في تصريح بدا لافتاً، قال العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أمس إن «هناك حراكات (لم يسمها) يستغلها بعض الدخلاء لخطف الشارع الأردني وتنفيذ أجندات خاصة»، مضيفاً أن «مثل هذه المحاولات أمر مرفوض من مجتمعنا، كما الحراكات الشعبية الحريصة على مستقبل أفضل لوطننا وشعبنا». جاء ذلك في وقت تعكف جماعة «الإخوان المسلمين» الأردنية على بحث قائمة اقتراحات داخلية تظهر، وفق ساسة أردنيين، نية الجماعة تصعيد لغة الخطاب والمواقف ما بينها وبين مؤسسات الحكم المختلفة، وذلك بعد ساعات على إعلان السلطات الرسمية إغلاق باب التسجيل للانتخابات النيابية المقبلة تمهيداً لتحديد تاريخ معين لإجرائها. وأوضح الملك عبدالله الثاني في بيان أصدره الديوان الملكي وتلقت «الحياة» نسخة منه، أن «عدداً من أبناء الوطن، ومن ضمنهم الحراكات على أنواعها، يعبر عن رأيه من خلال المسيرات وأشكال التظاهر الأخرى اليوم بطريقة سلمية وحضارية وبأسلوب نموذجي هادف، ما ساعدنا على تسريع وتيرة الإصلاح». وأكد أن هؤلاء «يمارسون حقهم الدستوري ضمن سيادة القانون، وسيكون لهم، كسائر الأردنيين، فرصة لممارسة حقهم الدستوري الآخر من خلال صناديق الاقتراع». وشدد على أن الحراك البناء «شكل في مجمله قوة دفع إيجابية لمسيرتنا الإصلاحية، وتسلط الضوء على التحديات التي تواجه أبناء وبنات شعبنا، وندعوه لمأسسة عمله عبر تبني برامج سياسية واقتصادية واجتماعية واضحة ومحددة يشارك من خلالها في الانتخابات». وأشار العاهل الأردني إلى أنه «بالرغم من اختلاف توجهاتنا السياسية، إلا أننا نتشارك في القيم نفسها، فنحن شعب واحد يجمعنا مصير واحد أيضاً»، لافتاً إلى أن الأردنيين «مقبلون على انتخابات نيابية ستشهد للمرة الأولى في تاريخ الأردن الحديث القوائم الوطنية التي تمكن المواطن من انتخاب مرشحين على مستوى المملكة، ما يعزز تطور الحياة الحزبية على مدار الدورات البرلمانية المقبلة». واعتبر أن تجاوز عدد المسجلين للانتخابات مليونين وربع مليون ناخب «يعكس حرص فئة واسعة من أبناء شعبنا ورغبتها في المشاركة بفاعلية في معالجة التحديات التي تواجه الوطن». في هذه الأثناء، قال القيادي البارز في الجماعة الشيخ عبدالله فرج الله ل «الحياة» إن «الإخوان يبحثون اقتراحات داخلية لتفعيل قرار المقاطعة الإيجابية للانتخابات». وأضاف: «هناك قائمة اقتراحات داخلية وقابلة للتنفيذ، أبرزها الإعلان عن حكومة وبرلمان شعبييْن، وذلك بسبب إصرار السلطات على إنجاز حكومات ومجالس نيابية لا تعبر عن إرادة الشارع الأردني». وأكد أن الجماعة وحزبها «جبهة العمل الإسلامي»، سيقدمان هذه الاقتراحات إلى «الشركاء في الشارع» ليتم «بحثها بشكل معمق، والخروج بصيغ نهائية لرزمة من القرارات المتعلقة بما بعد الانتخابات» المتوقع إجراؤها مطلع العام المقبل. في السياق ذاته، حذر نائب المراقب العام لجماعة «الإخوان» الشيخ زكي بني أرشيد الحكومة من اللجوء إلى خيار «تطوير الحراك الشعبي»، عقب ساعات على إغلاق باب التسجيل للانتخابات. وقال ل «الحياة» إن «الجماعة تتجه إلى التصعيد في لغة خطابها الموجهة للسلطات»، متسائلاً: «ما الذي يمنعنا من التوجه إلى خيار الاعتصامات المفتوحة؟ والسؤال هل تتحمل العاصمة عمان اعتصاماً مفتوحاً لمدة أسبوع؟». لكن الناطق باسم الحكومة الأردنية الوزير سميح المعايطة الذي ظل سنوات طويلة قيادياً في «الإخوان»، قلل من أهمية التحذير الذي أطلقه بني أرشيد، ووصفه «بغير المنطقي». وقال ل «الحياة» إن «الأردن تمثله مؤسسات وجهات رسمية». وأضاف: «في المملكة دستور قوي وقانون يحكم جميع المواطنين، والمطالبة بالإصلاح لا تتم إلا من خلال مؤسسات دستورية ووفقاً لأحكام القانون». وزاد: «من حق أي جهة سياسية، بما فيها جماعة الإخوان، أن تمتلك الآراء والمواقف، وفي المقابل عليهم أن يفهموا بأن الدولة لا تدار إلا من خلال السلطات الرسمية». وكان المعايطة اتهم «الإخوان» في وقت سابق بما أسماه «السعي إلى السيطرة على الحكم عبر الاستنكاف عن المشاركة في الانتخابات، والتلويح المتواصل بورقة اللجوء إلى الشارع». يأتي ذلك، فيما أكد الناطق باسم الهيئة المستقلة للانتخابات حسين بني هاني ل «الحياة»، إغلاق باب التسجيل للانتخابات اعتباراً من مساء أمس، متوقعاً الإعلان عن تاريخ إجراء الانتخابات المقبلة في غضون الأسبوع الجاري. وفي سياق غير بعيد، كشفت مصادر مطلعة داخل الهيئة المستقلة ل «الحياة» عن إجراء تحقيقات داخلية مكثفة تتمثل في محاولة مرشحين محتملين شراء بطاقات انتخابية من جهة المواطنين وحجزها. وأكدت أن بعض المرشحين في مناطق المملكة المختلفة، تمكن أخيراً من حجز آلاف البطاقات، سواء بعلم أصحابها أو باستخراجها واستلامها من دون علمهم. وتحدثت عن قيام مرشحين ومجموعات حزبية مدعومة من رجال أعمال، بجمع بطاقات الناخبين وحجزها لديهم إلى حين موعد الاقتراع في مقابل مبالغ مالية تعطى على دفعتين. ودعا بني هاني المواطنين الذين قيدوا أسماءهم في سجلات الناخبين ولم يستلموا بطاقاتهم بسبب حجزها من قبل أي شخص، «أن يبلغوا الهيئة على وجه السرعة». وأكد أن الهيئة «لن تتوانى عن متابعة واتخاذ الإجراءات القانونية بحق أي شخص أو جهة تحتجز بطاقة أو تحتفظ بها بطريق غير مشروعة».