل للإقامة فيها. وغادر عدد كبير من سكان المخيم إلى لبنان المجاور، حيث ابلغ مصدر في الأمن العام اللبناني وكالة فرانس برس أن قرابة 2200 فلسطيني عبروا الحدود السورية اللبنانية ما بين السبت وصباح امس. وعبر العديد من اللاجئين الفلسطينيين نقطة المصنع الحدودية في اتجاه لبنان، غالبيتهم نساء وأطفال وكبار في السن، بحسب ما أفاد مصور فرانس برس امس. وأفاد المصور بأن «احد الرجال الذي كانت ينتظر العبور إلى لبنان قال انه يحمل معه 500 ليرة سورية فقط (نحو سبعة دولارات أميركية)، ويجب أن تكفيه هو وعائلته». أما أم احمد التي كانت تنتظر على الحدود مع زوجها المصاب وأولادها الخمسة فقالت «لا أعرف ما العمل أو إلى أين سنذهب»، مشيرة إلى أن زوجها تعرض لإصابة بالغة «جراء الغارة الجوية على اليرموك امس». وأوضحت أن زوجها بقي عالقاً تحت الأنقاض قرابة يوم «وحين خرج، كانت رجله مصابة بالغرغرينا». أضافت «غادرنا دمشق على الفور». وفي بيروت، اعتصم العشرات من اللاجئين الفلسطينيين النازحين من سورية أمام مقر وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين «الأونروا»، بحسب ما أفاد مصور فرانس برس. ورفع المعتصمون لافتات طالبت الوكالة بتوفير أماكن إقامة للنازحين، وكتب في عدد منها «بدنا (نريد) بيت يسترنا». وفي جنيف أعلنت ليسا جيليان المسؤولة بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا أن حوالى 100 ألف فلسطيني فروا من مخيم اليرموك على اثر المواجهات الأخيرة. وقالت جيليان مساعدة المسؤول عن العاملين في الوكالة الأممية والتي شاركت في مؤتمر صحافي حول حاجات الأممالمتحدة لسورية للعام 2013، إن «الناس لا يزالون يفرون بكثافة». وكان مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين يؤوي 150 ألف فلسطيني. لكن مع «الأحداث في اليرموك»، فإن «ثلثي (اللاجئين) فروا»، كما أوضحت جيليان. وأشارت أيضاً إلى أن رقم 100 ألف مجرد تقدير. وعبر حوالى ثلاثة آلاف شخص أو هم في صدد عبور الحدود اللبنانية وقد ينضم اليهم قرابة ألفي شخص إضافي، كما قالت المسؤولة. وقد لجأ آخرون إلى مدارس أو إلى مكاتب الأونروا. لكن الأممالمتحدة بقيت من دون أنباء عن القسم الأكبر من الحالات. وقالت جيليان «لا نعرف أين هم». ودعت جيليان أطراف النزاع في سورية إلى احترام حيادية الفلسطينيين، وطلبت من جهة أخرى من الدول الأخرى في المنطقة احترام مبدأ «عدم طرد» اللاجئين الفلسطينيين. وقبل وقوع هذه الأحداث، فر حوالى 10 آلاف لاجئ فلسطيني إلى لبنان و2600 آخرين إلى الأردن. وفي رام الله، طالب الرئيس محمود عباس أمس الأمين العام الأممالمتحدة بان كي مون بالعمل على نقل اللاجئين الفلسطينيين في سورية إلى الأراضي الفلسطينية. ودعا عباس في بيان صدر عنه المجتمع الدولي إلى «تمكين أبناء شعبنا في سورية من دخول الأرض الفلسطينية، نتيجة ما تتعرض له المخيمات الفلسطينية من ويلات الصراع الدموي في سورية». وجاء في البيان أن «نحو 450000 لاجئ فلسطيني يعيشون في 10 مخيمات للاجئين في سورية، وأن أكبر هذه المخيمات (اليرموك) الواقع جنوب العاصمة دمشق يتعرض منذ أيام لمشاكل وظروف صعبة في ظل الصراع الدائر في سورية، وقد استشهد عدد من الفلسطينيين». وقال الناطق باسم عباس، نبيل أبو ردينة إن الرئيس يجري اتصالات مكثفة من أجل توفير الحماية للاجئين الفلسطينيين في سورية وتمكينهم من العودة للأراضي الفلسطينية. فيما قال الناطق باسم حركة «فتح» أحمد عساف في بيان له أمس باسم الحركة: «إن حماية اللاجئين الفلسطينيين وإنقاذهم وتقديم المساعدة لهم هي مسؤولية المجتمع الدولي الذي تأخر كثيراً في تنفيذ حق العودة المنصوص عليه في قرار الأممالمتحدة 194». إلى ذلك، شنت الطائرات الحربية السورية امس غارات جوية على مناطق في ريف دمشق حيث تدور اشتباكات بين القوات النظامية والمقاتلين المعارضين، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقال المرصد إن الطائرات الحربية نفذت صباح امس غارات جوية على منطقة البساتين الواقعة بين حي القابون في شمال شرقي دمشق ومدينة حرستا بينما «دارت اشتباكات في منطقة رافقها قصف من القوات النظامية على المنطقة». وطاول القصف مدينة داريا جنوب غربي دمشق التي تحاول القوات النظامية السيطرة عليها، بحسب المرصد. وقالت صحيفة «الوطن» السورية المقربة من السلطات إن الجيش النظامي بدأ منذ الاثنين «باقتحام آخر معقل للإرهابيين في داريا موقعاً خسائر فادحة في صفوف المتحصنين في الأبنية والأنفاق ضمن منطقة تمت محاصرتها لمدة أسبوع وقطعت عنها كل الإمدادات من ذخائر وعتاد». وبعد منتصف ليل الثلثاء- الأربعاء، دارت اشتباكات على أطراف حرستا (شمال شرق) والزبداني (شمال غرب) وعربين وزملكا إلى الشرق من العاصمة، بحسب المرصد الذي تحدث عن قصف طاول هذه المناطق وغيرها في محيط دمشق. في محافظة حماة (وسط)، أفاد المرصد عن اشتباكات ليلاً «في محيط حاجز المجدل العسكري في ريف حماة الشمالي»، بحسب المرصد.