تدخل الجيش المصري أمس على خط الأزمة السياسية التي دخلت أسبوعها الثالث، فدعا في بيانٍ القوى السياسية إلى «الحوار»، وسعى إلى الإمساك بالعصا من النصف عندما تحدث بالإشادة عن «استمرار التعبير سلمياً بعيداً من مظاهر العنف»، لكنه رفض ضمناً دعوات «إسقاط النظام»، داعياً إلى تجنب الوقوع في تقديرات وحسابات خاطئة «تجعلنا لا نفرّق بين متطلبات معالجة الأزمة الحالية وبين الثوابت الاستراتيجية المؤسسة على الشرعية القانونية والقواعد الديموقراطية». وجاء بيان الجيش قبل ساعات قليلة من التئام «الحوار الوطني» الذي دعا إليه الرئيس محمد مرسي، وقاطعته رموز المعارضة الرئيسية، كما غاب عنه ممثلو الكنائس المصرية. وبدأ الاجتماع بكلمة لمرسي شدد فيها على ضرورة «التوافق» لإنهاء الأزمة، قبل أن يغادر تاركاً مسؤولية ترؤس الاجتماع إلى نائبه محمود مكي. وأفيد أن الاجتماع شهد سجالاً واسعاً بين الحاضرين، وانسحب بعد دقائق من بدايته الداعية الإسلامي صفوت حجازي والمفكر الإسلامي فهمي هويدي الذي أرجع انسحابه إلى «الارتباط بموعد آخر مهم». واستبق رموز التيار الإسلامي نتائج الاجتماع بالتصعيد الشديد تجاه المعارضين، فيما أكدت الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح «دعمها إجراء الاستفتاء في موعده»، على رغم إعلان وزير الدولة للشؤون القانونية محمد محسوب قبل بدء الاجتماع أن المناقشات ستركز على إلغاء الإعلان الدستوري المثير للأزمة، وبحث إمكان إعادة مشروع الدستور إلى الجمعية التأسيسية لبحث النقاط الخلافية حوله. وأكد بيان رئاسي أن الهدف من الحوار الوطني «مناقشة الأوضاع الحالية وسبل التوصل إلى حل للخلاف الدائر حول الاستفتاء على مشروع الدستور والإعلان الدستوري». وبدا جلياً أن الرئاسة اهتمت بحشد أعداد المناصرين لإظهار نجاح الدعوة إلى الحوار، بعدما فشلت في جذب أطراف المعارضة البارزة. وبدا من الحضور أن غالبيتهم تنتمي إلى التيار الإسلامي، الذي يدعم بالأساس الإعلان الدستوري وإجراء الاستفتاء في موعده. ولوحظ أن الأحزاب الإسلامية حضرت بممثلَيْن اثنين أو أكثر، فجاء رئيس حزب الوسط أبو العلا ماضي ونائبه عصام سلطان، كما حضر رئيس حزب النور السلفي عماد عبدالغفور وعضو الهيئة العليا في الحزب يونس مخيون، ورئيس حزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعه الإسلامية نصر عبدالسلام والقيادي في الحزب الدكتور صفوت عبدالغني، إضافة إلى رئيس حزب الأصالة السلفي عادل عفيفي. كما حضر رؤساء أحزاب صغيرة، مثل «الحضارة» (حاتم عزام) و «مصر» (عمرو خالد) و «الإصلاح والتنمية» (رامي لكح) و «مصر الحديثة» (نبيل دعبس)، فيما مثَّل القوى الليبرالية رئيس حزب «غد الثورة» أيمن نور. كما شارك في الاجتماع خمسة من المسؤولين يتقدمهم نائب الرئيس محمود مكي، وشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، ووزيرا العدل أحمد مكي، والدولة لشؤون المجالس النيابية محمد محسوب، إضافة إلى مساعد الرئيس للشؤون السياسية باكينام الشرقاوي. وكان من ضمن الحضور أيضاً أعضاء في الجمعية التأسيسية، أبرزهم استاذا القانون الدستوري جمال جبريل وثروت بدوي، وأستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية الدكتورة منار الشوربجي، إضافة إلى الدكتور سليم العوا، الذي أفيد أنه قاد في الساعات الأخيرة محاولات لحض المعارضة على الحضور. كما حضر الاجتماع نائب رئيس محكمة النقض السابق محمود الخضيري، ومحامي الإسلاميين منتصر الزيات، والناشر إبراهيم المعلم، والصحافي وائل قنديل. وكانت «جبهة الإنقاذ الوطني» وغالبية القوى الثورية أعلنت مقاطعتها ال «الحوار» مع مرسي، وأكد ل «الحياة» عضو الجبهة نقيب المحامين سامح عاشور، أن نتائج اجتماع القوى السياسية بمرسي «غير ملزم لنا»، مؤكداً أن غالبية الحاضرين من أنصار الرئيس. وعلى النهج نفسه سار مؤسس حركة شباب «6 أبريل» أحمد ماهر، الذي أكد ل «الحياة» أن حركته لن تتحاور مع الرئاسة قبل كشف المتسببين في إراقة الدماء، وتقديمهم إلى المحاكمات. وكان الجيش المصري استبق انعقاد «الحور الوطني» وأصدر بياناً هو الأول من نوعه منذ بدء الأزمة، منتقداً ما «آلت إليه البلاد من انقسامات، وما نتج عن ذلك من أحداث مؤسفة كان من نتيجتها ضحايا ومصابون»، محذراً من «مخاطر شديدة تهدد أركان الدولة المصرية، وتعصف بأمنها القومي». وأكد البيان أن «الشعب المصري الذي فوّت الفرصة على كل من أراد أن ينحرف بالثورة عن مسارها السلمي، لَقادرٌ بوعيه وإدراكه على الاستمرار في التعبير عن آرائه سلمياً بعيداً من كل مظاهر العنف التي تشهدها البلاد» حالياً، مشدداً على أن منهج الحوار «هو الأسلوب الأمثل والوحيد للوصول إلى توافق يحقق مصالح الوطن والمواطنين، وإن عكس ذلك يدخلنا في نفق مظلم نتائجه كارثية، وهو أمر لن نسمح به». وأضاف البيان: «إن اختلاف الأشقاء من المصريين بشأن آراء وتوجهات سياسية وحزبية هو أمر يسهل قبوله وتفهمه، إلا أن وصول الخلاف وتصاعده إلى صدام أو صراع أمر يجب أن نتجنبه جميعاً، ونسعى دائماً إلى تجاوزه كأساس للتفاهم بين كافة شركاء الوطن». من جانبه قال نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين خيرت الشاطر إن هناك من يسعى إلى إرباك النظام الجديد في مصر وإعاقة المسار الديموقراطي. وأضاف الشاطر، في مؤتمر صحافي للهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح: «رصدنا من مصادر مختلفة لقاءات عدة بين قوى دولية وإقليمية وداخلية لسرقة الثورة»، وأشار إلى أن الاضطراب الجاري الآن يهدف إلى «محاولة جر الإخوان إلى معركة جانبية» واصفاً إياها ب «عملية نوعية لعمل ضجة إعلامية».