على رغم انطلاق المرحلة الأولى من الاستفتاء على مشروع دستور مصر الجديد، غير أن السجال في شأن بعض مواده لا يزال مستمراً، فالداعون إلى التصويت بنعم يرونه «نقلة نوعية نحو الاستقرار» ويذهب بعضهم إلى وصفه بأنه «واحد من أفضل دساتير العالم»، فيما يعتبره معارضوه أنه «يعصف باستقلال القضاء ويهمش البرلمان وينتهك الحريات ويصنع ديكتاتوراً جديداً» عبر توسيع صلاحيات الرئيس، كما يمنح المؤسسة العسكرية امتيازات غير مسبوقة ويستخدم عناوين فضفاضة في ما يخص الحقوق الاقتصادية والاجتماعية التي أسقط التزام الدولة بكثير منها. وفي ما يأتي أبرز المواد الخلافية في المشروع. - المواد 146 و147 و148: تنص على التوالي على أن رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة وهو الذي يعين الموظفين المدنيين والعسكريين ويعزلهم ويعين الممثلين السياسيين للدولة ويقيلهم ويعلن حال الطوارئ بعد أخذ رأي الحكومة على النحو الذي ينظمه القانون. هذا إلى جانب صلاحية حل البرلمان بلا استفتاء في حال رفض ترشيحات الرئيس للحكومة (المادة 139) وتعيين النائب العام (المادة 173) وتعيين رئيس وقضاة المحكمة الدستورية المادة (176) وتوليه رئاسة مجلس الأمن القومي المادة (193) ورئاسة مجلس الدفاع الوطني المادة (197) ورئاسة هيئة الشرطة المادة (199) وتعيين رؤساء الهيئات الرقابية والمستقلة المادة (202). ويرى منتقدون أن هذا يبقي على الصلاحيات الواسعة التي كان يتمتع بها الرئيس السابق حسني مبارك، ويتخوفون من عودة الديكتاتورية. - المادة 10: «الأسرة أساس المجتمع قوامها الدين والأخلاق والوطنية. وتحرص الدولة والمجتمع على الالتزام بالطابع الأصيل للأسرة المصرية وتماسكها واستقرارها وترسيخ قيمها الأخلاقية وحمايتها وذلك على النحو الذي ينظمه القانون». ويقول منتقدون إن نص المادة يسمح بتدخل أطراف غير الدولة بإشارته إلى «المجتمع» لحماية القيم الأخلاقية ومن ثم يمكن أن يكون مصدراً للعنف الاجتماعي. - المادة 48: «حرية الصحافة والطباعة والنشر وسائر وسائل الإعلام مكفولة وتؤدي رسالتها بحرية واستقلال لخدمة المجتمع والتعبير عن اتجاهات الرأي العام والإسهام في تكوينه وتوجيهه في إطار المقومات الأساسية للدولة والمجتمع والحفاظ على الحقوق والحريات والواجبات العامة واحترام حرمة الحياة الخاصة للمواطنين ومقتضيات الأمن القومي ويحظر وقفها أو غلقها أو مصادرتها إلا بحكم قضائي. والرقابة على ما تنشره وسائل الإعلام محظورة ويجوز استثناء أن تفرض عليها رقابة محددة في زمن الحرب أو التعبئة العامة». ويرى معارضون أن هذه المادة لا تحظر الحبس في جرائم النشر، كما أنها ألغت وضع الصحافة باعتبارها «سلطة رابعة» في الدستور السابق. - المادة 64: «العمل حق وواجب وشرف لكل مواطن تكفله الدولة على أساس مبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص. ولا يجوز فرض أي عمل جبراً إلا بمقتضى قانون». ويرى منتقدون أنه لا يمكن فرض أي عمل جبراً بأي حال من الأحوال. - المادة 150: «لرئيس الجمهورية أن يدعو الناخبين للاستفتاء في المسائل المهمة التي تتصل بمصالح الدولة العليا. وإذا اشتملت الدعوة للاستفتاء على أكثر من موضوع وجب التصويت على كل واحد منها. ونتيجة الاستفتاء ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة في جميع الأحوال». ويقول منتقدون إنه يجب إحاطة حق رئيس الجمهورية في اللجوء إلى الاستفتاءات بضمانات حتى لا يلجأ إليها للخروج على الشرعية وأحكام الدستور. -المادة 52: «حرية إنشاء النقابات والاتحادات والتعاونيات مكفولة. ولا يجوز للسلطات حلها أو حل مجالس إداراتها إلا بحكم قضائي». ويرى معارضون أنه يجب أن يقتصر الحكم القضائي بالحل على مجالس الإدارات وليس النقابات. - المادة 70: «يحظر تشغيل الطفل قبل تجاوزه سن الإلزام التعليمي في أعمال لا تناسب عمره أو تمنع استمراره في التعليم». ويرى منتقدون أن هذه المادة تضفي شرعية على عمالة الأطفال بالنص الدستوري إذ تسمح للطفل بالعمل. - المادة 4: «الأزهر الشريف هيئة إسلامية مستقلة جامعة يختص دون غيره بالقيام على شؤونه كافة ويتولى نشر الدعوة الإسلامية وعلوم الدين واللغة العربية في مصر والعالم. ويؤخذ رأي هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف في الشؤون المتعلقة بالشريعة الإسلامية. وشيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل يحدد القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء». ويقول منتقدون إنه بموجب هذه المادة لا يمكن عند وضع التشريع رفض استشارة من الأزهر، وهو جهة غير منتخبة يعين رأسها رئيس الجمهورية، وبالتالي يعد هذا انتقاصاً من سلطة التشريع والقضاء. ويشيرون إلى أن من المستقر عليه منذ عشرات السنين أنه عند الفصل في مدى دستورية أي قانون يطعن عليه لمخالفة مبادئ الشريعة تكون المرجعية للقضاء ممثلاً في المحكمة الدستورية العليا. - المادة 219: «مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة». ويخشى معارضون من أن تمهد هذه المادة الطريق لتطبيق تفسير متشدد للشريعة الإسلامية، ويرون أنه كان يجب الاكتفاء بما ورد في المادة الثانية من مسودة الدستور من أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيس للتشريع. - المواد 194 إلى 198: تعطي هذه المواد المؤسسة العسكرية امتيازات كبيرة وتلغي الرقابة البرلمانية على موازنة الجيش، بما في ذلك المشاريع الاقتصادية المدنية، وتمنح مجلساً للدفاع الوطني يهيمن عليه العسكريون صلاحيات تنفيذية تتعلق بالقرارات الاستراتيجية، كما تفرض للمرة الأولى في الدستور تعيين وزير الدفاع من بين ضباط القوات المسلحة، وتتيح للقضاء العسكري محاكمة المدنيين في بعض جرائم «الضرر بالقوات المسلحة». - المواد 62 و67 و72: تلغي التزام الدولة بتوفير الرعاية الصحية لكل المواطنين، وتقصره على «غير القادرين»، كما تنهي التزام الدولة بتوفير المسكن والملبس والغذاء وتجعلها في صورة حقوق مكفولة من دون تحديد التزام، كما تتجاهل التزام الدولة بحقوق ذوي الإعاقة من ناحية العمل والرعاية المالية والاجتماعية.