بصرف النظر عن مضامين الإعلان الدستوري وحيثياته وخلفياته ومآلاته، وبغض الطرف عن المشاريع المعلنة وغير المعلنة لجماعة الإخوان المسلمين، فإن خطاب الرّئيس المصري محمد مرسي مساء 6 كانون الأول (ديسمبر) 2012 لم يقدم ما يساعد على تبديد المخاوف. خلاف ذلك، فقد زاد الطين بلة ورفع من حدة الاحتقان. وكان أن وقع في ثلاث هفوات خطابية معيبة وثلاثة أخطاء سياسية قاتلة: الهفوات: 1- ظل يكرر بعض العبارت لعدّة مرّات بقصد إبداء الحسم في الموقف. وهذا عيب خطابي يدل على الضعف والارتباك. 2- بدا عبوساً متجهماً في خطاب يفترض أنه خطاب لطمأنة المعارضة. 3- كان جسده يميل إلى الانقباض في موضع يراد به تفهم مخاوف المعترضين. الأخطاء: 1- وصف مناصريه بالمدافعين عن الشرعية. ما يعني أن معارضيه هم خارج الشرعية! وهذه طعنة أولى في خصر الديموقراطية الناشئة. 2- دعا «الأقلية» إلى الانضباط بإرادة «الغالبية» من دون أي إقرار بأي حق من حقوق «الأقلية». وهذه طعنة ثانية في خصر الديموقراطية الناشئة. 3- وجه الاتهام إلى الطرف الآخر (في حديثه عن وجود مندسين داخل صفوف الطرف الآخر)، في وقت يؤكد فيه بنفسه بأن التحقيق لم يكتمل. وهذا يعني أننا أمام اتهام سياسي يستبق القضاء، وأننا أمام ثقافة تهدد استقلال القضاء عن السلطة التنفيذية. ما يمثل طعنة ثالثة في خصر الديموقراطية. في الأخير، استعمل قاموس الطغاة أمثال حسني مبارك وبشار الأسد ومعمر القذافي: «المندسون، الإرهابيون، المحرضون، هؤلاء اعترفوا في التحقيق، جهات خارجية...»، وهذا يكفي لتأكيد المخاوف. درس أساسي لم يفهمه مرسي، هو أن هذه الثورات الجديدة، ثورات «الفايسبوك» و «التويتر» والتواصل الأفقي وقيم الحرية والكرامة الإنسانية بمعزل عن وصايا الآباء وأوهام الخلاص الإيديولوجي، لن تسمح بصعود أي ديكتاتور جديد. * كاتب مغربي