أوعز العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني لحكومته بالإفراج عن جميع معتقلي الحراك الشعبي المتهمين بمهاجمة القصر وتقويض نظام الحكم في البلاد. وفيما بدأت السلطات ظهر أمس بالإفراج عن المحتجزين على دفعات، قال مصدر حكومي مطلع ل «الحياة» إن «الملك عبدالله الثاني وجه الحكومة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لإطلاق الموقوفين وفق الأطر القانونية المتبعة، إثر الاحتجاجات التي تبعت قرار رفع أسعار المحروقات». وأضاف: «سيتم الإفراج عن جميع المعتقلين خلال الساعات المقبلة، باستثناء المتورطين بأعمال شغب وعددهم نحو 15 متهما». واوضحت مصادر قريبة من مطبخ القرار أبلغت «الحياة» أن القرار الملكي يشمل إطلاق 40 من أعضاء جماعة «الاخوان المسلمين»، ويهدف إلى تهيئة الأجواء الملائمة لإجراء الانتخابات النيابية المقررة مطلع العام المقبل. وكانت السلطات الأردنية اعتقلت 116 شخصا، أحيلت غالبيتهم على محكمة «أمن الدولة» العسكرية. ومع اقتراب موعد الانتخابات، فاجأت مؤسسة الجيش الرأي العام الأردني، واصدرت للمرة الاولى في تاريخها بياناً عاماً، أعلنت فيه أنها «سلمت الهيئة المستقلة بطاقات انتخابية صدرت خطأ بأسماء عسكريين تم تجنيد بعضهم عقب صدور البطاقات الخاصة بهم». وتعهدت «منع العسكر تطبيقاً للقانون من المشاركة بأي شكل في الانتخابات المقبلة أو التأثير فيها»، في إعلان جريء ونادر رأى سياسيون ومحللون أنه يهدف الى «تعزيز صدقية الانتخابات»، لكنه «يعترف ضمناً بوقوع أخطاء في الماضي تتعهد المؤسسة العسكرية علنا أمام الجمهور اليوم ألا تتكرر». وتمنع قوانين الانتخاب الأردنية العسكريين من المشاركة في الانتخابات ليبقى الجيش بعيدا عن لعبة السياسية وتجاذباتها. لكن المعارضة، خصوصا الإسلامية إلى جانب بعض المنظمات الدولية، اتهمت المملكة مرارا بالسماح لمجندين المشاركة في انتخابات سابقة لخدمة «مصالح سياسية». وفي خطوة غير مسبوقة، أكد الناطق الإعلامي العسكري التزام سلسة إجراءات احترازية وحصر الأرقام الوطنية لأفراد القوات المسلحة لتأكيد عدم حصولهم على بطاقات انتخابية. في السياق ذاته، باشرت النيابة العامة التحقيق في ملف أحالته عليها أمس الهيئة المستقلة للانتخاب يتعلق بقيام نائب سابق مثير للجدل باحتجاز آلاف البطاقات الانتخابية. وافاد مصدر مطلع بان النيابة العامة ستتعامل مع الملف وفقا للإجراءات القانونية. وأثار عضو البرلمان المنحل يحي السعود مساء أمس جدلاً واسعاً في شأن ظاهرة «المال السياسي» وجمع البطاقات الانتخابية للمواطنين في مقابل مادي، عندما عقد مؤتمراً صحافياً في مكان غير معلوم وعرض خلاله نحو 15 ألف بطاقة تعود الى مواطنين ناخبين. ولم يحدد السعود، وهو مرشح للانتخابات المقبلة وقريب من السلطات، كيفية حصوله على هذا العدد الكبير من البطاقات ولا هدف عرضها علنا، لكنه هدد بحرقها أمام الرأي العام إذا ما أقدمت الحكومة على رفع الأسعار مجددا، وهو ما اعتبر نوعاً من أنواع الدعاية الانتخابية. إلى ذلك، ضمت لجنة أمر العاهل الأردني بتشكيلها لوضع آليات لتعزيز منظومة النزاهة داخل مؤسسات الدولة، شخصيات معارضة وأخرى داخل النظام تميزت طيلة الفترة الماضية برؤية نقدية للأداء العام لمؤسسات الدولة الرسمية. وكان لافتاً أن اللجنة الملكية الجديدة ضمت أسماء بارزة بينها رئيس مجلس الأعيان طاهر المصري والخبير الدستوري محمد الحموري، إلى جانب المراقب السابق لجماعة «الإخوان» عبد المجيد الذنيبات.