واصل المصريون المقيمون بالسعودية لليوم الثاني على التوالي توافدهم على مقري السفارة المصرية بالرياض والقنصلية العامة بجدة للإدلاء بأصواتهم للاستفتاء على مشروع الدستور، كما بدأت كل من السفارة والقنصلية في تلقي الطرود البريدية التي تحمل أصوات الجالية المصرية بالمملكة ممن أرسلوا بطاقات تصويتهم عبر البريد. وأوضح السفير عفيفي عبدالوهاب، سفير جمهورية مصر العربية لدي المملكة، أن الإقبال خلال أول يومين من أيام التصويت جيد ويتجاوز 17 ألف ناخب حضروا لمقار لجنتي التصويت في كل من الرياضوجدة، بدون احتساب الأصوات البريدية التي يتوالى وصولها حالياً.
من جانبه أكد السفير حسام عيسى، قنصل مصر العام بالرياض، أن اليوم الثاني شهد تدفقاً كبيراً وصل للآلاف من المصريين على قنصلية مصر بالرياض، ولم يحدث أي مصادمات أو مشاحنات بينهم ويوجد حماس لدى الجميع للمشاركة في الاستفتاء, وفقاً لوكالة أنباء الشرق الأوسط.
يذكر أن السعودية تتواجد بها الكتلة التصويتية الأكبر للمصريين بالخارج، حيث بلغ عدد المسجلين منهم في قاعدة البيانات 261.924 من مجموع 586 ألفاً تم تسجيلهم.
مواد خلافية: وفي سياق متصل يدلي المصريون المقيمون في الداخل بأصواتهم يومي 15 و22 ديسمبر الجاري في استفتاء على مشروع دستور جديد أثار احتجاجات عنيفة أسفرت عن سقوط عشرة قتلى ومئات المصابين.
وكانت أبرز المواد الخلافية في الدستور المادة (4): الأزهر الشريف هيئة إسلامية مستقلة جامعة يختص دون غيره بالقيام على كافة شؤونه، ويتولى نشر الدعوة الإسلامية وعلوم الدين واللغة العربية في مصر والعالم. ويؤخذ رأي هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف في الشؤون المتعلقة بالشريعة الإسلامية، وشيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل يحدد القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء.
ويقول منتقدون للمادة: إنه بموجب هذه المادة لا يمكن عند وضع التشريع رفض استشارة من الأزهر؛ ومن ثم يعد هذا انتقاصاً من سلطة التشريع والقضاء، ويشيرون إلى أن من المستقر عليه منذ عشرات السنين أنه عند الفصل في مدى دستورية أي قانون يطعن عليه لمخالفة مبادئ الشريعة تكون المرجعية للقضاء ممثلاً في المحكمة الدستورية العليا.
أما المادة الخلافية الثانية فهي (219) التي تقول: مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة.
ويخشى معارضون لهذه المادة أن تمهد هذه المادة الطريق لتطبيق صارم للشريعة الإسلامية على المجتمع الذي يمثل المسيحيون عشرة في المائة منه، ويرون أنه كان يجب الاكتفاء بما ورد في المادة (2) من مسودة الدستور من أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع.
صلاحيات الرئيس: أما المواد الخلافية الأخرى فهي (146) و(147) و(148) وتنص على التوالي على أن رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو الذي يعين الموظفين المدنيين والعسكريين ويعزلهم، ويعين الممثلين السياسيين للدولة ويقيلهم، ويعلن حالة الطوارئ بعد أخذ رأي الحكومة على النحو الذي ينظمه القانون.
هذا إلى جانب صلاحية تعيين النائب العام (المادة 173) وتعيين رئيس وقضاة المحكمة الدستورية المادة (176) ويتولى رئاسة مجلس الأمن القومي المادة (193) ورئاسة مجلس الدفاع الوطني المادة (197) ورئاسة هيئة الشرطة المادة (199) وتعيين رؤساء الهيئات الرقابية والمستقلة المادة (202).
ويرى منتقدون أن هذا يبقي على الصلاحيات الواسعة التي كان يتمتع بها الرئيس السابق حسني مبارك الذي أطاحت به ثورة شعبية في فبراير 2011.
العنف الاجتماعي: أما المادة (10) التي تقول: الأسرة أساس المجتمع قوامها الدين والأخلاق والوطنية، وتحرص الدولة والمجتمع على الالتزام بالطابع الأصيل للأسرة المصرية وتماسكها واستقرارها وترسيخ قيمها الأخلاقية وحمايتها، وذلك على النحو الذي ينظمه القانون, فيقول منتقدون: إن نص المادة يسمح بتدخل المجتمع لحماية القيم الأخلاقية؛ ومن ثم يمكن أن يكون مصدراً للعنف الاجتماعي.
أما المادة (48) التي تقول: حرية الصحافة والطباعة والنشر وسائر وسائل الإعلام مكفولة وتؤدي رسالتها بحرية واستقلال لخدمة المجتمع والتعبير عن اتجاهات الرأي العام، والإسهام في تكوينه وتوجيهه في إطار المقومات الأساسية للدولة والمجتمع، والحفاظ على الحقوق والحريات والواجبات العامة واحترام حرمة الحياة الخاصة للمواطنين ومقتضيات الأمن القومي، ويحظر وقفها أو غلقها أو مصادرتها إلا بحكم قضائي, والرقابة على ما تنشره وسائل الإعلام محظورة، ويجوز استثناءً أن تفرض عليها رقابة محددة في زمن الحرب أو التعبئة العامة, حيث يرى معارضون أن هذه المادة لا تحظر الحبس في جرائم النشر.
أما المادة (64) التي تقول: العمل حق وواجب وشرف لكل مواطن تكفله الدولة على أساس مبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص، ولا يجوز فرض أي عمل جبراً إلا بمقتضى قانون, حيث يرى منتقدون أنه لا يمكن فرض أي عمل جبراً بأي حال من الأحوال.
النقابات العمالية: أما المادة (150) التي تقول لرئيس الجمهورية أن يدعو الناخبين للاستفتاء في المسائل المهمة التي تتصل بمصالح الدولة العليا. وإذا اشتملت الدعوة للاستفتاء على أكثر من موضوع وجب التصويت على كل واحد منها. ونتيجة الاستفتاء ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة في جميع الأحوال, ويقول منتقدون: إنه يجب إحاطة حق رئيس الجمهورية في اللجوء للاستفتاءات بضمانات حتى لا يلجأ إليها للخروج على الشرعية وأحكام الدستور.
أما المادة (52) التي تقول: حرية إنشاء النقابات والاتحادات والتعاونيات مكفولة، ولا يجوز للسلطات حلها أو حل مجالس إداراتها إلا بحكم قضائي ويرى معارضون أنه يجب أن يقتصر الحكم القضائي بالحل على مجالس الإدارات.
أما المادة (70) فتقول: يحظر تشغيل الطفل قبل تجاوزه سن الإلزام التعليمي في أعمال لا تناسب عمره أو تمنع استمراره في التعليم, ويرى منتقدون أن هذه المادة تضفي شرعية على عمالة الأطفال بالنص الدستوري حيث تسمح للطفل بالعمل.