أكد البيان الختامي ل «مؤتمر الأمن والسلام في العراق» الذي أنهى أعماله في باريس أمس، دعم بغداد سياسياً وعسكرياً في حربها على تنظيم «داعش». وأشاد بالحكومة الجديدة، متعهداً مساعدتها في توطيد الأمن والاستقرار. وغابت المسألة السورية عن البيان الختامي للمؤتمر، لكن وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل طالب بأن تشمل الغارات مواقع «داعش» في هذا البلد، وقال إن الحرب ستستغرق عشر سنوات للتخلص من التنظيم ومن النظام في دمشق. (للمزيد) وتعرض المؤتمر الذي افتتحه الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ونظيره العراقي فؤاد معصوم واتخذ قراراً بمواجهة «داعش»، لانتقاد شديد اللهجة من مرشد الجمهورية الإيرانية علي خامنئي، الذي اتهم الولاياتالمتحدة ب «الكذب»، كما انتقدته فصائل شيعية عراقية، بينها تيار مقتدى الصدر، مهددة بالانسحاب من المعركة ضد التنظيم، وبالعودة إلى المقاومة ومهاجمة الأميركيين «إذا عادوا». وكان مؤتمر باريس خرج بقرارات، منها «التمسك بوحدة العراق وسلامة أراضيه وسيادته»، وأشاد بالحكومة الجديدة برئاسة حيدر العبادي، متعهداً دعمه في «توطيد سيادة القانون، وتطبيق سياسة لتعزيز وحدة الصف الوطني، وتحقيق التمثيل العادل لجميع المكونات في المؤسسات الاتحادية والمساواة بين جميع المواطنين». وأكد المؤتمر أيضاً أن تنظيم «داعش» يمثل خطراً «يهدد العراق والمجتمع الدولي برمته»، ودان «الجرائم والفظائع الجماعية التي يرتكبها هذا التنظيم بحق المدنيين والأقليات، وشدد على ضرورة «إنهاء وجود داعش في المناطق التي يتمركز فيها بالعراق، عبر دعم الحكومة الجديدة بالوسائل الضرورية، وبالمساعدة العسكرية الملائمة» وذكَّر الحكومة العراقية بضرورة «دعم تطلعات الشعب العراقي، واحترام حقوق الإنسان في إطار اتحادي يمتثل للدستور وحقوق الأقاليم ووحدة البلاد». واتفق المشاركون في المؤتمر على «مواصلة الجهود المبذولة حتى الآن وتعزيزها وفق تطور الأوضاع الميدانية في مجال المساعدة الإنسانية وفي حالات الطوارئ المقدمة إلى الحكومة العراقية والسلطات المحلية، واستعدادهم لمساعدة العراق في جهوده لإعادة البناء بغية تحقيق تنمية عادلة لكل المناطق». من جهة أخرى، أعرب وزير الخارجية العراقي عن أسفه لغياب طهران عن المؤتمر، وقال: «شددنا على مشاركة إيران، إلا أن القرار ليس في يدنا». وقال خامنئي فور خروجه من المستشفى بعد خضوعه لجراحة في البروستات: «طلبت الولاياتالمتحدة من خلال سفيرها في العراق تعاوننا ضد داعش فرفضنا، لأن أيديهم ملطخة بالدماء». وتبدو اللهجة الإيرانية الجديدة مختلفة تماماً عن تلك التي سادت في الأيام الأولى لدخول «داعش» إلى الموصل، حين أكد الرئيس حسن روحاني أن بلاده مستعدة لمساعدة العراق، «إذا طلبت منا الحكومة ذلك»، ولم يستبعد التعاون مع واشنطن للتصدي للمقاتلين المتطرفين. ولمح معصوم الى هذا الموقف عندما قال في كلمته أمس، إن «أي تحرك ضد تنظيم داعش يجب أن يضم إيران»، مشيراً الى أهميتها «من الناحية الجيوبوليتيكية للعراق»، وأضاف: «ليس المهم أن يشارك الجميع في الحرب، بل المهم أن يشاركوا في القرار». وبالتزامن مع الموقف الإيراني، أعلن الصدر في بيان رفضه التدخل الأميركي في العراق، وهدد باللجوء الى المقاومة وقال: «قرر البيت الأسود العودة إلى الهجوم على الأراضي العراقية، أرض الأولياء والصالحين، بل والمعصومين. ولعل هذا القرار الأميركي جاء بعد ندم واشنطن على انسحابها الصوري». وأضاف: «على الحكومة العراقية عدم الاستعانة بالمحتل أياً كان ولو بحجة داعش، فلا وجود لها إلا في المخيلة، بل هي صنيعة الأميركي والعقلية الاستعمارية التفكيكية وثانيها، على المجاهدين في أي منطقة من مناطق العراق المغتصبة في حال تدخل القوات الأميركية أو غيرها براً أو بحراً ، مباشرة أو غير مباشرة، الانسحاب من تلك المناطق في أسرع وقت ممكن، فالاستعانة بالظالم ولو كان على الظالم حرام».